المصدر: إليسار حبيب ـ الجمهورية
تبادُل الأزواج المعروف بالـ»Echangisme» والمُنتشِر كثيراً في البلدان الاوروبية، أو ممارسة الجنس الجماعي المعروف بالـ»Orgie»، ظاهرتان ليستا بعيدتَين مِن مُجتمعاتنا العربيّة عموماً واللبنانية خصوصاً، فلقد شَهدتا انتشاراً واسعاً في الآونة الاخيرة. فهل يُدينهما القانون؟ وهل يندرجان ضمن الأمراض النفسيّة؟ وما هو رأي الجمعيّات الأهليّة بهذه الظاهرة؟
“بدأنا نعيش في مجتمع الايحاءات الجنسية والفجور الجنسي»، عبارة ردّدها اختصاصيّون نفسيّون واجتماعيّون ومحامون وغيرهم من الأشخاص المطّلعين عن كثب على هذه القضايا «الغريبة» عن مجتمعاتنا وتقاليدنا وقيَمنا.
ولم نكن نفهم مدى خطورتها الى حين سمعنا قصصاً مختلفة من أصدقاء لنا وأشخاص آخرين بالكاد نعرفهم، تتمحور كلّها حول الممارسات الجنسية غير الطبيعية، والتي تخطّت الحدود المعقولة والمقبولة.
بَين امرأتين
ومن هذه الروايات، أنّ شابّاً أنيقاً يتفاخَر أمام عدد من صديقاته بقدراته الجنسية الهائلة، قائلاً: «في تلك الليلة كنتُ جالساً على البار، فأعجبتُ بامرأة سمراء طويلة القامة وممشوقة دخلت الحانة بمفردها ولفتت أنظار الجميع بملابسها المغرية، فاقتربتُ منها وقدّمت لها كأساً من الويسكي كانَ وسيلتي الاساسية لمحادثتها.
وبعد أن تكلّمنا ومزحنا وضحكنا، عرضتُ عليها مرافقتي الى الشاليه القريب من الحانة فرحّبت بالفكرة وقبلت بلا تفكير». وفي ذلك الحين، لم يَبدُ على وجوه الفتيات الصدمة أو الدهشة، لأنّ المشهد طبيعيّ ويحدث آلاف المرّات.
وتابعَ الصديق قصّته الشيقة مؤكّداً: «بعد ممارستنا الجنس في الشاليه، إستأذنَتني واتّصلت بصديقة لها وطلبَت منها الحضور… فجاءت امرأة شقراء تضاهي السمراء جاذبية وجمالاً، فاعتقدتُ أنّها ستصطحبها الى منزلها».
هنا بدأ الفضول يظهر على وجوه الفتيات اللواتي شَعرن بالقرف والاشمئزاز عندما علِمن أنّ صديقهنّ مارس الجنس مع الفتاتين، مبرّراً: «لم أكن أعلم بأنّ الفتاتين من مُحبّات الجنس الجماعي، ولم يخيّل إلي بأنني سأعيش هذه التجربة معهما».
حاول خيانتها… فصُدم
ومن المشاهد القليلة المنتشرة بكثرة في مجتمعاتنا، والتي تمكّنت «الجمهورية» من الاطّلاع عليها، رجل لم يمضِ على زواجه أسابيع معدودة، قرّر في إحدى الليالي المظلمة اصطحاب فتاة جميلة كان التقاها صدفة، ومضى بها الى شقّته الصغيرة النائية، والتي لا تعلم زوجته بوجودها «لضَرورات جنسية».
وبينما هما في طريقهما الى «مركز المتعة واللذة»، عرضت الفتاة على الرجل «الخائن» بأن يمرّا لاصطحاب صديقتها مؤكّدةً له: «سنجعلك تعيش تجربة فريدة تترسّخ في ذاكرتك مدى العمر». قَبِلَ الرجل من دون تفكير «فتواجُد رجل بين امرأتين شعور يُغري كلّ مَن يبحث عن اللذة والمتعة القصوى».
ولكنه بدأ يشعر بالقلق والحيرة عندما طلبت منه الفتاة أن يسلك طريقاً يحفظه عن ظهر قلب «فكانت تطلب منّي أن أتوجّه الى الطريق الذي يوصلني الى منزلي «الزوجي» وليس شقّتي، وقد شعرتُ بالارتباك لدرجة خيّل إليّ بأنّ هذه «الفتاة العشيقة» قد اتفقَت مع زوجتي مُسبقاً لتلقيني درساً لن أنساه مهما حَييت».
