بقي الاقتصاد اللبناني، في الأسبوع الثاني من حزيران 2014، أسير التجاذبات والمناكفات السياسية حيال اكثر من ملف اقتصادي، مالي ومعيشي خلافي، الأمر الذي خفّف من انطلاقة الاقتصاد التي سُجلت في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الحالية.
وكان الواضح هذا الأسبوع حجم الضغوط التي تعرض لها الاقتصاد، من سلسلة الرتب والرواتب، ومن مشروع موازنة العام 2014، اضافة إلى الضغط الموصول من ملف الفراغ الرئاسي، اضف إلى ذلك استمرار تأثر الاقتصاد بالتداعيات المتأتية من ملف النزوح السوري.
وإذا كان البعض قرأ في الملفات الخلافية المشار إليها أعلاه، والتي لا يبدو أن حلها متاح في المدى المنظور مؤشرات سلبية على الاقتصاد، فان هناك من يرى أن أمام اقتصاد 2014 أكثر من فرصة لتعويض، أو على الأقل للحد من الخسائر، وأولى هذه الفرص هي الاستفادة من الوضع الامني الممسوك، وترقب صيف واعد، مع عودة الزوار الخليجيين إلى لبنان، والحديث عن حجوزات مرتفعة في القطاع الفندقي (بين 80 و85٪)، إضافة الى حجوزات كبيرة على خطوط شركات الطيران المقبلة إلى لبنان.
وعليه فان نظرة تفاؤل وارتياح تسود القطاعات السياحية هذه الأيام، بانتظار اختبار حقيقي لموسم الصيف في قابل الأيام. وقبل الخوض في محصلة المؤشرات والارقام المالية والاقتصادية الخاصة بهذا الأسبوع، لا بدّ من الإشارة إلى «عجقة» وكثافة المؤتمرات المالية والمصرفية والاقتصادية التي شهدتها العاصمة بيروت هذا الأسبوع، والتي تجاوز عددها الـ10 مؤتمرات، وهذا الامر يُؤكّد في حدّ ذاته على قدرة لبنان في العودة الى احتلال موضع متقدّم على لائحة الدول الاكثر استضافة للمؤتمرات الدولية.
وبالعودة إلى لغة الأرقام والاحصاءات قال التقرير الاقتصادي الأسبوعي لمجموعة «بنك الاعتماد اللبناني» أن البنك الدولي صنّف في تقرير تحت عنوان «الآفاق الاقتصادية العالمية – حزيران 2014 تغيير الأولويات وبناء المستقبل» لبنان في المرتبة الثامنة إقليمياً لجهة النمو الاقتصادي المرتقب للعام 2014، مع توقعات أن تصل نسبة النمو الى 1.5 في المئة مع نهاية هذا العام، متخطياً بذلك كل من سوريا (نمو اقتصادي سلبي بحدود الـ8.6٪) وليبيا (نمو اقتصادي بنسبة 9.7-٪). كما ارتقب التقرير ان تتحسن نسبة النمو إلى 2.5 في المئة، قبل ان تصل تدريجياً الى 3.5 في المئة في نهاية العام 2016.
من جهة ثانية، أصدرت شركة الاستثمار العالمية MSCI والتي تقدّم وسائل وحلول مختلفة في مجال إدارة المخاطر الاستثمارية، تقريرها الأخير المؤرخ في حزيران 2014 حول سهولة الدخول إلى الأسواق المالية في مختلف بلدان العالم.
على صعيد محلي، صنّف التقرير لبنان ضمن لائحة البلدان ذات الأسواق الهامشية وقد كشف التقرير أن المشكلة الأساسية لجهة حقوق المستثمرين الأجانب والتشريعات المتبعة في السوق وتدفق المعلومات في لبنان تكمن في غياب بعض المستندات الأساسية باللغة الانكليزية الأمر الذي يعيق حركة الأسواق المالية.
من جهة أخرى، ذكر التقرير أن عملية تسجيل المستثمرين في أسواق المال وفتح حسابات العملاء هي إلزامية، وقد تستلزم مُـدّة أقصاها خمسة أيام، كذلك فان عملية فصل أمانة السجل وحسابات التداول العائدة للمستثمرين تعد إلزامية في لبنان، وذلك بهدف التخفيف من المخاطر التي قد تنجم عن تمتع وسطاء ماليين محليين بإمكانية الولوج الى تلك الحسابات.
من جهته، أصدر صندوق النقد الدولي مؤخراً تقريراً حول العواقب الناجمة عن الحروب التي اندلعت في بلدان المنطقة. وتشمل حلقات الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1991)، وحرب الخليج (1990 – 1991) وحرب العراق في العام 2003. وأشار التقرير إلى ان لبنان قد شهد انخفاضاً حاداً في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 70 في المئة خلال فترة الحرب الأهلية، وذلك نتيجة للفترة الزمنية الطويلة لتلك النزاعات وحدة التوترات.
على الصعيدالنقدي، عانى لبنان من معدلات تضخم مرتفعة خلال الحرب الاهلية، جرّاء النمو السريع في السيولة وانعدام الثقة في الاقتصاد اللبناني، بالإضافة إلى ذلك، أدى هذا التراجع في الثقة إلى تدهور في سعر صرف العملية اللبنانية خلال فترة الحرب من عجز ملحوظ في حسابه الجاري وفي المالية العامة ومن خروج الرساميل وهجرة الأدمغة.
في مقلب آخر، أظهرت إحصاءات جمعية مستوردي السيّارات ارتفاعاً في مبيعات السيّارات الجديدة في لبنان إلى 3.769 سيّارة خلال شهر أيّار من العام 2014، مقابل 2.993 سيّارة خلال شهر نيسان. وتأتي ارقام شهر أيّار أعلى بنسبة 14.39 في المئة من المستوى الذي كانت عليه في شهر أيّار 2013، والبالغ حينها 3.295 سيّارة. اما على صعيد تراكمي، فقد ازدادت مبيعات السيّارات الجديدة في لبنان بنسبة 2.67 في المئة سنوياً خلال فترة الأشهر الخمسة الاولى من العام 2014 إلى 14.558 سيّارة في نهاية شهر أيّار، مقابل 14.179 سيّارة خلال الفترة نفسها من العام 2013.
جدير ذكره أخيراً انه واستناداً إلى تعميم جمعية المصارف في لبنان رقم 200/2014 أوصى مجلس إدارة الجمعية، خلال اجتماع الأخير، المصارف اللبنانية برفع معدل الفائدة المرجعية في السوق على التسليفات بالليرة اللبنانية بثلاث نقاط اساس إلى 8.61 في المئة ابتداء من مطلع شهر تموز 2014. في السياق نفسه حث مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان المصارف اللبنانية على زيادة معدل الفائدة المرجعية في السوق على التسليفات بالدولار الاميركي بخمس نقاط أساس الى 5.99 في المئة.
يجدر الذكر أن معدلات الفائدة المذكورة أعلاه لا تحل مكان معدلات الفوائد المدينة الفضلى، بل تشكّل اساساً لاحتسابها بعد إضافة مخاطر الائتمان وهوامش الربحية.