قالت مجموعة QNB إن تباطؤ الأسواق الناشئة قد يعرض تعافي الأسواق العالمية للخطر، ما لم تبادر الاقتصادات المتقدمة بالتعويض عن هذا الركود.
وأوضح تحليل المجموعة الأسبوعي الصادر اليوم أن هذا التباطؤ يؤثر في الطلب على الصادرات العالمية، وبالتالي في تعافي الاقتصادات المتقدمة أيضا.
وذكر أن الهروب الكبير لرؤوس الأموال العالمية في السنة الماضية، جعل الأسواق الناشئة تحس بالعناء الاقتصادي حيث تباطأ نمو هذه الأسواق بحدة، من البرازيل إلى إندونيسيا، وروسيا، وجنوب أفريقيا.
وأضاف أن ذلك عكس بشكل جزئي التشديد الذي طرأ على السياسات الداخلية في تلك السنة لتحقيق استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية في الأسواق الناشئة.
وأكد أن رؤوس الأموال العالمية بدأت بالهروب من الأسواق الناشئة منذ إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في شهر مايو 2013 نيته تخفيض برنامج شراء الأصول أو ما يعرف بالتيسير الكمي.
ورأى أن ذلك اضطر البنوك المركزية في تلك الأسواق إلى تشديد السياسات الداخلية لتحقيق الاستقرار في أسعار صرف عملاتها وبينما نجحت سياسة التشديد في إيقاف هروب رؤوس الأموال نسبيا في بعض البلدان، فإن التأثير على نمو الأسواق الناشئة بدأ في الظهور الآن.
وأشار إلى أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت صدور سلسلة من البيانات المالية المخيبة للآمال عن الأسواق الناشئة حيث تباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في البرازيل خلال الربع الأول إلى 0.7 في المائة (على أساس ربع سنوي) مقارنة ب2.3 في المائة لعام 2013 ككل.
وانخفض معدل النمو في إندونيسيا في الربع الأول إلى 3.5 في المائة (5.8 في المائة في عام 2013).
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي في جنوب أفريقيا في الربع الأول بنسبة 0.6 في المائة مقارنة مع نمو ب1.9 في المائة في عام 2013، مبينا أن أكثر صور التراجع مأساوية كان في تايلاند بانكماش بنسبة 8،2 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول، ليعكس جزئيا عدم الاستقرار السياسي الراهن.
ورأى في اتجاه آخر أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع في الهند على أساس سنوي في الربع الأول بنسبة 8.2 في المائة، وأعاد ذلك جزئيا إلى إنفاق قياسي بقيمة 5 مليارات دولار على الانتخابات مما أضاف ما يقدر بنحو نقطتين مئويتين إلى النمو في الربع الأول.
وقال تحليل QNB إن هذا التباطؤ العام في نمو الأسواق الناشئة يؤثر على تدفقات التجارة العالمية إذ تشكل الأسواق الناشئة حوالي 40 في المائة من مجمل النشاط التجاري العالمي، وكانت من بين أكبر المساهمين في نمو الصادرات العالمية في السنوات الأخيرة.
ومن ثم فإن تباطؤ الأسواق الناشئة يؤثر على نمو الصادرات العالمية.
وتساءل عما إذا كان تباطؤ الأسواق الناشئة يشكل إذن خطرا على تعافي الاقتصاد العالمي، مجيبا بأن ذلك ممكن، ما لم تعمل الاقتصادات المتقدمة على التعويض عن هذا التباطؤ.
فحتى الآن، لم يؤد تباطؤ الأسواق الناشئة بعد إلى انكماش في التجارة العالمية كالذي شهدناه خلال الكساد الكبير سنتي 2008 و2009.
وأوضح أن الاقتصادات المتقدمة إذا استمرت في التعافي وإنهاء الركود الناتج عن تباطؤ الأسواق الناشئة، فإن الاقتصاد العالمي سيستطيع الحفاظ على زخم النمو.
وذكر أن أداء الاقتصادات المتقدمة يعتمد بشكل حاسم على استقرار السياسة النقدية الأمريكية، فيما يبدو البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عازما على استكمال تخفيض برنامج التيسير الكمي في أواخر 2014.
وقال إن هذا التخفيض في حال أدى إلى إضعاف النمو في الولايات المتحدة، من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على المدى البعيد تحت نسبة 3 في المائة، ما سيدفع رؤوس الأموال العالمية إلى البحث عن عائدات أعلى في الأسواق الناشئة ما قد ينتج عنه تفاوت في تعاف للاقتصاد العالمي لصالح الأسواق الناشئة كما حدث في الفترة ما بين 2010 و2013.
ورجح في حال تعافى الاقتصاد الأمريكي كما هو متوقع، أن ترتفع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة على المدى البعيد وتجعل الأسواق الناشئة بذلك أقل جاذبية، وهو ما سيعني مزيدا من التباطؤ للأسواق الناشئة، بينما تتعافى الاقتصادات المتقدمة. وقد يؤدي ذلك إلى تعاف أكثر توازنا واستدامة للاقتصاد العالمي بما أن الاقتصادات المتقدمة تشكل الجزء الأكبر من التجارة العالمية.
وخلص إلى أن الاقتصاد العالمي يبدو مرة أخرى في مفترق طرق إذ تتأثر التجارة العالمية مع تباطؤ الأسواق الناشئة وهذا بدوره له تأثير سلبي على النمو في الاقتصادات المتقدمة فإذا أدى استقرار السياسة النقدية الأمريكية إلى انتعاش تدريجي في الولايات المتحدة، ستكون الاقتصادات المتقدمة قادرة على التعويض عن تراجع النمو في الأسواق الناشئة على حساب مزيد من التباطؤ في هذه الأسواق.
غير أنه لفت إلى أن آخر أرقام النمو الصادرة من الولايات المتحدة تشير إلى سيناريو مختلف نوعا ما وهو ما قد يعرض الانتعاش الاقتصادي العالمي للخطر فعلا.