حسين سعد
يتلمّس العاملون في القطاع السياحي والخدماتي في الجنوب، لا سيما مدينة صور والمناطق الساحلية الممتدّة من الليطاني وحتى الناقورة، موسماً سياحياً مختلفاً عن الموسم السابق الذي كان شهد ركوداً غير مسبوق.
جرعة التفاؤل التي يعبّر عنها غالبية العاملين في هذا الحقل وأصحاب المؤسسات السياحية تترجمها الحركة السياحية المتمثلة بنسبة الحجوزات التي وصلت إلى 40 في المئة في فنادق المنطقة، إضافةً إلى بدء بروز حركة مغتربين من أميركا وأوروبا وافريقيا قبل أسابيع قليلة من ترقب “تدفقهم” بعد الخامس عشر من حزيران الحالي، تزامناً مع انتهاء العام الدراسي.
يوضح أكثر من صاحب فندق لـ”السفير” أن “الموسم السياحي يراهن على استمرار الاستقرار الأمني الذي يُعدّ عاملاً رئيسيًّا في دورة النشاط السياحي، على مستوى وفود المغتربين وإقبال أبناء المناطق اللبنانية الأخرى الى صور التي تجمع سياحتها الصيفية بين شاطئها وفنادقها ومطاعمها وآثارها”.
ثقة المستثمرين
اللافت للانتباه في صور ومنطقتها، وعلى وجه الخصوص المنطقة الساحلية الممتدة من صور حتى الناقورة، تمدّد المؤسسات والمشاريع السياحية الكبيرة، ومن بينها الفنادق خلال السنتين الماضيتين والتي قاربت العشرة، ما يشكل دليلاً على ثقة المستثمرين بأهمية القطاع السياحي الذي يسهم بإنعاش قطاعات أخرى لا سيما الخدمات.
يؤكّد أصحاب مؤسسات ومستثمرون لـ”السفير” أنّ “ما يطمحون إليه هو رفع مستوى الخدمات المتممة للنشاط السياحي وتحديداً البنى التحتية، وتسليط الضوء إعلانيّاً وإعلاميّاً على هذه المنطقة، وعودة مهرجانات صور الدولية المتوقفة منذ أربع سنوات والتي كانت تؤدي قسطاً ملموساً في رفع مستوى الحركة السياحية”.
يتوسّم وائل شرف الدين أحد أصحاب المؤسسات على كورنيش صور الجنوبي، خيراً بالموسم في صور التي “تشكل مقصداً لكثير من اللبنانيين المقيمين والوافدين من المغتربات لتمضية عطلة الصيف”، مفيداً بأن “بداية الموسم تبدو إيجابية، من خلال انتعاش النشاط بعد فترة من الجمود الكبير في سائر القطاعات”، مشدداً على أهمية “الاستقرار الأمني والهدوء اللذين تشهدهما المنطقة ويرفعان نسبة التفاؤل ويحفزان عودة المغتربين”.
وفود المغتربين
كذلك يراهن سلام عطوي صاحب مؤسسة سياحية حديثة على أن “يكون موسم الجنوب السياحي واعداً، في ظل الاستقرار الأمني والسياسي العام”.
ويشير إلى أنه “يتلمّس أجواء إيجابية هذه السنة، قد بدأت بوادرها من خلال بدء وفود المغتربين من أبناء المنطقة من مختلف الدول التي يقيمون فيها، على عكس السنة الماضية التي تزامن موسمها السياحي مع أحداث أمنية كبيرة أرخت بثقلها على مجمل النشاط”.
الصورة عند زهير ارناؤوط صاحب مؤسسة سياحية على مقربة من الناقورة، غير واضحة إلى الآن، لكنه لا يخفي مسحة التفاؤل بموسم مقبول يعوّض عن السنوات الثلاث الماضية.
ويوضح ارناؤوط الذي كان تعرّض مطعمه في صور للتفجير قبل أن ينتقل إلى الناقورة الى “وجود عوامل عديدة تؤثر في انطلاق الموسم السياحي، ومنها أحوال الطقس المتقلب ومصادفة شهر رمضان في عز الموسم”.
غياب المهرجانات
من جهته، يثني حسين ترحيني مدير أحد الفنادق في صور على تحسن الأوضاع الأمنية قياساً بالسنة الماضية. ويقول: “لدينا نسبة حجوزات مقبولة حتى الآن”، آملاً أن “يستمر هذا التحسن الذي يرفده قدوم المغتربين اللبنانيين من افريقيا وأميركا وأوروبا والخليج العربي”.
ويعرب ترحيني عن “أسفه الكبير لغياب المهرجانات السياحية عن الجنوب التي كان تنظيمها يشكل دفعاً للنشاط السياحي”، سائلاً في الوقت نفسه: “لماذا ما زلنا نفتقر إلى وجود خارطة سياحية، ووسائل لتحفيز السياح على زيارة الجنوب عبر حملات دعائية تظهر المناطق والمواقع والمؤسسات السياحية؟”.
يعبّر محمود مهدي صاحب فندق ومطعم في الناقورة عن “ارتياحه لبداية الموسم السياحي على مستويات كافة”، مؤكداً أن “نسبة الحجوزات حتى الآن تعدّت الـ40 في المئة، وغالبية الزبائن من المغتربين في افريقيا وسواها وعناصر من الأمم المتحدة”.
موسم مختلف
في موازاة ذلك، ينتظر نائب رئيس “الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية في لبنان” علي طباجة “موسماً مختلفاً تماماً عن المواسم التي مرّت في السنوات القليلة الماضية”، معيداً أسباب تفاؤله إلى الاستقرار الأمني في لبنان والجنوب تحديداً، واستعدادات المغتربين لتمضية عطلتهم الصيفية في لبنان، بعدما حرم كثيرون منهم من زيارة لبنان نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية التي كانت سائدة”.
ويتوقع طباجة أن يكون مستوى الحجوزات في فنادق صور والجنوب التي يوجد فيها أكثر من 300 غرفة، جيداً، فيعوّض ما فات في المواسم الماضية بالحد الأدنى”.
كما يلحظ نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي تحسناً واضحاً في النشاط السياحي مع بداية الموسم. ويشير إلى أن “البلدية نفّذت مجموعة نشاطات وأعمال لتأمين راحة أبناء المنطقة والوافدين من باقي المناطق وبلاد الاغتراب، كتأهيل المستديرات الرئيسية وغرس الأشجار والورود، وتركيب لمبات على الطاقة الشمسية على مداخل المدينة”.
ويوضح صبراوي أن “البلدية دعمت بشكل كبير المهرجان المسرحي الذي إستمرّ حتى 12 حزيران الحالي، إضافةً إلى تنظيم مهرجان التزلج المائي الثاني في السادس والسابع من ايلول المقبل، وأيضاً تحويل الكورنيش الجنوبي في المدينة الى شارع للمشاة كل سبت وأحد من كل أسبوع، وإتاحة الفرصة لمستثمري واصحاب المؤسسات السياحية الإفادة عبر وضع طاولات وكراسي مقابل بدل مالي للبلدية”.
ويلفت الانتباه إلى أن “البلدية منحت مؤخراً تراخيص لمؤسسات سياحية جديدة في المنطقة، ما يدل على تحسن الحركة في هذا القطاع على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة”.
ويأمل صبراوي من “لجنة مهرجانات صور إعادة النظر فعلياً في تنظيم المهرجانات السنوية اسوة بباقي المناطق، خصوصاً أن صور تتمتّع بمقومات الجذب السياحي”.