Site icon IMLebanon

جنبلاط: حماية الإستقرار النقدي مسؤولية كل الفرقاء… مغامرة اقرار السلسلة دون موارد له تداعياته


يجدّد الحزب التقدمي الاشتراكي تقديره التام لتضحيات كل الشرائح المنضوية في هيئة التنسيق النقابيّة، ويؤكد مرّة جديدة على أحقيّة المطالب الاجتماعيّة والمعيشيّة المنصفة التي تطالب بها هذه النقابات، كما يحي وقفتها الشجاعة ونضالها المطلبي ورؤيتها الموحدة مما أعاد للحركة النقابيّة دورها الذي سُلب منها في مراحل سابقة وأدّى إلى تشرذمها وإنقسامها.
وإذ يؤكد الحزب تفهمه لهذه المطالب، إلا أنه في الوقت ذاته يشدد على أهميّة الحفاظ على ديمومة الاقتصاد والمؤسسات اللبنانيّة والقطاع العام، ويرى أن أي إنتكاسة قد تصيب هذه المؤسسات ستنعكس بدروها ضرراً على العمال والعاملين، في وقتٍ تغيب شبكات الحماية الاقتصاديّة مع حالة المقاطعة التي عاشها ويعيشها لبنان منذ سنوات لأسباب وظروف سياسيّة معروفة. وهذا الأمر يجعل المخاطر مضاعفة، ذلك أنه لو وقع لبنان في خطر تكرار التجربة اليونانيّة، فإنه لن يجد من ينقذه أو يمد يد العون له.
إنطلاقاً من كل ذلك، فإننا لا نزال على موقفنا المتحفظ لناحية إغراق نقاشات سلسلة الرتب والرواتب في بازار المزايدات الشعبويّة مما حوّل النقاش المالي والرقمي إلى تجاذبات في غاية الخطورة سيكون لها إنعكاساتها السلبيّة على مختلف المستويات. كما أن مسعى البعض الايحاء بأن هناك محاولة للدخول في مواجهة مع الطلاب، هو كلام غير دقيق وغير صحيح. ومسألة تعطيل الامتحانات لا معنى لها لا سيّما أنها تمس بمستقبل أكثر من مئة ألف طالبة وطالب لبناني.
إن أي مغامرة في إقرار سلسلة الرتب والرواتب ستترك تداعيات غير محسوبة على الاقتصاد الوطني، وتعذر تأمين واردات السلسلة يؤكد ذلك، بصرف النظر عن مدى شعبيّة أو عدم شعبيّة هذا الموقف. إن حماية النقد الوطني والاستقرار النقدي هي مسؤوليّة كل الفرقاء السياسيين وإطلاق أوسع عمليّة إصلاح إداري في مختلف المجالات هي أيضاً مسؤوليّة كل الأطراف، وهو خيار يفترض أن يكون فوق الحسابات السياسيّة والفئويّة الضيّقة.
لقد مضى سنوات على إقرار آخر موازنة عامة، وهو أمر غير مقبول من النواحي الدستوريّة والمؤسساتيّة والماليّة لا سيّما أن الموازنة هي السياسة العامة للدولة ولرؤيتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة. وواضحٌ أن هناك من يتناسى موضوع الدين العام الذي بلغ في نهاية الثلث الأول من العام الجاري حوالي 64.8 مليار دولار محققاً نمواً سنويّاً يُقدّر بنحو 9.6 بالمئة، وهو النمو الأعلى بين معدلات النمو في السنوات السابقة.
في مجال آخر، تبقى مشكلة الكهرباء قائمة وهي تتعلق بتمويل عجز هذه المؤسسة وقد بلغت قيمته هذا العام 3056 مليار ليرة، وهي مشكلة مزمنة ومتفاقمة منذ سنوات دون أن تنجح الحكومات المتعاقبة في إيجاد الحلول الناجعة لها. كما أن الصادرات اللبنانيّة قد تراجعت هذا العام ومنها الصادرات الزراعيّة بنسبة 11 بالمئة والصادرات الصناعيّة بنسبة 34.6 بالمئة، وهي النسب الأعلى منذ أعوام بسبب الأزمة السوريّة والظروف الداخليّة.
يُضاف إلى كل ذلك طبعاً إرتفاع معدلات البطالة نتيجة غياب التوظيفات والاستثمارات الجديدة بفعل غياب الاستقرار السياسي والأمني في الحقبة المنصرمة، بالاضافة إلى تراجع النشاط السياحي خلال الثلث الأول من العام الجاري بنسبة 12 بالمئة مقارنة بالعام الفائت أيضاً بفعل الوضع العام المهترىء.
مهما يكن من أمر، فإن الحاجة ملحة لاعادة الاعتبار للنقاش الاقتصادي الغائب في البلد، فالكل يتلهى بتقديم تحليلات إستراتيجيّة تبدأ في حروب أوكرانيا وصولاً إلى إنتخابات الهند في الوقت الذي يبحث فيه المواطن عن جمهوريّة ورئيس لها ويريد الطمأنينة ولقمة العيش والاستقرار.