Site icon IMLebanon

الشح يُنذر بكارثة تتظهَّر برَيّ المزروعات بمياه الصرف الصحي

ايفا ابي حيدر
في بعض قرى عكار مثل الكويخات الكواشرة حرار والفنيدق، حلّت مشكلة الحاجة الى المياه عبر حفر الآبار الارتوازية، على أنّ المياه المستخرجة تستعمل لريّ المزروعات والشفة. أمّا في بعلبك فالينابيع جافة وتطالب بلديتها وزارة الطاقة بإجراء الدراسات لتحديد أماكن الحفر تجنّباً لإعطاء تراخيص عشوائية، فيما في زحلة فمياه الينابيع قليلة ومياه الآبار الجوفية متراجعة بشكل ملحوظ، ويلجأ بعض المزارعين الى الاستعانة بمياه الصرف الصحي لريّ المزروعات.
بدأت كارثة الشح في المياه تتجلّى تباعاً في المناطق اللبنانية، بعدما انتهى فصل الشتاء بتسجيله اقلّ من نصف المعدل العام لكمية المتساقطات. الصرخة عَلت في بعض المناطق التي تتغذّى من مياه الينابيع، مطالبة بأذونات لحفر آبار ارتوازية، في حين لجأ مزارعو مناطق أخرى الى الاستعانة بمياه الآبار الجوفية للشفة والزراعة، علماً انّ مخزون المياه الجوفية تراجع بشكل لافت على صعيد لبنان، لا سيما في البقاع.

وفي هذا السياق، أكد رئيس بلدية بعلبك حسن حمد لـ»الجمهورية» انّ كل منطقة بعلبك تعاني شحاً في المياه بسبب تراجع كمية المتساقطات هذا العام نتيجة التحوّل المناخي الواضح الذي لمسناه خلال فصل الشتاء.

واعتبر انه كان يفترض بالوزارة مساعدة البلديات والاستعانة بأجهزتها الفنية ومستشاري الوزارة والدراسات الصادرة عنها لاستشعار المشكلة القادمة، وأن يقدموا الدعم والحلول للبلديات التي ترزح تحت ضغط النزوح السوري.

أضاف: انّ عدم توافر المياه يزيد من نسبة التلوث في المنطقة. انطلاقاً من ذلك نناشِد وزارة الطاقة والمياه والزراعة والاشغال العامة والبيئة تشكيل لجنة طوارئ لمعالجة شح المياه وتداعياتها وسُبل مواجهة الجفاف، خصوصاً وأننا مقبلون على صيف حار.

أضاف: نعاني في بعلبك نزوحاً سورياً هائلاً، ساهم في تقليص كمية مياه الشفة للفرد التي تعتبر هذه السنة ضئيلة، وذلك بسبب شح مياه نبع بحيرة البياضة ونبع رأس العين وهي بحيرة رومانية فيها حمّامات للقياصرة الرومان وتمتاز بالسمكة الذهبية التي تعيش فيها وهي أسماك نادرة تقطن في لبنان منذ آلاف السنين. وهذا الواقع يجعلنا امام مشكلة «ايكولوجية» موصوفة يجب معالجتها فوراً.

وأكد انّ الجفاف في المياه السطحية واضح هذا العام، كذلك المياه الجوفية تأثرت انما بنسبة 30 الى 40 في المئة، أي لا يزال لدينا حوالى 60 في المئة من المخزون في الآبار الجوفية، والتي تؤمّن اليوم لأهالي بعلبك مياه الشفة بنسبة مقبولة.

وعن سُبل تأمين المياه للري والزراعة، لفت الى انّ المزروعات عادة تُروى من مياه رأس العين الذي نَضب كلياً، بما يجعلنا امام مشكلة حقيقية. انطلاقاً من هذا الواقع نناشد الوزارات المختصة تقديم الحلول المناسبة، خصوصاً وأنّ نحو 40 في المئة من سكان المنطقة يعتاشون من قطاع الزراعة. وتالياً، فإنّ الكوارث الزراعية المنتظرة لا تحتمل، خصوصاً أنّه ليس في مقدورنا كبلدية استيعاب هذه المشكلة، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها.

