دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لضرورة الإبتعاد عن الصراعات والمحاور الخارجية، في إشارة الى الحرب الدائرة في سوريا، وعدم الاستعانة بالخارج لتحقيق الدور والغلبة في الداخل، مشدّدًا على التمسك بإعلان بعبدا لتحييد لبنان عن النزاعات الإقليمية، هذا الاعلان المتمم للميثاق الوطني والذي يخفف من مآسي لبنان.
كلام سليمان جاء خلال مصالحة بريح الشوفية برعايته وبحضور النائب وليد جنبلاط والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ووزيرة المهجرين أليس شبطيني، إضافة الى النائب جورج عدوان عن كتلة “القوات اللبنانية”، والنائب ألان عون ممثلاً “التيار الوطني الحر”، والنائب محمد الحجار عن كتلة “المستقبل”، وجميع أعضاء “جبهة النضال الوطني”، إضافة الى عدد من الشخصيات الإجتماعية والدينية وأهالي البادة.
سليمان توجّه الى النواب والوزارء، مبديًا إصراره على أنّ الدولة الواحدة تكون بجيشها الواحد الذي يمسك وحده السلاح هي القادرة بالدفاع عن الوطن وكسر الفيتوات الطائفية والامن الذاتي، والكافلة بتأمين عودة المهجرين وتأمين العيش المشترك الحرّ. وأكّد أنّ الدولة من دون إرادة المواطنين لا تستطيع العمل على تحصين هذا العيش.
وذكّر أطراف الحوار بتعهّدم تنفيذ إعلان بعبدا، مؤكّدًا أنّ الوطن لا يقوم إلا على ما يتعهّد أهله عليه، داعيًا الى ضرورة الحفاظ على المناصفة في المجلس النيابي، وتنفيذ مقررات جلسات الحوار، منوهًا بالنائب وليد جنبلاط بأنّه كان خير شريك.
وتوجّه الى البطريرك الراعي بالقول: “مع غبطتكم نعيد الطمأنينة الى الجبل ونصنع جبالاً من الطمأنينة في لبنان وفي الشرق.
ولفت الى أنّ لقاء اليوم يؤكّد الثوابت ويشكل ملاذًا آمنًا للحفاظ على السلم الأهلي، وهو لقاء الوفاء والمصالحة والتاريخ المشترك والتأكيد على المستقبل الواعد، مشيرًا الى أنّ بريح كانت مسرحًا لحروب أكبر منها وأهلها كانوا دومًا الضحية، متوجهًا الى أبناء بريح الأصيلين بأنّه بعد التهجير والفرقة حلّ اللقاء، ونحن أمام الحقيقة الناصعة. وأكّد أنّ الإيمان ينمو من الوجع والمعاناة.
وخنم شاكرًا كلّ من ساهم في هذه المصالحة على مدى سنوات لإقفال هذا الجرح النازف منذ ثلاثة عقود، على أمل إستكمال ملفات عودة أخرى في القريب القادم.
بدورها، أكّدت شبطيني أنّ مصالحة بريح هي لختم جرحًا من جراح الحرب الأهلية وانتصار الوحدة والعيش المشترك، مؤكّدةً أنّ وزارة المهجرين أصبحت اليوم وزارة العودة. ووصفت هذا اليوم بالوطني والتاريخي بامتياز، آملةً هدم الحواجز الطائفية والمذهبية، ومهنّئةً أهالي بريح بالعرس الوطني.
وبعد الكلمات، وضع سليمان وجنبلاط والراعي حجرَي الأساس لكنيستي مار الياس ومار جرجس في بلدة بريح، تزامنًا مع تلاوة الصلوات. من بعدها انتقل المشاركون الى بيت الضيعة الجديد لتدشينه في المناسبة. من ثمّ الى قصر المختارة حيث رحّب جنبلاط بالرئيس سليمان قائلاً: “كان من الرجال الرجال، معه كنا في السفينة التي قادها عبر الصعاب وأوصلها الى برّ الأمان، ومعه سنبقى”. وأضاف: “المختارة ستبقى وفية لكم يا فخامة الرئيس فأهلا وسهلا بكم”.
بدوره، شكر سليمان جنبلاط على هذه المصالحة، وأهالي الجبل على عاطفتهم ووفائهم وترحيبهم به، لافتًا الى أنّ المختارة أنبتت الشهيد كمال جنبلاط ووليد بك جنبلاط وأقلّ ما يقال فيه أنّه بيضة القبان، ولكن البلد بحاجة الى بيضتين.
وأكّد أنّ الخصام لا يصنع دولة، ويجب التطلّع الى تعاون الأقوياء لبناء الدولة، مشيرًا الى أنّ مذكرة بكركي كانت تأكيد وتأييد لكلّ ما قامت بعبدا. وإذ دعا الى استمرار التعاون ضمن رؤية الإستراتيجية الدفاعية التي تحفظ وتصون الجميع، أكّد سليمان أنّ المؤتمرات التأسيسية تثير القلق في نفوس اللبنانيين، ولا يمكن للقرار السياسي أن يتجاوز الدستور، بل هو للحفاظ على الأمن.
واستذكر سليمان وقوف جنبلاط الى جانبه والى جانب الجيش اللبناني بجرأة وشجاعة في الأزمات الكبرى في حرب الجنوب بمحاربة العدو الإسرائيلي، قائلاً: ” ما فعلناه سويا علينا المحافظة عليه، وسنقرع دائمًا ناقوس الخطر عندما يتهاون السياسيون في الدفاع عن الوطن وعن الدستور اللبناني”.
وختم سليمان بالقول أنّ الشوف استعاد خصوصيته واستعاد بيت الدين سيّد القصر، وبيت الدين والمختارة “بيضتين”.