Site icon IMLebanon

نفقات 2014: مواجهة «نزيف» الكهرباء و«جرح» قطع الحساب

Safir

كامل صالح
تاريخ المقال: 07-06-2014 02:08 AM
يمكن القول إن مشروع موازنة 2014 التي أحالها وزير المال علي حسن خليل إلى مجلس الوزراء، من الصعوبة في مكان التعاطي معها كأرقام نهائية، وهي وكما يؤكد خليل نفسه، «قابلة للتعديل عند مناقشتها في مجلس الوزراء».
وإذ يبدو خليل متفائلا في مسألة «خفض عدد من جوانب الإنفاق بناء لاقتراحات المجلس، وبالتالي خفض العجز المتوقع، كما يمكن زيادة الواردات من خلال قرارات حكومية جديدة»، إلا أن اللبنانيين اعتادوا أن «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن».
يعوّل خليل مثلاً على أن تبدأ «مؤسسة كهرباء لبنان» بعملية معالجة جدية لعجزها، والتزام السقف المالي المحدد في موازنتها السنوية، علما أن نسبة عجز المؤسسة السنوي حوالي 50 في المئة من العجز الإجمالي للدولة (يتوقع أن تسجل موازنة 2014 عجزا بقيمة 7669 مليار ليرة، أي بنسبة 34.9 في المئة من إجمالي الإنفاق، و10.71 في المئة نسبة إلى الناتج المحلي المقدر بـ71608 مليارات ليرة).
وأمام إصرار خليل على أن «الوزارة لن ترفع سقف نفقات الكهرباء من دون اجراءات فعلية لخفض العجز، وإجراء إصلاحات بنيوية»، ماذا سيفعل خليل، إذا زادت «مؤسسة كهرباء لبنان»، في حال لم يصر إلى رفع سقفها المالي، ساعات التقنين صيفاً، والتلويح بايقاف معامل الإنتاج؟

السقف الأعلى

يجزم خليل خلال اطلاقه مشروع موازنة 2014 أمس، أن «كل الأرقام الواردة في ملف الكهرباء غير صحيحة»، مشيرا إلى أن الاعتماد المخصص بموجب قرار مجلس الوزراء، هو 3056 مليار ليرة وهو المبلغ الذي أنفق فعليا في العام الماضي، بعد أن كان ملحوظا 2869 مليارا في مشروع موازنة 2013».
لا يقف خليل هنا، بل يؤكد أن «هذا الاعتماد سيعد بمثابة السقف الأعلى للمبالغ الممكن تحويلها من الخزينة بموجب سلفات خزينة إلى المؤسسة، والتي سيتم تسجيلها كدين عليها»، معلناً في الوقت نفسه، موافقته المبدئية على زيادة التعرفة الكهربائية، لكن من دون أن تمس بذوي الدخل المحدود.
أمام هذا الوضع، يمكن القول إن معركة شد الحبال بين وزارة المال ومؤسسة الكهرباء مستمرة، بل ستكتسي طابعا «حارا جدا» في الأيام المقبلة.

قطع الحساب

في المقابل، يتقدم خليل خطوة في معالجة جرح قطع الحساب المفتوح منذ سنوات، باعتبار إذا وقعت مخالفة دستورية في السابق، لا يجب الاستمرار فيها، والبقاء من دون موازنة عامة على قاعدة عدم وجود قطع حساب. في هذا الخصوص، أنجزت الوزارة كل ما يلزم لقطع حساب العام 2012، ومن هنا بات من الممكن دستورياً صدور قانون قطاع حساب 2012 بشكل صحيح، بانتظار إقرار مشروع القانون الذي أرسل لتغطية نفقات كهرباء لبنان وفوائد الدعم لاستكمال توزيع الحسابات على قيودها وفق الأصول، وهذا يمكن إقراره بأسرع وقت، وقبل إقرار الموازنة.
لكن، ووفق خليل نفسه، هذا لا يعني الاستغناء عن إصدار كل قوانين قطوعات الحساب غير الصادرة أو التي تستدعي تصحيحاً بعد انجاز الحسابات بشكل نهائي وشامل.

النمو %2؟

في مسألة النمو المتوقع هذا العام، يلحظ خليل أن نسبته ستبلغ حوالي 2 في المئة، مع تقديرات أن تزيد النسبة قليلا إذا بقي الوضع الأمني مستقراً، وتحركت عجلة الاقتصاد بفاعلية في الأشهر الستة المقبلة.
ويؤكد أن الوزارة في حوار مستمر مع مؤسسات التصنيف الدولية، في ما يتعلق بمعالجة العجز، مشددا على أن إجراء تعديلات جوهرية في مسألة العجز هي مسؤولية كل الدولة، لا سيما ما يتعلق منها بعجز الكهرباء.