إزاء هذا الواقع، ناشَد حمد وزارة الطاقة والمياه إرسال خبراء للكشف على المنطقة وتحديد الاماكن التي يمكن ان نحفر فيها آباراً ارتوازية يمكن للمواطنين ان يستفيدوا منها. وأردف: «لن أعطي كرئيس بلدية أذونات لكلّ اهالي المنطقة ليحفر كلّ واحد منهم بئراً ارتوازياً في أرضه، انما أدعو الجهة الرسمية لتحديد الاماكن التي يجوز الحفر فيها واستخراج المياه لتغذية الانهر واستفادة الاهالي منها».

زحلة

بدوره، أكد رئيس بلدية زحلة جوزف المعلوف لـ«الجمهورية» النقص في المياه في البقاع، لافتاً الى انّ زحلة تتغذى من الينابيع لا سيما نبع البردوني. وأشار الى انّ قسماً من المياه يستخدم للشفة من قاع الريم لريّ قاع الريم – حزّرتا وقسم من زحلة، ولتصبّ المياه بعدها في النهر.

وتتوزع على منطقتين في سهل زحلة، المنطقة الشمالية منها تدعى المعلقة والمنطقة الجنوبية هي منطقة حوش الامراء. اضاف: «لا شك انه في مثل هذه الفترة من العام تكون مياه النهر أكثر غزارة، أمّا هذا العام، وبما انّ المتساقطات قليلة، فقد تدنّى مجموع معدل الامطار الى النصف، بعدما كان مجموع معدل الامطار في زحلة 500 -600 ملم، لم يتجاوز هذا العام الـ 300 ملم.

ولمعالجة مشكلة الشح سيُستعاض عن النقص في المياه بمياه الآبار، علماً انّ هناك نقصاً ملحوظاً في معدل المياه الجوفية والتي تعرف بمنطقة حوض الليطاني، وتمتد من بعلبك نزولاً الى سد القرعون. ولفتَ المعلوف الى انه في السنوات السابقة كانت المياه الجوفية تتوافر على عمق 25 متراً، اما اليوم فتتوافر على عمق 125 متراً، بما يعني أنّ هناك نقصاً بعمق 100 متر في المياه الجوفية الموجودة بين السلسلتين الشرقية والغربية، أي ما بين جبل الشيخ من جهة وصنين من جهة أخرى. وعَزا المعلوف هذا النقص الى التراجع في كمية المتساقطات، والى الهدر وقلة التنظيم في توزيع المياه.

وعن مدى التقيّد بالتوجّهات التي تصدرها وزارة الزراعة، قال انّ بعض المزارعين بدأوا يستعملون التنقيط لريّ المزروعات، ولديهم من الخبرة ما يكفي للتقيّد بإرشادات الوزارة، أمّا البعض الآخر فما زال يعتمد على الري التقليدي.

ورجّح المعلوف ان يكتفي بعض المزارعين بموسم زراعي واحد هذا العام نظراً للشحّ في المياه، خصوصاً مواسم الخضار التي تحتاج الى الكثير من الري، ولا شك انه بزراعة موسمين تصبح كلفة الانتاج أكبر من كلفة المبيع».

أمّا عن كيفية مواجهة الشح في مياه الينابيع، فقال انّ غالبية المزارعين اتجهوا الى الاستعانة بمياه الآبار الجوفية لريّ المزروعات. كما لم ينف لجوء بعض المزارعين الى الريّ بواسطة مياه الصرف الصحي.

وإذ اعتبر أنّ مراقبة هذه المخالفة منوطة بعمل البلديات، أكّد انّ البلدية أوقفت عدداً من المزارعين لجأوا الى كسر قساطل مياه الصرف الصحي لريّ الاشجار المثمرة. أمّا عن استخدام هذه المياه لريّ الخضار، فاعتبر انّ هذه جريمة مميتة، مؤكداً انّ البلدية لم تضبط بعد هكذا مخالفات.
المصدر: الجمهورية