لماذا لا تلتزم الحكومات تطبيق بعض التشريعات والقوانين الضريبيّة وتصويبها؟ القعقور: التغاضي عن راتب شهري للمعوّق والتنزيلات العائليّة
سلوى بعلبكي
ننطلق من القضايا التي تثيرها “النهار” كل فترة عن معوقين لا يجدون من يعيلهم ولا من يشغلهم فيقبعون في بيوتهم ينتظرون حسنة من هنا أو من هناك، لنضيء على بعض القوانين المجمّدة التي لم تصدر المراسيم التطبيقيّة لها لمباشرة تنفيذها.
تهدف التشريعات والقوانين الضريبيّة وغيرها، الى تحصيل حقوق الخزينة من النشاطات الاقتصاديّة ضمن قواعد التزام الحقوق المشروعة للمكلّف والمواطن التي يكفلها القانون. لكن واقع الحال في لبنان، يظهر أنّ بعض التشريعات الضريبيّة شرّعت وطبّقت بطريقة لم تراع هذه المعادلة بحيث من تأخذ الدولة حقوقها من دون أن تعطي المواطن مسلّمات الحقوق المستحقّة له، اضافة إلى تطبيقها لبعض القوانين والاجراءات بطريقة استنسابيّة تؤدي الى تكليف المواطن غرامات بلا وجه حق، وعدم تطبيق الحكومة لقوانين شرّعت بغية افادة المواطن الأمر الذي لا تسأل أو تحاسب عليه.
من القوانين المجمّدة التي تفيد المواطن وتاليا لم تصدر المراسيم التطبيقيّة لها مباشرة تنفيذها، يشير الباحث في الشؤون الضريبية جمال القعقور الى القانون 220 الصادر عام 2000 التي استنسبت الحكومات في تطبيق جزء منه فقط بحيث منحت المعوّق حق الاعفاء من رسوم التسجيل لسيارة واحدة يملكها، واعفائه من رسوم الضرائب العقارية ورسوم البلدية السنوية المتوجبة على منزله، لكنها لم تلتزم تطبيق المادة 71 المتعلقة بتعويض البطالة والتي أجازت ضمن شروط محددة الى حق المعوّق براتب شهري يمثّل نسبة 75% من الحد الأدنى للأجور يجب تسديده من وزارة العمل. ويشير القعقور كذلك الى المرسوم 5104 الصادر عن رئيس الجمهوريّة بتاريخ 24 آذار 2001 والذي أجاز للضمان تقديم عنايات طب الأسنان، إلا أن هذا الاجراء لم يطبّق لغاية اليوم على رغم أنّه حق مشروع للمضمونين.
وعن القوانين التي تجنّبت الحكومات المتعاقبة اصدارها أو تعديلها بما يناسب حق المواطن، لفت القعقور الى أن التنزيل العائلي للمكلّف والزوجة والأبناء والمرتبط تاريخيا بقيمة الدخل نسبة الى الحد الأدنى للأجور وبغلاء المعيشة، لم يتم تعديله منذ تاريخ صدور القانون 173 بتاريخ 14 شباط 2000 عندما كان الحد الأدنى للأجور بقيمة 300 ألف ليرة. هذا التنزيل الذي يسمح باعفاء ضريبي سنوي لدخل المكلّف بقيمة 7 ملايين و500 ألف ليرة وللزوجة مليونين و500 الف ليرة وعن كل ولد لغاية خمسة أولاد 500 ألف ليرة، وتاليا بقي هذا الاعفاء كما هو على رغم زيادة الاجور في العام 2008 (الحد الأدنى للأجر 500 الف ليرة) وفي العام 2012 (الحد الأدنى للأجر 675 ألف ليرة). على رغم التضخم الكبير الذي حصل خلال الاعوام الـ 14 الماضية، فإن التعويضات العائليّة التي يسددها الضمان بناء على المرسوم 5103 تاريخ 24 آذار 2001 لا تزال كما هي لغاية اليوم بحيث يتم تسديد فقط 33 الف ليرة عن كل ولد و60 الف ليرة عن الزوجة، على رغم أن ايرادات الضمان ارتفعت بسبب زيادات الأجور وكذلك بسبب تعديل الحد الأقصى لاشتراكات المرض والأمومة من مليون ونصف مليون الى مليونين ونصف مليون، بدءا من 1 كانون الثاني 2013 بموجب المرسوم 9602.
ويقترح أن تعالج ثغر تشريعات مماثلة، بحيث تتضمّن نصوصا تلزم التعديل التلقائي للتنزيل العائلي والتعويضات العائليّة نسبة للحد الأدنى للأجور، وذلك بعد اقرار تصويب الفوارق التي تصل منذ العام 2000 و2001.
يطرح القعقور كذلك موضوع ضريبة الأملاك المبنيّة التي لا تحدد وزارة المال فترة ثابتة سنويّة لتسديدها مثل بقيّة الرسوم والضرائب، وتاليا، يتم اصدار إعلانات عن الوزارة كل فترة تعلم فيها المكلّف أنّها وضعت قيد التحصيل جداول التكليف الأساسيّة لهذه الضريبة وتعطي مهلة شهرين للتسديد أو الاعتراض، وذلك قبل تطبيق الغرامات التي يتم حسابها بعد شهرين من تاريخ الاعلان بالنسبة الى العقار الذي لا تتجاوز قيمته التأجيرية السنويّة الـ 20 مليون ليرة. الا أن هذا الاجراء يربك الكثير من المكلّفين بسبب عدم القدرة على متابعة عمليّات النشر لاعلانات مماثلة سواء عبر الصفحة الالكترونيّة لوزارة المال أو عبر النشر المطبوع، لأن الكثير من المكلفين لا يتصفّحون هكذا وسائل نشر، ثم هل المطلوب ان يتصفح المكلّف الصفحة الالكترونيّة دوريا كي يعلم عن توقيت سداد هذا النوع من الضرائب، لذا المطلوب من وزارة المال ارسال بريد مضمون للمكلفين الخاضعين لضريبة الأملاك المبنيّة لتبليغهم بهذه الضريبة واعطائهم فترة شهرين للتسديد من تاريخ تسلم البريد، أو الاستمرار في الاعلان عن استحقاق هذه الضريبة كما هو حاصل حاليّا شرط تحديد فترة زمنيّة ثابتة ضمن السنة المالية لنشر جداول التكليف. ويقترح القعقور تحديد الشهر السادس من كل سنة فترة ملزمة لوزارة المال لاصدار جداول التكليف لكل المناطق تصدر تباعا ضمن هذا الشهر، وتسمح بتسديد الضريبة خلال مهلة شهرين بدءا من نهاية الشهر السادس، وهكذا يعمم هذا الاجراء ويدخل ضمن الروزنامة الضريبيّة بشكل ثابت كبقيّة أنواع الضرائب والرسوم، وتاليا تجنّب وزارة المال الكثير من المكلفين غرامات موقوتة تشكّل لهم مفاجآت غير سارّة.
المصدر: النهار