النخبة من نجوم كرة القدم البرازيلية هم من الشباب ويتمتعون بشهرة عالمية: 17 من بين 23 لاعبا يلعبون في كأس العالم للمرة الأولى، و18 يلعبون في فرق أجنبية. ويتمتع لاعبو الفريق بأعلى قيمة سوقية بين المشاركين في كأس العالم، حيث تقدر قيمتهم بأكثر من 700 مليون دولار، وفقا لشركة بلوري لاستشارات التسويق الرياضي.
وتمثل قصص النجاح، مثل قصة داني ألفيس و نيمار الصغير وآخرين ممن ولدوا فقراء وأصبحوا أثرياء في ملاعب كرة القدم، مصدر إلهام لملايين الشباب البرازيلي الذين يحاولون السير على دربهم. ومع هذا، فهناك مشكلة.
يقول لويس فرناندو ريستريبو، المذيع الرياضي في محطة دايريكت تي في “بالنسبة لمن يمتلكون الموهبة ويحالفهم الحظ، تمثل كرة القدم بلا شك مخرجا من الفقر، إلا أن قلة قليلة هي التي تنجح في ذلك.”
هذه الأقلية- اللاعبون الذين يزيد دخلهم عن عشرين مثل الحد الأدنى للأجر (ما يعادل 6380 دولارا)- تشكل 2 في المائة فقط من 31 ألف لاعب كانوا مسجلين لدى اتحاد الكرة البرازيلي عام 2012. وهناك ما يقرب من 25 ألف لاعب (82 في المائة) يقل دخلهم الشهري عن مثلي الحد الأدنى من الأجر الشهري (638 دولارا).
وعلى النقيض من ذلك، تصل نسبة العمال الذين يحصلون على أقل من مثلي الحد الأدنى للأجور في باقي المجتمع إلى 68 في المائة، حسب المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء (IBGE).
“مازال دخل المواطن البرازيلي منخفضا بشكل عام”، حسب كلوديا باديني، خبيرة الحماية الاجتماعية بالبنك الدولي “ومن الغريب أن هذا الدخل ينخفض أكثر في حالة لاعبي كرة القدم”.
عاطلون وفقراء
يواجه اللاعبون المزيد من الصعوبات في ممارسة حقوقهم العمالية. أحد هذه الحقوق هو التأمين ضد البطالة، وهو حق أساسي بالنسبة للنشاط الرياضي: نحو 80 في المائة من لاعبي كرة القدم البرازيليين لا يلعبون أكثر من ستة أشهر في السنة حين لا تقام بطولات وطنية.
هذا الإحصاء مقتبس من نادي بوم سنسو لكرة القدم، وهو رابطة لاعبين مكرسة لإضفاء المزيد من الشفافية على رياضة كرة القدم وتحسين ظروف العمل.
يقول حارس المرمى السابق رينالدو مارتوريلي، الذي أصبح اليوم محامي ورئيس الاتحاد الوطني لمحترفي كرة القدم (Fenapaf) العضو في الاتحاد العالمي لكرة القدم FIFPro “بهذا التقويم الزمني، يوقع الكثير من اللاعبين عقودا قصيرة الأجل. وحينما تنتهي مدة العقد، ينتهي بهم المطاف في الشارع في ظل انعدام التأمين ضد البطالة.”
ووفقا لمارتوريلي، فالتأمين متاح فقط للاعبين الذين يتم تسريحهم بدون مبرر، وليس لأولئك الذين ينتهي سريان عقودهم. مارتوريللي هو واحد من لاعبين قلائل تمكنوا من الانتقال من ملاعب كرة القدم إلى مهنة أكثر استدامة.
بالطبع، لا تمثل كيفية تحقيق هذا الانتقال محل اهتمام كبير أثناء التمرين والمسار المهني القصير للاعبي كرة القدم “الآخرين” في البرازيل.
تدريب محدود
في البرازيل- وخاصة ساو باولو- أبرمت العديد من نوادي كرة القدم اتفاقات مع المدارس. هذه الاتفاقات تشترط ألا ينزل اللاعبون إلى الملعب إلا بعد أن يجتازوا كافة المواد الدراسية.
يقول مارتوريللي “المشكلة هي أنه مع نظام التدريب المطلوب لكي يصبح اللاعب محترفا، يجد الرياضيون صعوبة في الانتباه إلى الدروس. ولتجنب الخروج عن مسار مستقبل من المفترض أنه مشرق، ينتهي المدرسون إلى التساهل في إنجاح الطلاب حتى عندما يفشلون في شرح نص أو في حل مسألة رياضية بسيطة.”
ولا يجد اللاعبون أنفسهم فقط في وضع يرثى له بسبب تخرجهم من المدارس دون أن يتعلموا كما يجب، بل يندر أيضا أن يحصلوا على الفرص المتاحة للشباب ذوي الدخل المنخفض. تقول كلوديا باديني “هناك برامج حكومية توفر الحصول على دورات تدريبية ومنح دراسة جزئية أو كاملة، لكننا لا ندري ما إذا كان الرياضيون على دراية بها”.
ويقول ريستريبو “تركز الأكاديميات والنوادي على صناعة شخص رياضي، وليس شخص كامل. من المهم التركيز أكثر على التعليم.”
هذه وقضايا اجتماعية أخرى جذبت انتباها متزايدا منذ أن تم اختيار واحد من أكثر المجتمعات التي تعدم المساواة في العالم لتنظيم كأس العالم، لاسيما في حالة أولئك الذين اختاروا الرياضة كمورد رزق. ويكمن التحدي الحقيقي أمام البرازيل في عدم نسيان هذه المهام العالقة بمجرد انتهاء كأس العالم.