بقلم رولا حداد
يعيش اللبنانيون مساء كل ثلثاء “دراما” إعلامية تتمثل في وقوعهم بين “فخي” برنامجين تلفزيونيين على الشاشتين الأكثر شعبية هما الـLBC والـmtv. طبعا عنيت برنامج “هيدا حكي” الذي يقدمه الزميل عادل كرم على شاشة الـmtv وبرنامج “حكي جالس” الذي يقدمه الزميل جو معلوف على شاشة الـLBC.
البرنامجان يتنافسان بطبيعة الحال كونهما يُعرضان في التوقيت نفسه على الشاشتين، لكنّ الأزمة الحقيقية التي يعاني منها الجمهور اللبناني تتلخص بأن لا خيارات أخرى أمام المشاهدين على المحطات الأخرى حين يكون البرنامجان في أسوأ حلقاتهما أو مواضيعهما!
في جردة سريعة لكل من البرنامجين لا بدّ من الاعتراف بأن برنامج “هيدا حكي” ينجح في حلقات كثيرة من خلال نوعية ضيوفه، من سياسيين مرموقين وفنانين درجة أولى، لكن ما يجب الاعتراف به أيضا أن مستوى إعداد الحلقات يكون هابطاً سواء في نوعية الأسئلة وعدم ترابط محاور المقابلات أو لناحية محاولة سرد نكات “بايخة” وقديمة مأخوذة عن مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً الفايسبوك، وهي لا تحتمل أي تعليقات جديدة وتغرق في التكرار. كما أن أداء عادل كرم ليس مقنعا في حلقات كثيرة ويطغى عليه الابتذال المجاني.
أما في الجانب السياسي فوقع “هيدا حكي” في فخّ الإصرار على انتهاج سياسة “6 و6 مكرّر” اللبنانية الشهيرة في توزيع انتقاداته على الأطراف السياسية بهدف “ما يزعل حدا” ما جعل الكثير من “القفشات” السياسية غير موفقة في معظم الأحيان وفي غير مكانها المناسب.
وبات “هيدا حكي” رهينة اسم ضيفه لينقذ الحلقة وأسير إيحاءات جنسية تجترّها البرامج الكوميدية من دون جدوى، وفشل البرنامج في محاولة تقليد “البرنامج” أو حتى في إيجاد باسم يوسف لبناني.
أما برنامج “حكي جالس” ففشل في تحقيق نسبة المشاهدة المطلوبة بسبب منافسة “هيدا حكي” بالدرجة الأولى، ولكن أيضا بسبب الأداء غير المقنع لجو معلوف الذي يعمد الى المبالغة في الاستعراض وفي محاولة تجييش المشاهدين في مواضيع لا تشكل مادة دسمة للرأي العام، فضلا عن فائض في المعلومات غير الدقيقة في ملفات حسّاسة، ما يبرّر الشك بوجود خلفيات شخصية أو سياسية في انتقاء الملفات ومتابعتها، مثل اختيار مهاجمة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان ونجله في مواكبة للحملة السياسية التي شُنَت عليه من فريق سياسي واضح المعالم.
هذا لا يمنع أن ثمة حلقات شكلت scoop إعلامياً، لكن المعدّل العام للبرنامج بقي دون المطلوب بكثير لأكثر من سبب، وأهمّ هذه الأسباب نوعية المواضيع الخاصة جدا في أحيان كثيرة أو المضخمة في أحيان أخرى، أو حتى أحياناً في محاولة افتعال مواضيع من دون مضمون فعلي.
لكن أداء جو معلوف الفوقي والذي يمنع حتى على ضيوفه التعبير بحرية ويحاول دفعهم الى قول ما يريد سماعه يسبّب نفور المشاهد والتشكيك في الملفات المطروحة، وانعكس ذلك سلباً على نسبة الاستقطاب.
وعوض أن يشكل هذان البرنامجان متنفّساً للبنانيين على أهمّ شاشتين، غرق الأول في كوميديا مصطنعة وهشّة وغير هادفة. في المقابل غرق “حكي جالس” في الوعظ بعيداً عن العمل الاستقصائي الحقيقي وتورّط في الزواريب السياسية ما أفقده صدقيته.
هكذا “رخص الحكي” في برنامجين لو أعدا بطريقة افضل لكانا من أهم ما تم تقديمه على الشاشتين لهذا الموسم. يبقى أن على إدارتي الـLBC والـmtv أن تعيدا النظر في مضمون البرنامجين وفريق الإعداد ووضع الأطر اللازمة للعمل في محاولة استنهاض ضرورية إذا أرادا استكمال البرنامجين في الموسم المقبل.
ملاحظة: الثلثاء 3 حزيران 2014 لن تعرض الـLBC برنامج “حكي جالس” بسبب النقل المباشر للمباراة النهائية الرابعة في كرة السلة بين فريق الحكمة والرياضي، كما سبق وأن تم إلغاء حلقات سابقة لمصلحة برامج أخرى مثل حلقة “كلام رئيس” مع الرئيس أمين الجميّل.