Site icon IMLebanon

المستثمرون اللبنانيون في العراق ليسوا قلقين!

Akhbar

محمد وهبة

اربيل، البصرة، بغداد… مناطق تتركّز فيها الاستثمارات اللبنانية في العراق. هي عبارة عن مشاريع في مجالات السياحة والإنشاءات العقارية وفي التجارة والصناعة… كلها انطلقت نحو بلد النفط العراقي الذي يعيش حالة عدم استقرار أمني متواصل. تعرف هذه الاستثمارات مخاطرها مسبقاً، ووقوع بعض مدن الشمال بيد «داعش» لا يقلقها!
كل هذه الضجة في العراق، لم تُثِر أي «قلق خاص» لدى أصحاب الاستثمارات اللبنانية هناك، التجار والصناعيين والمصرفيين والمؤسسات السياحية… كل هؤلاء يصرّون على أن المخاطر الأمنية في العراق مُبالغ في تقديرها. لعلّ السبب الرئيسي وراء هذا الهدوء، هو أن هذه الاستثمارات تتركّز في مناطق جنوب العراق ووسطه، أي بعيداً عما يجري في شمال العراق.

«لم تتوقف التوترات الأمنية في العراق منذ أكثر من 10 سنوات. كل الذين استثمروا هناك يعلمون أنهم استثمروا في مناخ تتغيّر فيه درجات المخاطر بسرعة من هدوء إلى توتّر. اليوم ارتفعت درجة التوتّر كثيراً، لكن هذه المخاطر لا تدفع أي من الراغبين بالاستثمار في العراق نحو تعديل خططهم». هذه هي الإجابة التي قدّمها رئيس تجمّع رجال الأعمال فؤاد زمكحل، تعليقاً على سؤال عن المخاطر اللاحقة بالاستثمارات اللبنانية في العراق. الكلام نفسه تكرّر أمس في الاتصالات التي أجرتها «الأخبار» مع كبار المستثمرين اللبنانيين في العراق، الذين أجمعوا على وجود مبالغة في الحديث عن التوترات الامنية الأخيرة، وسيطرة «داعش» على بعض المناطق.
مهما يكن حال الاوضاع الأمنية، فإن خريطة الاستثمارات اللبنانية في العراق تزدحم بجميع أشكال الاستثمارات، التي تتركّز في ثلاث مناطق بحسب الرئيس السابق لجمعية الصناعيين اللبنانيين جاك صرّاف. الغالبية في كردستان العراق، حيث يتركّز وجود المصارف والمؤسسات السياحية والتجارية، وفي البصرة وبغداد أيضاً.
وتقسم هذه الاستثمارات إلى أنواع برغم أن غالبيتها وأكبرها يقع في اربيل؛ فهناك نحو 7 مصارف لبنانية في إربيل، ويرتقب أن يزيد عددها على 10 مصارف. مشكلة المصارف اللبنانية في العراق، ليست مشكلة أمنية، بل هي مشكلة قوانين لا تسمح بالتملك الأجنبي، وبالتالي، فإن الضمانات العقارية التي تحصل عليها المصارف مقابل تسليفاتها هناك لا قيمة فعلية لها، أما الضمانات المالية، فهي لا تحتسب بالدولار، بل بالدينار العراقي.

