عبد الاله مجيد
بنت الولايات المتحدة آمالًا اقتصادية عريضة على الانتعاش الذي تحقق أخيرًا في إنتاج النفط والغاز الصخريين، لكن احتياطات هاتين المادتين ستنضب ابتداء من العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين، لتعود مجددًا إلى الاعتماد على نفط الدول الخليجية، كما توقعت وكالة الطاقة الدولية، متسائلة عمّا إذا كانت دول الخليج مستعدة لأخذ هذه المهمة مجددًا على عاتقها.
كانت السنوات القليلة الماضية شهدت تحولًا جذريًا في حسابات الولايات المتحدة مع تبجح خبرائها بأنها مقبلة على نهضة نفطية وتحقيق قدر من “الاستقلال الطاقوي” على الضد من التراجع الذي توقعه كثيرون.
منافسة أميركية
وذهبت آراء إلى أنه بعد أربعة عقود على المقاطعة النفطية العربية بقيادة العربية السعودية، التي هزت أساس نظام القوة العالمي عام 1973، فإن الولايات المتحدة قد تسحب “مظلتها الأمنية” باهظة الكلفة من دول الخليج النفطية.
حدث هذا التغير في ثقة الولايات المتحدة بآفاق تحقيق الاكتفاء الذاتي في الطاقة بدفع من حمى الصخور النفطية والغازية. إذ نقلت إمدادات النفط الصخري المستخرج بتقنية التكسير الهيدروليكي الولايات المتحدة من بلد يعاني نقصًا في الطاقة إلى بلد لديه فائض منها.
وكانت الولايات المتحدة حتى العام الماضي تستورد في أحيان كثيرة ما يربو على 10 ملايين برميل في اليوم، ولكن استيراداتها هبطت بعد الانتعاش في استخراج النفط الصخري إلى 6.5 ملايين برميل في اليوم خلال الشهر الماضي، وهو أدنى رقم منذ 17 عامًا. وقبل أيام دعا تقرير مموَّل من الصناعة النفطية إلى السماح بتصدير النفط الأميركي، ورفع الحظر المفروض منذ السبعينات على بيعه في الخارج.
انتعاش موقت
لكن الابتهاج الأميركي بهذا الانتعاش في الإنتاج المحلي قد لا يستمر أكثر من عقد واحد أو نحو ذاك، بحسب وكالة الطاقة الدولية التي يوجد مقرّها في باريس. إذ سيبلغ نمو إنتاج النفط في أميركا الشمالية ذروته في حوالى عام 2020، ويبدأ بالهبوط في منتصف العقد، كما قالت الوكالة في تقرير أصدرته في لندن. وقالت الوكالة إن منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”، التي تملك غالبية ما تبقى من احتياطات نفطية في العالم، سيتعيّن عليها أن تسد النقص الناجم من هذا الهبوط.
وكانت وكالة الطاقة الدولية أطلقت تنبؤات مماثلة في ذروة إنتاج النفط الصخري في العام الماضي. لكنها أضافت في تقريرها الجديد تشديدًا خاصًا على التحذير، قائلة إن دول الخليج لا تستثمر رؤوس الأموال المطلوبة على المدى البعيد لتلبية الطلب العالمي في المستقبل.
ويقدر كبير اقتصاديي الوكالة فاتح بيرول أن دول الخليج يجب أن تستثمر 90 مليار دولار سنويًا حتى نهاية 2025 لتكون مستعدة للنهوض بهذه المهمة. لكنها بدلًا من ذلك تنفق نسبة كبيرة من عائداتها النفطية البالغة 800 مليار دولار سنويًا على أشكال جديدة من دعم أسعار الطاقة وتمويل برامج اجتماعية التزمت بتنفيذها منذ الربيع العربي عام 2011.
غير متناسب
في هذه الأثناء يستمر ضخ الاستثمارات في استخراج النفط الصخري في أميركا الشمالية بحجم غير متناسب، رغم أن مستوى الذروة الذي سيبلغه إنتاج هذا النفط يتبدى واضحًا للجميع.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إن شركات النفط والغاز ستنفق أكثر من 850 مليار دولار سنويًا على التنقيب والإنتاج خلال الفترة الممتدة من الآن إلى 2035، نحو 80 في المئة منها لمواصلة العمليات في الحقول المنتجة حاليًا. وسيذهب نحو 25 في المئة من هذا الإنفاق على الصخور النفطية والغازية.
وقد لا تكون نسبة الـ 20 في المئة المتبقية كافية لسد النقص الآتي. وإذا حدث هذا النقص وحين يحدث فإن أسعار النفط سترتفع نحو 15 دولارًا للبرميل بحلول عام 2025، كما تتوقع وكالة الطاقة الدولية. ويرى خبراء أن هذا التقدير قد يكون متفائلًا في سوق محدودة بشدة.
– See more at: http://www.elaph.com/Web/Economics/2014/6/910955.html#sthash.bYAuKn9b.dpuf