ولكنّ المفاجأة الفعلية والصدمة الحقيقية التي تلقّاها كانت باكتشافه أنّه كاد يمارس الجنس الجماعي مع حبيبته الجديدة وزوجته «فصديقة هذه الفتاة لم تكن سوى زوجتي السابقة». وقد قدّم دعوى الطلاق بعد أن استفاق من صدمته.
عرضَ عليها المال لتقبل
ومن القصص التي استرعَت انتباهنا، إمرأة خمسينية كانت تعيش حياة رغيدة مع زوجها الى أن «ضَجر منيّ وبات يخونني مع نساء أخريات يُحضِرهنّ الى المنزل ويقوم بفِعلته أمام عينيّ». لم تطلب أمل الطلاق من زوجها «فلا أريد لأولادي أن يعيشوا في كنف عائلة مفككة وينشطروا بين والدين مطلّقين»، بل قبلت بوضعها هذا راضخةً الى مصيرها وقدرها.
لكنها في الآونة الاخيرة باتت تتعرّض للكثير من المضايقات التي لم يعد بمقدورها احتمالها «فذات يوم، فوجئتُ بضَيفين (رجل وامرأة) قادمَين مع زوجي الى المنزل، فاستقبلتهما أحسن استقبال وقمتُ بواجبي تجاههما على أكمَل وجه، الى حين طلب منّي زوجي أن أوافيهم جميعهم الى الغرفة لنمارس الجنس سوياً».
رفضَت القيام بهذا التصرّف «اللاأخلاقي والمُشين، فتعرّضتُ للضرب ولعُنف زوجي اللفظيّ والجسدي». ولم ينتهِ الامر عند هذا الحدّ «بل بدأ يعرض عليّ مبلغاً كبيراً من المال في كلّ مرّة أقبل فيها مجاراته بجنونه الجنسي هذا». لكنّ أمل لم تقبل بهذا العرض أبداً، فهل مَن يحميها؟ وهل يدين القانون فِعلة زوجها؟
القانون يضعه في خانة الدعارة
لم تلجأ أمل الى أيّ مؤسسة لحمايتها «فأنا أخاف من ان يكتشف زوجي الامر، وأخاف من تعنيفه لي ومِن أن يحرمني أولادي». كذلك، هي لا تعلم بوجود نصّ قانوني يحميها ويزجّ بزوجها في السجن.
وللاستفسار أكثر عن المعلومات القانونية حول هذه القضية، كان لنا اتّصال مع المحامي المسؤول عن القسم الجنائي في شركة Mena City Lawyers للمحاماة، حسين الازان، الذي أكّد أنّ «ظاهرة الجنس الجماعي منتشرة في مجتمعاتنا بحيث توَلّينا أكثر من قضّية مماثلة، وقد قدمت إلينا من البلدان الاجنبية، إلّا أنّ القانون اللبناني يمنعها ويدرجها في خانة الحضّ على الفجور الجنسي».
وأوضح قائلاً: «ما مِن نصّ قانوني واضح يمنع الزوج من أن يطلب من زوجته ممارسة الجنس الجماعي، وإنّما ثمّة بند في قانون العقوبات يُدرجه ضمن الحَضّ على الفجور والتعرّض للأخلاق والآداب العامّة».
وأشار الى أنّ «المادة 634 من قانون العقوبات تعاقِب الرجل الذي يطلب من زوجته ممارسة الجنس جماعياً بالحبس، وتقول حرفياً: كلّ مجامعة على خلاف الطبيعة يُعاقَب عليها بالحبس حتّى سنة واحدة، إلّا أنّه يتلقى عقوبات تخفيفية في حال حَرّضها ولم تقبل بذلك، باعتبار أنّ الجُرم لم يتمّ».
هل يُدرج القانون هذا الطلب ضمن الدعارة؟ ردّاً على هذا السؤال، أجابَ الازان: «في حال عرضَ الزوج على زوجته المال لقاء ممارستها الجنس الجماعي، فإنّ ذلك يندرج ضمن الدعارة، والقانون يعاقبه بالسجن لمدة سنة بجُرم التحريض على ارتكاب الدعارة، مع ضرورة توفّر الاثباتات».
