الحكومة اللبنانية على وشك البدء بورشة عملها المئة يوم، ورشة عمل كما اعلن وزارؤها للبدء بتنشيط الاقتصاد الذي يعاني من الركود بسبب الاوضاع السياسية والتوترات الامنية.
وفي موازة انشغال الحكومة بنيل الثقة، تقارير اقتصادية بدأت تلوح في الافق واضعة لبنان في المراتب المتدنية لناحية النمو الاقتصادي والنظرة المستقبلية للعديد من القطاعات، ومن بين هذه التقارير ما صدر عن بنك الاستثمار الاقليمي والذي وضع لبنان في المرتبة العاشرة بين 11 دولة على مؤشر خريطة المخاطر الاقتصادية، هذا التقرير ترافق مع تقرير اخر صدر عن مؤسسة التصنيف الدولية موديز والتي حافظت على النظرة السلبية للاقتصاد، هذه التقارير وان اظهرت بشكل اوباخر وضع لبنان الاقتصادي الا انها وضعت تحد امام الحكومة الجديدة للخروج من هذه التصنيفات والا فأن لبنان يدخل في نفق مظلم يطال كافة قطاعاته، فهل ستتمكن هذه الحكومة من تغيير النظرة الدولية؟
لبنان في المرتبة العاشرة
وضع بنك الاستثمار الاقليمي «Hermes EFG» تقريرا صنف فيه لبنان في المرتبة العاشرة بين 11 دولة عربية على مؤشر خريطة المخاطر الإقتصادية (Macroeconomic Heatmap) للعام 2014، أي أنها تُعدّ تراجعاً عن المرتبة التاسعة التي سجّلها لبنان في العامين 2012 و2013، وانخفاضًا عن المرتبة السابعة في العام 2011 وتراجعاً عن المرتبة الثامنة في العام 2010.
وتقدّم لبنان على مصر فقط على مؤشر خريطة المخاطر الإقتصادية للعام 2014، مما يعكس التحديات السياسية والاقتصادية المستمرّة في كلا البلدين.
ويعطي المؤشر نظرة شاملة ونقاطاً للمقارنة في مختلف انحاء المنطقة العربية، عاكساً التغيّرات في توقعات النمو والمؤشرات الاقتصادية المتأثرة بالتطورات السياسية الاخيرة. ويتكوّن من 17 متغيرا مستقلا ضمن 4 فئات، هي مؤشرات النظرة المستقبلية للنمو مع ثقل 35% في المؤشر، المؤشرات الرئيسة الاخرى للاقتصاد الكلي» (30%)، المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية» (25%) و«قدرة الاستثمار في سوق الاسهم» (10%).
ولفت المصرف الى ان ثقل الفئات تغيّر في العام 2011، آخذا في الاعتبار الاخطار السياسية المتزايدة والتغيّرات في الاسس الاجتماعية-الاقتصادية والتي تُعتبر ذات اهمية متزايدة للمستثمرين. كذلك حدّد نقاطاً للمتغيرات المستقلة في كل فئة تتراوح بين 100 و68 نقطة لفئة الاقوى، وبين 67 و34 نقطة لفئة الاوسط، وبين 33 نقطة وصفر لفئة الاضعف.
وسجّل لبنان 52,9 نقطة من اصل 100 على حدٍ أقصى. واعتبر المصرف أن تشكيل الحكومة الجديدة في شباط هو خطوة إيجابية نحو بيئة سياسية أكثر استقراراً، وذلك أساسا في سياق تدهور الوضع الأمني في الأشهر القليلة الماضية.
ومن المتوقع أن هذا الوضع ليس من المرجح أن يحفّز النشاط الاقتصادي بشكل كبير نظرا للمخاطر السياسية الكبيرة، وتوقع المصرف أن ينمو الاقتصاد اللبناني بنسبة تقل عن 2% من حيث القيمة الحقيقية هذا العام مقارنة بنسبة نمو1,5% في العام الماضي. وأشار الى أن مخاطر الاقتصاد الكلي تبقى بسبب تدفقات رأس المال المستمرّة ومستوى الاحتياطيات الكافية من العملات الأجنبية.
وصنّف المصرف النمو الاقتصادي في لبنان في فئة الاضعف، كما في مصر والمغرب، وصنّف لبنان في فئة الاوسط من حيث مكانته في الاقتصاد العالمي إلى جانب الجزائر، والبحرين، والأردن. وجاء لبنان في فئة الأضعف أيضاً من حيث تنفيذ الاستثمارات، إلى جانب الجزائر، والبحرين، ومصر، والأردن والكويت.
غير أنه حلّ في فئة الاقوى من حيث النمو السنوي في التسليف الى القطاع الخاص، ومن حيث نسبة الإحتياطي من العملات الأجنبية إلى الناتج المحلي الإجمالي، ومن حيث معدّل التغيير السنوي في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي. لكنه جاء في فئة الاضعف في فئتي نسبة عجز كلّ من الموازنة العامة والحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي، وفي فئة نسبة كلّ من الدين الخارجي القصير الأجل والحساب الجاري إلى الإحتياطي من العملات الأجنبية.
