14 آذار 2005، 14 آذار 2014 تسع سنوات من النضال، والتضحيات والانتصارات والخيبات والقتل والدم والشهادة، والتراجع امام استقواء القوة، والاخطاء والتنازلات، والخلافات حول ما يصحّ، وما لا يصحّ، ومع ذلك يأبى هذا الشعب، شعب 14 اذار ان يتخلّى عن ثورته واهدافها واحلامها، ويرفض ان تضيع التضحيات ودماء الشهداء، بمثل ما يرفض الخضوع الى قوى 8 اذار، وما يزال يملك الكثير من الرصيد النضالي لتحفيز قادته، او من ضعف منهم، او سقط في التجربة، او حفظ رأسه عند تغير المعادلات، للنهوض مجدداً وانتزاع انابيب العناية الفائقة، والوقوف مرة جديدة، وقفة المارد التي كانت له في 14 اذار 2005، ليس من اجل شعب 14 آذار فحسب، بل من اجل الجمهورية، والكيان والدولة والديموقراطية والحريات، والسلام، والامن، وجميع مكونات الشعب اللبناني، بمن فيها خصوم “ثورة الارز” الذين يصحّ فيهم ما قاله السيد المسيح على خشبة صالبيه: “اغفر لهم يا ابتاه لانهم لا يدرون ماذا يفعلون”.
انتفاضة 14 آذار 2005، لم تكن يوماً الغائية، ولا عدائية، ولا استئثارية، ولا دموية، ولا فكرة او عقيدة من وراء الحدود، بل هي سلمية لبنانية في وجه الظلم والاستبداد والاحتلال والوصاية من اجل الحرية والسيادة والاستقلال والكرامة الوطنية، واستهدافها بالقتل والاغتيال وضغوطات التهويل والتهديد، وشن حملات الاتهامات والتخوين، كانت بهدف القضاء عليها، او دفعها الى التخلي عن سلميتها، للفتك بها وانهائها بالقوّة والسلاح.
هذه الحالة القاسية، يجب الاعتراف انها انهكت بعض قيادات 14 آذار، واربكت آخرين، وباعدت عند حالات التنازل، بين القاعدة والقيادات، وتسببت احياناً بنوع من عدم الثقة بالنفس وبالآخرين، لكن الأكيد المؤكد، ان القوى المعادية لانتفاضة لم تستفد شعبياً من حالتي الانهاك والارباك في صفوف 14 آذار، لان التجربة اثبتت ان شعب 14 آذار يغضب على قادته او على بعضهم، ولكنه لا يذهب الى خصومهم، وانتصاراته في انتخابات العام 2009، وفي الانتخابات الطالبية والمهنية وغيرها، خير دليل على تمسك شعب 14 آذار بالاهداف التي ثار من اجل تحقيقها في العام 2005.
بعد الهزات المؤلمة التي حصلت داخل 14 آذار، بابتعاد رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عنها، والخلافات غير الجوهرية التي تسببت بخروج احزاب الكتلة الوطنية والوطنيين الاحرار، والتجدد الديموقراطي، والكتائب اللبنانية من الامانة العامة لقوى 14 اذار، وعودة الكتائب بعد حل هذه الخلافات.
وبعد الخلافات الاكثر حدّة وخطورة في وجهات النظر بين حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل وبعض المستقلين في 14 آذار، على خلفية المشاركة في الحكومة الحالية.
وبعدما احتفلت قوى 14 آذار بذكرى ثورتها المجيدة امس، بنية واضحة في البقاء ضمن البيت الواحد، على قيادات 14 آذار اولا، والامانة العامة ثانية، واجب الدخول في ورشة سريعة من اعادة التأهيل والترميم والتصويب، بوضع جميع الاخطاء والتنازلات السابقة على الطاولة، في حوار مفتوح ومعمق وصريح للخروج بحل من الاثنين إما اعادة الوهج والفاعلية واللحمة الى قوى 14 آذار، واما اعلان وفاة 14 آذار والافتراق بحب وسلام، وكل ذكرى وانتم بخير.