وأَضاف عباس، في كلمة له في افتتاح أعمال المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعقد برئاسته ويستمر يومين، أن “الحكومة المقبلة ستأتمر بسياستي. أنا أعترف بإسرائيل وأنبذ العنف والإرهاب، وملتزم بالالتزامات الدولية”.
ويشكل حديث عباس أبلغ رد على مطالب إسرائيلية وأميركية ودولية بضرورة اعتراف الحكومة الفلسطينية، التي تقرر تشكيلها بالتوافق بين حركتي فتح وحماس، بالاتفاقات الدولية. وكانت إسرائيل رفضت بشكل قاطع اتفاق المصالحة بين الحركتين، وردت بعقوبات اقتصادية على السلطة الفلسطينية ووقف الاتصالات المتعلقة بمفاوضات السلام، التي ترعاها الولايات المتحدة. فيما قالت واشنطن إنها ستراقب أداء الحكومة المنتظرة.
ورفض عباس التدخل الإسرائيلي في موضوع المصالحة مع حركة “حماس”، قائلا إنها “شأن فلسطيني داخلي”. وسخر من اعتراض إسرائيل على التصالح مع الحركة بوصفها “إرهابية”، متسائلا “إذا كان الإسرائيليون يقولون إن حماس (إرهابية) فلماذا عقدوا معها اتفاقيات؟ ألم يعقد الإسرائيليون اتفاق تهدئة معها برعاية الشيخ مرسي (الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي)؟ إذا نسيتم أذكركم. وكانت هنا أيضا وزيرة خارجية أميركا (السابقة) هيلاري كلينتون، حيث حملت (كلينتون) اتفاق التهدئة ووقعوا عليه. فلماذا ممنوع علي أن اذهب أنا (ومسموح لإسرائيل)، ما معنى ذلك؟”.
وأضاف: “لسنا ضد الاتفاق، واحترمنا التهدئة، وقلت ذلك لصحافيين إسرائيليين زاروني قبل يومين هنا في مقر الرئاسة. حماس جزء من شعبنا، وإسرائيل شريكنا. وأنا لا أستطيع أن أستغني لا عن شعبنا ولا عن شركائنا”.
وفاخر عباس بأن اتفاق المصالحة مع حماس أنهى مخططا لتقسيم فلسطيني عبر إعطاء الضفة الغربية حكما ذاتيا وضم غزة إلى مصر. وقال “منذ وعد بلفور (العام 1917)، كان المخطط إقامة حكم ذاتي في الضفة وضم آلاف الكيلومترات إلى غزة وإعلانها مستقلة. الآن كسرنا ذلك عبر المصالحة”.
والمصالحة مع “حماس” واحد من بين الملفات “الأهم”، التي سيناقشها المجلس المركزي لمنظمة التحرير، في اجتماعه الذي سيستمر اليوم كذلك، ضمن دورته الـ26، التي يعقدها تحت شعار “دورة الأسرى وإنهاء الانقسام”. ويناقش المركزي، أيضا، مستقبل السلطة الفلسطينية في ظل توقف المفاوضات مع إسرائيل. ودعا عباس أعضاء المجلس المركزي والخبراء إلى التفكير في شكل الانتخابات المقبلة، إن كانت ستخص المجلس التشريعي (بمثابة برلمان) للسلطة الفلسطينية أم برلمان الدولة، وإن كانت ستشمل انتخابات رئيس السلطة أم رئيس الدولة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية إن “عباس يفكر في مسألة وضع دستور للدولة الفلسطينية تمهيدا لإجراء انتخابات للدولة، وليس السلطة، معلنا بذلك انتقال السلطة إلى دولة”. وبحسب المصادر فإن ذلك يعني “انتهاء دور السلطة الانتقالية وإعلان الدولة، وبذلك تصبح إسرائيل رسميا آخر دولة في العالم تحتل دولة مثلها”.
ولمح عباس ضمنا إلى ذلك، أمس، قائلا إن على إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها في الأراضي الفلسطينية إذا ظل الجمود يكتنف العملية السلمية. لكنه أبدى في الوقت ذاته اهتمامه بتمديد مباحثات السلام مع إسرائيل حتى بعد أن علقتها الأخيرة ردا على إعلان المصالحة مع “حماس”.
وجاء قرار إسرائيل فيما كان الطرفان، الفلسطيني والإسرائيلي، ما زالا يبحثان سبل تمديد مفاوضات السلام قبل انتهاء مهلتها المقررة بعد غد (الثلاثاء). وقال عباس “نوافق على التمديد ثلاثة أشهر نضع فيها خرائطنا على الطاولة (من أجل ترسيم الحدود) على أن توقف إسرائيل الاستيطان بشكل كامل حتى الانتهاء من الخرائط، وتفرج عن الدفعة الأخيرة من أسرى ما قبل (اتفاق) أوسلو (عام 1993). أما غير ذلك فنقول لإسرائيل تفضلي وتسلمي مسؤولياتك”، في إشارة إلى حل السلطة الفلسطينية وتحمل إسرائيل مسؤولية الضفة الغربية.
وجدد عباس رفضه الاعتراف بيهودية إسرائيل، وتعهد بأنه لن يوقع اتفاق سلام يتضمن ذلك أو من دون أن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، أو بالتنازل عن حق عودة اللاجئين. وتنتهي أعمال المجلس المركزي اليوم، في أول اجتماع له منذ عامين. وكان آخر اجتماع عقده في 2011 وقرر الانضمام إلى المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة.
ويناقش المركزي في دورته الحالية تقريرا قدمه عباس، وتقريرا آخر من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وتركز التقارير على العملية السياسية ومستقبلها، والأوضاع في مدينة القدس، والاستيطان والأسرى والمصالحة الوطنية، وتفعيل دور المجلس المركزي، وتفعيل المقاومة الشعبية، ومعركة الانضمام إلى باقي المؤسسات الدولية.
من جانبها، وصفت حركة “حماس” خطاب عباس بـ”الإيجابي” و”المهم” والذي يجب “المراكمة عليه”. وقال الناطق بلسان الحركة، فوزي برهوم: “خطاب الرئيس عباس أمام المجلس المركزي اعتراف وإعلان بفشل خيار المفاوضات مع الاحتلال وخطورتها على ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني والذي كان يستدعي إعلان إنهائها والانسحاب منها تماما”. وأضاف برهوم على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “أما حديثه (عباس) عن عدم الاعتراف بيهودية الدولة والتمسك بخيار عودة اللاجئين وإطلاق سراح الأسرى وضرورة إنجاز المصالحة فهو حديث إيجابي ومهم يجب تطويره والمراكمة عليه”.