Site icon IMLebanon

اقتصاد «كبار السن» يعد بمكاسب كبيرة


جون أوثرز

على مدى السنوات الثلاث الماضية، اشترى الشعب الياباني حفاظات لكبار السن أكثر مما اشترى حفاظات الأطفال الرضع. لقد وصل اقتصاد “كبار السن”، الناشئ عن زيادة طول العمر وانخفاض معدلات الولادة.

نحن نميل إلى التفكير في هذا الأمر على أنه ظاهرة سلبية. وكما تشير الإحصائيات حول الحفاظات، فإن فكرة وجود عالم يفوق فيه عدد المسنين جداً عدد الشباب تنذر بالخطر. هذا هو الحال، على الرغم من أن كثيرا منا يريد حياة أطول، وعلى الرغم من أن الإحصائيات التي تم تقديمها أصبحت ممكنة بسبب انتصارات الطب الملحوظة في زيادة العمر المتوقع في العالم 20 عاماً بين عامي 1950 و2000. زيادة طول العمر هذه تفتح عالماً جديداً من المعضلات الأخلاقية الصعبة.
والظاهرة تعتبر عالمية تقريباً. وتعتبر اليابان الدولة الأكبر عمرا في العالم، وأوروبا الأكبر عمرا بين القارات، لكن الدولة الأسرع في نمو عدد السكان المسنين في العقود المقبلة ستكون في العالم الناشئ، وبشكل خاص ستكون الصين.
وفي مجال التمويل، ينظر إلى الشيخوخة أيضاً باعتبارها مشكلة. صناعة الادخار نمت إلى حد كبير للاحتراس من مخاطر الموت المبكر جداً ــ من خلال التأمين على الحياة. ولا يزال عليها أن تكمل تحولها إلى الاحتراس ضد خطر العيش عمراً طويلاً فوق الحد.

الضغط على المعاشات التقاعدية أظهر نفسه فعليا في الانتقال من خطط المنافع المحددة، التي تعد بدخل محدد في التقاعد، إلى خطط المساهمة المحددة، التي لا تعد بذلك. كذلك النمو في طول العمر يعرِّض للإجهاد خطط المعاشات التقاعدية أكثر حتى من العوائد المتدنية من السندات التي تجعل من الصعب ضمان الدخل. ووفقاً لجمعية الإكتواريين الأمريكية، كل سنة إضافية من طول العمر تثير متطلبات متعلقة بالمعاشات التقاعدية تبلغ نسبتها 9 في المائة.

الخيارات الشخصية زادت هي الأخرى من تعقيد الموضوع. فوفقاً للجمعية الأمريكية للمتقاعدين، بلغ معدل مدخرات التقاعد لأعضاء جيل طفرة المواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية 50 ألف دولار ــ وهو مبلغ لا يكفي لتمويل التقاعد لعدة عقود.

أضف إلى ذلك تنامي مشكلة تمويل الرعاية طويلة الأمد، والدورة الجديدة من “تحويشة العمر”، التي لا يصبح العمر فيها أطول من قبل فقط، وإنما زاد فيها الإنفاق بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الماضية. وطول العمر يمكن أن يتبين أنه التحدي الأساسي للجيل المقبل.

لكن هذه المشكلات توجد بعض الفرص. وتوجه رأس المال نحو أولئك الذين يسعون لضمان أن الحياة الأطول نعمة وليست نقمة، يمكن إلى حد كبير أن يتبين أنه أمر مربح جداً.

هذا هو موضوع أطروحة “الدولار في اقتصاد كبار العمر”، وهو تقرير ضخم نشره بنك أوف أميركا ميريل لينتش. وفي ما وصفه مؤلف التقرير، ساربجيت ناهال، بأنه “الدليل إلى ثورة طول العمر”، عرض البنك قائم بأكثر من 160 سهماً يمكن أن تستفيد من زيادة طول العمر.

وتتضمن القائمة ثلاث نقاط للدخول. الأولى، والأكثر وضوحاً، هي قطاع الصناعات الدوائية والرعاية الصحية، الذي يجب أن يحول التركيز نحو الأمراض المزمنة التي يحدث معظمها في سن الشيخوخة، ونحو الأجهزة الطبية التي يحتاجها كبار السن بشكل كبير. الثانية، هي الاستثمار في الشركات المالية التي من شأنها أن توفر التمويل اللازم لحياة أطول. وأخيراً، هناك الفرص الاستهلاكية.

بين مجموعات الرعاية الصحية، تبدو بعض أفكار ميريل لينتش واضحة، مثل “زيمر”. فهي تُتداول بأكثر من 24 ضعفاً من الأرباح المستقبلية، ولكونها تسجل ارتفاعا منذ سنوات عديدة، يبدو أن كثيرين مدركون لآفاق السير بمساعدة جهاز المشي.

هناك أفكار أخرى تعتبر أقل وضوحاً. تغلغل منتجات تصحيح البصر بشكل منخفض في الأسواق الناشئة أمر يمكن، بحسب ميريل، أن يوجد فرصا. وتنطبق حجج مماثلة على أجهزة السمع. والطلب على علاجات مرض السكري والخرف لا مجال أمامه إلا الارتفاع.

في الواقع، التأثير المحتمل لزيادة طول العمر واضح جداً حيث إن هناك خطراً كبيراً من الفقاعات قصيرة الأجل التي تحدث في الوقت الذي تأتي فيه التكنولوجيات إلى السوق. والإثارة الأخيرة في مجال التكنولوجيا الأحيائية تعتبر أحد الأمثلة.

ومن بين شركات الخدمات المالية، تخمن ميريل لينتش أن الشركات التي يكون وضعها أفضل في مواجهة التحديات المقبلة، تشمل AMP وليجال آند جنرال، ولينكولن الوطنية، وبرينسبال المالية، وبرودنشال المالية. والخيوط المشتركة التي يجب البحث عنها تتمثل في شركات التأمين ذات الطابع الدولي (ستأتي أعظم فرصة في آسيا) التي تمكنت بالفعل من التحول نحو منتجات المعاشات.
أما بالنسبة للخيارات الاستهلاكية، فكثير منها يخالف الحدس، وبالتالي غير متوقع. مواليد ما بعد الحرب في الولايات المتحدة يرغبون في الاستمرار في فعل الأشياء التي يقومون بها دائماً. ويشكل الأشخاص الذين هم أكبر من عمر 50 سنة ما نسبته 64 في المائة من زوار الكازينوهات الأمريكية، وأكثر من نصف أولئك الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة قامروا في العام الماضي. جيل الطفرة السكانية هذا يحب السفر والاهتمام بمظهره. وتشكل المرأة الأوروبية فوق عمر 60 ما نسبته 34 في المائة من سوق العناية ببشرة الوجه، وهي ضعف نسبة النساء دون 25 عاما.
هذه اتجاهات تنطبق على الأمد البعيد. الفائزون على المدى الطويل ربما لا يكونون قد ولدوا بعد (تماماً كما هو الحال مع جوجل وفيسبوك اللتين لم تصبحا شركتين عامتين إلا بعد سنوات من طفرة الدوت كوم). وهناك مخاطر للجميع. إن دفع تكاليف نعمة الحياة الأطول سيتطلب مالاً كثيراً. لكن هناك بعض الفرص الإيجابية في ذلك، ويجدر بنا استكشافها.