وقد أنشأت مجموعة ماليا غروب التي يملكها الأخوان صرّاف، فندقاً ضخماً في إربيل من فئة الخمس نجوم، وهي تستثمر حالياً أكثر من 50 مليون دولار لتأسيس فندق ثانٍ. ولدى هذه المجموعة أيضاً مجموعة توكيلات لبعض السلع الغذائية والدخان تديرها من خلال شركة ومستودعات موجودة في بغداد والموصل.
وتؤسّس شركة الشرق الأوسط للصناعة المملوكة من الأخوين جابر مصنعاً ضخماً لصناعة قناني الغاز التي تنتجها في لبنان تحت الاسم التجاري «سيغما». كذلك تدير شركة الإنماء المملوكة من رجل الأعمال أدهم طباجة ومن مستثمرين آخرين مجموعة من المؤسسات في البصرة وبغداد، وهي مجموعة مؤسسات سياحية وتجارية وعقارية لديها سلسلة مطاعم في بغداد والبصرة، ومصانع خشب في البصرة ومول تجاري أيضاً، فضلاً عن أعمال عقارية مختلفة…
وفي الأشهر الأخيرة، افتتح آل العساف، الذين يملكون الشركة العصرية للمرطبات التي تنتج «بيبسي كولا» في لبنان والعصائر التابعة لها، مصنعاً لإنتاج «بيبسي كولا» في جنوب العراق باستثمار إجمالي قيمته 60 مليون دولار.
ومن كبار المستثمرين في العراق، عباس فواز، الذي يملك سلسلة فنادق في كربلاء والنجف… «فتّال» أيضاً موجود من خلال بعض التوكيلات المختلفة لبيع بعض أنواع السلع في السوق العراقية.
يشير صرّاف إلى وجود أكثر من 150 مطعما لبناني في العراق، ويؤكد أن الاستثمارات التجارية اللبنانية في العراق تتركّز في بغداد «لكن لدينا بعض المستودعات في الموصل، وقد تمكنّا من سحب الشاحنات المحمّلة بالبضائع على مدى اليومين الماضيين. الأمر لم يكن بالصعوبة المتوقعة في ظل المناخ الحالي، لأن الهدوء كان يعمّ الموصل برغم كل الحديث عن التوترات الأمنية هناك».
وما يعزّز اطمئنان صرّاف أن «هناك اتصالات جارية بين قيادات كردستان العراق ورئيس الحكومة العراقية، وهذا مؤشّر على الرغبة في ألا تفلت الأمور من عقالها»، لكن برغم ذلك، تبقى بعض الهواجس قائمة مثل خطوط نقل البضائع. «المشكلة ليست في تراجع الطلب الاستهلاكي، بل على العكس إن الطلب على بعض أنواع السلع في هذه الأوقات يزيد، وخصوصاً الغذاء والدخان، لكن كيفية تلبية هذا الطلب هي الأمر الأساسي لأن همزات الوصل بين المدن مقطوعة» يقول صرّاف.
إذاً، «القلق قلق عام، لكن الاستثمارات اللبنانية في العراق لم تتأثّر بأي شيء لأن كل ما يحصل هو خارج بغداد، وخارج المناطق التي وُضعت فيها هذه الاستثمارات» يقول أحد كبار المستثمرين في البصرة وبغداد. ويضيف هذا الرجل الذي رفض ذكر اسمه، إن الفلوجة هي أقرب نقطة حامية إلى بغداد، وهي تبعد عنها نحو 200 كيلومتر.
ويتعزّز هذا القول من خلال النظرة إلى مستقبل العراق بكونه وجهة استثمارية، إذ يشير النائب ياسين جابر، إلى أن «الكثافة الاستثمارية صبّت في منطقة إربيل في كردستان، لكن الحركة في وسط وجنوب العراق بدأت تظهر تدريجاً لأن العراق بلد واعد جداً، ولديه ثلاثة مقوّمات: كثافة بشرية كبيرة تصل إلى 24 مليون نسمة، يضاف إليها نمو سكاني سريع، حاجات كبيرة، لأن المقيمين في هذا البلد ينقصهم كل شيء تقريباً. فعلى سبيل المثال هناك حاجة لنحو مليون شقة، وحاجة قوية إلى الخدمات الأساسية مثل الطبابة وسواها. والأمر الثالث، وهو الأهم، أن لدى هذا البلد القدرة المالية على شراء كل هذه الحاجات، علماً بأن غالبية الصناعات ضربت أثناء الحرب».
ويلفت جابر إلى أن قانون الاستثمارات في العراق جيد، ويسمح للأجانب في توظيف أموالهم هناك ويمنح كل المستثمرين إعفاءات.