أيضا، صنّف المصرف لبنان في فئة منخفض» من حيث مدى وعمق سوق الأسهم، مع الجزائر، والبحرين، والأردن، وسلطنة عمان، وقطر في حين صنّف لبنان في فئة مرتفع من حيث ولوج المستثمرين الأجانب الى سوق الأسهم، مع البحرين، ومصر، والأردن، وسلطنة عمان.
كما اعتبر المصرف ان الحوكمة والإطار التنظيمي في سوق الأسهم هما في مستوى «متوسط» في لبنان، كما في البحرين، ومصر، والأردن، والمغرب، وقطر، والسعودية، والامارات.
وفي موازاة ذلك، اعتبر ان لبنان لديه مستوى منخفض من ناحية استقرار الحكومة وفعاليتها، كما في الجزائر، والبحرين، ومصر، والكويت، وأن لديه مستوى مرتفع من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية كالجزائر، والبحرين، ومصر، والأردن، كما واعتبر أن لبنان لديه مستوى مرتفع من ناحية المخاطر الجغرافية السياسية الى جانب البحرين.
نظرة مستقبلية سلبية
وفي موازة ذلك أبقت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية على نظرة مستقبلية سلبية للنظام المصرفي اللبناني وعزت ذلك إلى مستوى الانكشاف الكبير للبنوك على أوراق مالية حكومية تصنيفها «B1» وضغوط في جودة الأصول من جراء النمو الاقتصادي الضعيف.
وأشارت الى أن الحاجة إلى تجنيب مخصصات كبيرة وعدم توليد أعمال جديدة تذكر سينال من ربحية القطاع إضافة إلى تداعيات الصراع في سوريا والتوترات السياسية الداخلية، وتوقعت أن يظل مناخ العمل للبنوك اللبنانية صعبا في ظل توقعات لنمو الاقتصاد 2% في 2014 مقارنة مع متوسط بلغ 8% بين 2007 و2010 وارتفاع عجز الميزانية إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 مع اعتماد الحكومة على البنوك المحلية لتدبير التمويل.
وأضافت موديز أن نمو الائتمان في 2014 سيدور بين 6% و9% مقارنة مع متوسط نمو سنوي قدره 24% في الفترة من 2007 إلى 2010.
إرتفاع ديون لبنان
تبيّن إحصاءات جمعيّة المصارف في لبنان إرتفاعاً في الدين العامّ اللبناني بنسبة ٠٫٣٣٪ خلال شهر كانون الأوّل من العام ٢٠١٣ إلى ٩٥،٦٦٩ مليار ل.ل. (٦٣٫٤٦ مليار د.أ.)، من ٩٥،٣٥٩ مليار ل.ل. (٦٣٫٢٦ مليار د.أ.) في شهر تشرين الثاني.
ولا يزال القطاع المصرفي اللبناني مصدر التمويل الرئيسي للقطاع العامّ بحيث شكّلت حصّته ٥٣٫١٪ من إجمالي الدين المعنون بالليرة اللبنانيّة، يتبعه مصرف لبنان ٣٠٫٥٪) والقطاع غير المصرفي ( ١٦٫٤٪).
أمّا لجهة توزيع الدين العامّ المعنون بالعملات الأجنبيّة، فقد تمركزت الغالبيّة الساحقة منه في خانة سندات خزينة الحكومة اللبنانيّة بالعملات الأجنبيّة (يوروبوند) (٩٠٫٣٪)، تلتها التسهيلات الممنوحة بواسطة الإتّفاقيّات المتعدّدة الأطراف (٤٫٧٪) والإتّفاقيّات الثنائيّة (٣٫٩٪) والقروض الممنوحة خلال مؤتمر باريس ٢ (%٠٫٥).
وقد تراجع متوسّط إستحقاق سندات دين الحكومة اللبنانيّة المعنونة بالليرة اللبنانيّة إلى ٣٫٤٩ عاماً خلال شهر كانون الأوّل ٢٠١٣، مع تسجيل معدّل وسطيّ للفائدة بلغ ٦٫٨٦٪ سنويّاً، مقارنةً مع متوسّط إستحقاق بلغ ٣٫٥٦ عاماً ومعدّل وسطيّ للفائدة كانت نسبته ٦٫٨٧٪ في نهاية شهر تشرين الثاني.
أمّا لجهة الديون المعنونة بالعملات الأجنبيّة، فقد إنخفض متوّسط تاريخ الإستحقاق إلى ٥٫٦٠ عاماً مع نهاية شهر كانون الأوّل ٢٠١٣ ، مقابل ٥٫٦٦ عاماً في شهر تشرين الثاني، علماً أنّ متوسّط الفائدة قد إرتفع من ٦٫٤٩٪ في شهر تشرين الثاني إلى ٦٫٥٠٪ في الشهر الأخير من العام ٢٠١٣.