اعتماد إضافي لـ«السلسلة»

أدرجت في مشروع الموازنة الحالي، كل النفقات والإيرادات، إضافة إلى تضمين موازنة كل إدارة عامة كلفة زيادة غلاء المعيشة من دون الكلفة الإضافية لتعديل «سلسلة الرتب والرواتب» والإجراءات الضريبية المقترحة لتغطيتها، والتي سبق أن تم التباحث بها وإقراراها باعتبار أنه يقتضي أن يصار بعد الاتفاق على الصيغة النهائية لملف السلسلة، إلى فتح اعتماد إضافي وفق الأصول يضاف إلى موازنة العام 2014 في حال تصديقها، ويغطى من الواردات.
يشير خليل إلى وجود ثغرات كبيرة تستلزم تصديق موازنة تعكس فعليا حاجات الإدارات العامة، فعلى سبيل المثال، يتم صرف الرواتب ومن ضمنها كلفة زيادة غلاء المعيشة التي ما زالت تدفع منذ شهر شباط 2012، من دون أية تغطية قانونية، وفق المتاح بموجب قانون موازنة 2005، مضافا إليها القانون رقم 238 الصادر في 22/10/2012، والذي يشكل 80 في المئة فقط من الحاجة التي كانت عام 2012، وهي بالتأكيد باتت أكبر حالياً.

النفقات والإيرادات

في الأرقام، يلحظ أن نفقات الموازنة العامة سجلت 21927 مليار ليرة في 2014، مقابل 21229 مليار ليرة في 2013. وشمل الإنفاق اعتمادا بقيمة 5892 مليارا لتسديد الفوائد على سندات الخزينة، بعد ما كان المبلغ الملحوظ 5700 مليار في مشروع موازنة 2013.
أما النفقات الجارية فبلغت 19779 مليارا بزيادة 4 في المئة مقارنة مع الاعتمادات الملحوظة في 2013، والتي بلغت 19041 مليارا، وشكلت بالتالي نسبة 90.2 في المئة من اجمالي الإنفاق و27.6 في المئة كنسبة من الناتج المحلي. مع العلم أن مجموع النفقات الجارية في 2013 بلغت 17966 مليارا. وفي ما خص النفقات الاستثمارية، فقد بلغت اعتماداتها 2147 مليارا بحيث شكلت 9.8 من إجمالي الإنفاق و2.99 في المئة إلى الناتج المحلي.
أما الايرادات فتم تقديرها بـ14257 مليار ليرة، بعدما كانت مقدرة بـ15984 مليارا. علماً أن المبالغ المحصلة فعلياً خلال العام 2013 بلغ مجموعها 13385 مليار ليرة. ويشير خليل إلى أن الاجراءات الضريبية التي أقرّها مجلس النواب سترفع الإيرادات بنحو 530 مليارا من أصل 1740 مليارا مقدرة لجميع الاجراءات.
في تفاصيل الإيرادات، قدّر مشروع الموازنة الإيرادات الضريبية بـ10825 مليار ليرة، مقابل 12287 مليارا مقدرة في مشروع 2013. علماً أن المبالغ المحصلة حتى نهاية 2013 سجلت 10116 مليار ليرة.
وقدرت الإيرادات غير الضريبية، بـ3432 مليارا مقابل 3698 مليارا في 2013 أي بتراجع 12.6 في المئة، ومردّ ذلك إلى تراجع توقعات الإيرادات الناتجة من وفر موازنة الاتصالات بنسبة 6.6 في المئة أي بقيمة 151 مليارا. علماً أن الإيرادات غير الضريبية المحصلة فعلياً مع نهاية 2013 كانت بحدود 3269 مليارا.
ونظراً لأهمية الدور الذي تلعبه الموازنة في توجيه الاقتصاد وتحفيز التنمية، بالإضافة إلى الإصلاحات التي اعتمدت في عملية إعدادها مواكبة للتطورات العالمية، يكشف خليل عن تعديل التصنيفات الاقتصادية والإدارية، كذلك الوظيفية بما يتلاءم مع المعايير الدولية المتبعة ومع إحصاءات مالية الحكومة لعام 2001 بعد أن كانت تعتمد إحصاءات العام 1986.
وإذ يولي خليل أهمية كبيرة لإقرار مشروع الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2014 ووضعه موضع التنفيذ، يشدد على وجوب الخروج من الحلقة المفرغة التي يتخبط بها لبنان والتي تؤثر سلباً على حُسن إدارة المالية العامة، متوجها إلى جميع الكتل النيابية إلى التعاطي بدرجة كبيرة من المسؤولية مع هذا الاستحقاق الدستوري والقانوني الضروري الذي لا بد منه من أجل إخراج المالية العامة وإخراج الدولة من حلقة الفراغ المؤسساتي نتيجة غياب الموازنة العامة.