ويُدرجه ضمن الامراض النفسية
أدرجَ القانون الحضّ على ممارسة الجنس الجماعي لقاء مبلغ من المال في خانة جُرم الحَضّ على ارتكاب الدعارة، وأدانه بالسجن في مواد قانون العقوبات، ولكن ماذا يقول عنه علم النفس؟ وهل يعتبره من الامراض النفسية؟
“دخلت ظاهرة الجنس الجماعي، التي كانت رائجة في الحقبة الرومانية على مجتمعنا اللبناني عموماً وفي أوساط المجتمع المُخملي خصوصاً، وظهرت أندية سرية خاصة يُطلق عليها تسمية Club D›echangisme تساعِد الازواج على اللقاء وممارسة الجنس جماعياً». هذا ما أوضحه الاختصاصي في علم النفس العيادي والتوجيه العائلي والجنسي د. نبيل خوري في حديثه معنا.
وقد مانَعَ خوري «مؤيّدي هذه النظرية المغلوطة التي تقول إنّ: الجنس الجماعي يساعد الزوجين على الخروج من الروتين وتعزيز زواجهما أكثر»، معتبراً إيّاها «ظاهرة نفسية مَرضية، لأنّ القواعد الاجتماعية والذهنية والانسانية والتفاعلية والدينية تحتّم علينا الوفاء لشريك واحد».
وتابعَ خوري مؤكّداً أنّ «طابع حفلات المجون الجنسي حيث يمارس الموجودون الجنس جماعياً من دون أيّ رادع هو غرائزي ومصنّف ضمن إطار الانحرافات الجنسية Perversite، ويكون مرتكبوها يعانون مجموعة مُركّبات نَقص ومشاكل تفاعلية وعلائقية، وحتّى مشاكل نفسية عصبية شاملة».
وقد دعا النساء اللواتي يطلب منهنّ أزواجهنّ مجاراتهم بجنونهم الجنسي هذا الى «اللجوء الى القانون الشرعي والديني والقانون المدني، وذلك بتهمة الإكراه على ممارسة الجنس مع الآخرين»، محذّراً من أثره «النفسي السلبي في المرأة والاولاد الذين تتكوّن في نفوسهم مجموعة من العُقد النفسية ما يوصِلهم حتماً الى الاضطرابات العامة».
»كفى»… للحماية وتقديم المشورة
تستقبل مؤسسة «كفى عنفاً واستغلالاً»، النساء المعنّفات لفظياً وجسدياً وجنسياً واجتماعياً، «إلّا أننا لم نستقبل العديد من الحالات التي يفرض فيها الزوج على زوجته ممارسة الجنس مع أزواج آخرين وحَثّها على الدعارة»، هذا ما أوضحته المرشدة الاجتماعية في «كفى»، ريما أبي نادر، مُرجعةً السبب ربّما الى «صدمة المرأة في الدرجة الاولى من تصرّفات زوجها الشاذّة، خصوصاً إذا كانت تحبّه، ومن خَجلها في التطرّق الى هذا الموضوع بصراحة»، مشيرةً الى «أننا نستقبل حالات تُخبرنا فيها المرأة مثلاً بأنّ زوجها تركها برفقة صديقه وكأنّه يَحثّها على ممارسة الجنس معه، لكننا لم نصادف حالاتٍ يحرّضها فيها على ممارسة الجنس الجماعي».
وفي حال استقبلت «كفى» مثل هذه الحالات «فإننا نقدّم للمرأة الحماية والاستشارات القانونية والنفسية والاجتماعية، ونُطلعها على الاثباتات الواجب توافرها لترفع على زوجها دعوى، كي لا ترضخ لأهوائه الجنسية الشاذّة، خصوصاً إذا مارس عليها بعض الضغوطات ولم تتمكّن من مواجهته».
وختمت أبي نادر حديثها داعيةً النساء المعنّفات بهذا الشكل الى «التحرّك اجتماعياً وقانونياً لوضع حدود لأزواجهنّ، بهدف حماية أولادهنّ من هذه الجريمة التي تنعكس سلباً على نفسياتهم».
الجنس الجماعي وحفلات المجون الجنسي باتت منتشرة في مجتمعاتنا بشكل كبير، وهذا ما أكّده القانون وعلم النفس والجمعيات الاهلية، وعلى مَن يعاني ضغوطاتهما التحرّك لمحاولة الحدّ من آثارهما السلبية في الفرد والمجتمع.