كتبت “السياسة” الكويتية أن أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله لم يقنع أحداً في خطابه الأخير الذي نفى فيه سعي “الثنائي الشيعي” إلى استبدال المناصفة بالمثالثة، والتأكيد أن “حزب الله” بعيد من هذا الطرح وبراء من المطالبة به، لأن الوقائع كلها بالإضافة إلى شهادات المسؤولين الذين عايشوا مرحلة المحادثات الفرنسية – الإيرانية في العام 2007، تؤكد أن طهران اقترحت المثالثة كابتزاز مقابل سلاح “حزب الله”، فيما قلب نصر الله الحقائق، متهما فرنسا بأنها هي التي اقترحت إعادة توزيع السلطة على هذا الأساس (المثالثة المطروحة أي تقاسم المناصب بين السنة والشيعة والمسيحيين بدلاً من المناصفة القائمة حالياً في لبنان بين المسيحيين والمسلمين).
منذ ذلك الوقت، ظل حلم المثالثة يراود “حزب الله” ورعاته الإقليميين، وعمل له، ولا يزال، مواربة. تؤكد ذلك المحطات التالية:
أولاً: إن تعطيل الاستحقاق الرئاسي حالياً والتسبب بالشغور في موقع الرئاسة الأولى هو من صنع “حزب الله” بالدرجة الأولى. فالعماد ميشال عون غير قادر وحده على تعطيل الاستحقاق، فيما يتمايز عنهما رئيس مجلس النواب نبيه بري في موقف لا يستطيع التعبير عنه دائماً بحرية. ويميل اللبنانيون إلى تصديق بري عندما قال في آخر جلسة لهيئة الحوار الوطني في بعبدا، إنه متمسك بالمناصفة، في حين لا يصدقون نصر الله.
وتقضي خطة “حزب الله” بابتزاز الموارنة خصوصاً واللبنانيين عموماً بلعبة الفراغ، فإما إيصال ميشال عون وإما إدامة الفراغ بانتظار تغيير النظام.
ثانياً: قبل الاستحقاق الانتخابي الحالي عطل “حزب الله” استحقاقاً نيابياً بقوة السلاح، وأسقط حكومة الرئيس سعد الحريري، وعطل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، كما أنه عرقل تشكيل كل الحكومات، في مرحلة ما بعد اتفاق الدوحة العام 2008. وكلما أنجز أمر مماثل، كان حلفاؤه يخرجون للحديث عن عقم اتفاق الطائف وعدم صلاحيته وعن ضرورة تعديله.
ثالثاً: كان “حزب الله” أول من دعا إلى عقد مؤتمر تأسيسي، لاستبدال اتفاق الطائف باتفاق جديد يعيد تأسيس النظام السياسي، وذلك في الوقت الذي يهيمن الحزب على الحياة السياسية، ويخضع المناطق اللبنانية لنفوذه المسلح، ويقيم دويلته الخاصة، ليس في مناطق الانتشار الشيعي فحسب، وإنما في غالبية المناطق بشكل مباشر أو غير مباشر، عدا عن هيمنته بمساعدة حلفائه على مفاصل الإدارة اللبنانية.
الخلاصة أن “حزب الله” يعمل لإحلال المثالثة بدلاً من المناصفة، ولكنه يعلم أن تمرير ذلك صعب للغاية لذلك يلعب سياسة الدولة الفاشلة، على غرار سياسة الأرض المحروقة، وعندما يصل إلى إنهاء الدولة عملياً، وبعد أن تتوافر الظروف الخارجية الملائمة، فسيعود إلى الاقتراح الإيراني المطروح منذ سبع سنوات.