بقلم رولا حداد
يكثر الحديث عن نسب حظوظ المرشحين الى رئاسة الجمهورية في لبنان. كل فريق يجري حسابات نسب الفوز الممكنة لمرشحيه المعلنين وغير المعلنين، وكل مرشح يجري حساباته الخاصة ويسعى الى تسريب أجواء متفائلة الى الإعلام عن حظوظ له ترتفع وحظوظ تتضاءل لحلفائه. ويبقى السؤال عن حظ الوطن!
أي حظ لوطن في رئاسة من غير مرشحين وبرامج معلنة، باستثناء ترشيح سمير جعجع وبرنامجه؟
أي حظ لوطن في انتخابات رئاسية تجري بحسب توقيت مصالح تتسع إقليمياً لتناسب دولاَ وتضيق محلياً على قياس أشخاص؟
في المعركة القائمة يسعى العماد ميشال عون لتسويق معادلة واحدة وهي أن حظوظ سمير جعجع معدومة وبالتالي عليه الانسحاب لمصلحته ليأتي رئيس قوي للمسيحيين. وبالنسبة لعون لا حظوظ لأي مرشح غيره، لأن النصاب لن يتأمّن لأي مرشح غيره!
ما لا يحسبه الجنرال جيداً هو أن حظوظه هو أيضاً معدومة، وخصوصا بعدما تبلّغ من الرئيس سعد الحريري رسمياً القرار بعدم السير به كمرشح للرئاسة. وما لا يحسبه الجنرال أن إعلان رئيس النظام السوري بشار الأسد تأييده للرئاسة كافٍ ليقطع الطريق ليس فقط على ترشحه للرئاسة إنما وربما لكل القنوات الحوارية مع تيار المستقبل. وبالتالي على الجنرال أن يقتنع كما اقتنع الحكيم أن إنقاذ الوطن ورئاسة الجمهورية أكبر من الأشخاص…
وما لا يحسبه الجنرال أيضاً أن حلفاءه هم أكثر من يدرك أن لا حظوظ لديه على الإطلاق وأنهم يفاوضون “على رأسه” لمحاولة إيصال مرشح يناسبهم.
لن تنفع محاولات الجنرال مع الرئيس نبيه بري، فرغم كل الكلام المعسول الذي يمكن أن يسمعه فهو يعرف جيداً أن من أصرّ على مرشحه في جزين في وجه اللائحة العونية لن يقبل بالتصويت لعون للرئاسة. كما أن بري يبدو أقرب بكثير الى حليفه وليد جنبلاط الرافض للتصويت لعون كما لجعجع، وبالتالي فإم مهمة جنبلاط بإقناع بري بخياراته تبدو أسهل بكثير من مهمة عون إقناع في بري!
وما لا يدركه الجنرال أن ترشيحه أصبح من الماضي، وعليه أن يعي ذلك جيداً لنتمكن من مقاربة ملف انتخابات رئاسة الجمهورية بشكل فعلي للوصول الى انتخاب رئيس جديد.
طرح سمير جعجع مبادرته العقلانية ورمى الطابة في ملعب الجنرال كما في ملعب البطريرك الراعي بإعلانه قبوله السير بلائحة الأسماء التي تداولتها بكركي وإن بشكل غير رسمي، وهذا ما اضطرها للنفي لاحقاً.
وبات المطلوب اليوم، وبإلحاح، أن يخضع العماد عون لمنطق المصلحة الوطنية العليا، وأن يلاقي المبادرة التي أطلقها سمير جعجع، إما بالقبول بها وإما بطرح مبادرة جديدة جدية قابلة للحوار والنقاش للخروج من المأزق الراهن.
وليكن العنوان العريض لأي توافق مسيحي على أي مرشح لرئاسة الجمهورية هو أن يتبنى هذا المرشح “وثيقة بكركي” كبرنامج عمل وحيد، وخصوصاً أن هذه الوثيقة وافق عليها عون بنسبة 100 في المئة كما أعلن بنفسه، كما أيّدها جعجع من دون تحفّظ.
إن أي تباطؤ أو تأخير في طرح المبادرات والنقاش فيها جدياً وسريعاً، سواء لتضييع الوقت في الرهان على معطيات دولية أو تغييرات في موازين القوى الداخلية بعد الانتخابات النيابية التي لا يمكن لأحد الجزم بإجرائها، إنما يصيب جميع المسيحيين في لبنان من خلال تعطيل موقع رئاسة الجمهورية كما يصيب جميع اللبنانيين من خلال شلّ المؤسسات التي لا يمكن أن تعمل بشكل طبيعي في غياب رئيس للجمهورية.
لذلك المطلوب فوراً وقف الرهانات الخاطئة، والعودة الى اللقاء تحت سقف بكركي للنزول الى مجلس النواب بمرشح يحظى بإجماع مسيحي لا يمكن لأي من الأطراف الآخرين رفضه عندها. وعندها فقط تسقط حسابات الحظوظ لدى المرشحين ويشرق حظ الوطن!