طوني رزق
تترقب السوق العقارية الضوء الاخضر السياسي تحديدا، بعد استقرار الوضع الامني، ورفع حظر سفر الخليجيين الى لبنان. ومع الانخراط الواسع للقطاع المصرفي اللبناني في تمويل القروض الاسكانية، بتشجيع مباشر من مصرف لبنان المركزي، يلعب المطورون العقاريون دورا تسويقيا اساسيا ايضا.
تتقاطع التحليلات عند التوقع بأن يشهد لبنان فورة عقارية جديدة اذا ما سمحت التحولات السياسية الداخلية في نقل لبنان من مرحلة الانشقاق السياسي الى الازدهار الاقتصادي. هذا التحوّل ما زال ينتظر الضوء الاخضر الذي تترقبه اوساط المستثمرين في لبنان والخارج.
وبالاضافة الى المزايا الاقتصادية للسوق العقارية في لبنان فان الجهود المصرفية بتشجيع ومشاركة ومساهمة مصرف لبنان المركزي لا تألو جهدا في توفير التمويل الافضل ليصبح في متناول عدد اكبر من اللبنانيين وخصوصا الشباب منهم.
وتنصبّ كل الجهود لوضع اكبر حصة من السيولة المتوفرة في القطاع المصرفي اضافة الى حصة من السيولة المتوفرة لدى مصرف لبنان المركزي، بأفضل الشروط تقسيطا واسعار فائدة في متناول الراغبين في شراء مسكن في مختلف الاراضي اللبنانية.
وكان مصرف لبنان قد ضخّ في القطاع المصرفي اكثر من مليار ونصف المليار دولار لهذا الغرض وبفائدة رمزية. وما زالت الظروف العالمية تعمل في اطار التشجيع على القروض المتوسطة والطويلة الأجل من خلال تمسّك كبريات البنوك المركزية في العالم بسياسات أسعار الفائدة التي تقارب الصفر في المئة، خلال السنوات المقبلة.
وسوف تتحقّق الفورة العقارية خلال ارتفاع أحجام الطلب والعرض في هذه السوق اللبنانية، ومن خلال التوافق السياسي وهو نتيجة الاتجاه الاقليمي العام والذي يتوقع ان ينسحب ايضا على الداخل اللبناني.
اضافة الى كل ما سبق ذكره، تعتبر القروض المصرفية في لبنان في الفترة الراهنة القروض الاكثر سهولة. وتتميّز بأفضل الشروط. كل ذلك وسط تنافّس تسويقي مصرفي محلي متزايد، وتوق خارجي لبناني اغترابي او غير مقيم واجنبي لتملّك عقار سكني في الربوع اللبنانية.
وبالاضافة الى اسعار الفائدة المنخفضة والمدعومة من قبل مصرف لبنان، يستطيع المقترضون الافادة من فترات زمنية تسامحية ومن عروض مغرية مختلفة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تظهر الصفحة الالكترونية لبنك بيروت، وهو احد البنوك النشطة في هذا النوع من القروض، ستة انواع مختلفة من القروض الاسكانية تتوزع على: قروض اسكانية بالليرة اللبنانية، وقروض اسكانية بالدولار الاميركي، وقروض اسكانية خاصة بالمغتربين اللبنانيين وقروض اسكانية خاصة بالمغتربين في استراليا حصريا وقروض مؤسسة الاسكان وهي التي تتميز بفائدة صفر في المئة طيلة فترة القرض وذلك ضمن اتفاقية بين مؤسسة الاسكان والبنك المذكور.
وفي حين يتطلّب هذا القرض توفر الدفعة الاولى التي يجب ألاّ تقل عن عشرة في المئة من ثمن العقار السكني، يساهم نوع آخر من القرض السكني في تدخل البنك في تغطية او توفير هذه الدفعة الاولى. وتوفّر مصارف كبرى اخرى المزيد من القروض المشابهة مثل بنك عودة وبنك بلوم وبنك بيبلوس وفرنسنبك وغيرها…
ويساهم تعديل قانون الايجارات في لبنان، رغم الهفوات التي تشوبه، في تحريك الوضع العقاري من جهة اخرى. ويتوقع ارتفاع بدلات الايجار بالنسبة الى قيمة الايجارات القديمة. وسوف يدفع ذلك الكثيرين الى التفكير جديا بالانتقال الى مرحلة شراء المساكن بدلا من البقاء كمستأجرين، خصوصا ان التقسيط الشهري المتوفر يبقى دون الايجار الشهري الجديد، وذلك على المدى المتوسط والطويل.
وبالاضافة الى الدور الاساسي الذي يلعبه مصرف لبنان والقطاع المصرفي في تحريك القطاع العقاري، يبرز دور المطورين العقاريين ايضا الذين يتحرّكون بديناميكية داخليا وخارجيا لحث وتشجيع وجذب المتمولين من لبنانيين واجانب لشراء العقارات السكنية في لبنان.
ويذكر على هذا المستوى المعرض العقاري «دريم 2014» الذي سيعقد في بيال من 24 الى 27 حزيران المقبل. وتطالب جمعية المطورين العقاريين من جهتها دعم القطاع من خلال خفض التعقيدات الادارية وتقليص التكلفة على الاستثمار وخفض الضرائب.
وكانت هذه الجمعية اشارت الى الاثر الايجابي الذي بدأت تلمسه على مستوى القطاع العقاري اللبناني جراء تحسّن الأوضاع الأمنية، والغاء قرار الحظر على الاخوة الخليجيين. ويعمل المطورون العقاريون من جهتهم على زيادة الخيارات والفرص لتوسيع الشريحة التي يمكنها ان تتملّك منزلا، غير ان هؤلاء المطورين يعربون عن خشيتهم من رفع الضرائب على الرسوم العقارية، ضمن الخطة العامة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب.
وفي حين يؤكد هؤلاء المطورون العقاريون ان القطاع العقاري في لبنان لم يتراجع لكنه شهد ركودا في السنوات الثلاث الماضية، فانهم يتوقعون ان يبدأ الانتعاش في السوق العقارية مع تبدّل الظروف اللبنانية الى الافضل.
ويلاحظ ان اسعار العقارات السكنية في لبنان لم تسجل اي تراجع يذكر في السنوات الثلاث المذكورة بل لوحظ استمرار ارتفاع اسعارها. وعليه، ترتفع احتمالات ان يشهد لبنان فورة عقارية جديدة اذا ما دعم الاستقرار الامني الحديث والانفتاح الخليجي ونشاط المطورين التسويقي والانخراط الواسع للقطاع المصرفي ضوء اخضر سياسي يبدأ بانتخاب رئيس جديد للبلاد.