طوني رزق
يترنّح القطاع الزراعي اللبناني تحت وطأة الأوضاع الداخلية غير المستقرة وضعف الاهتمام والوعي العام، فضلاً عن تداعيات الأزمة السورية ومجدّداً تحت وطأة ضعف منسوب الامطار. ويعتمد هذا القطاع على الدعم المحلّي والخارجي ويعكس عجزاً كبيراً بين صادراته واستيراداته.
على رغم التحسّن الملحوظ الذي شهده القطاع الزراعي في لبنان فإنه لم يتمكن من الخروج من دائرة الضعف، ولا يزال يعتمد بصورة رئيسة على سياسات الدعم المحلية والدولية ولا سيما مع ضعف هذه المساعدات. ويغطي الدعم الحكومي اللبناني 81,9 في المئة من الصادرات الزراعية.
وبين 2004 و2011 بلغت حصة القطاع الزراعي 4,1 في المئة من الاقتصاد اللبناني بالمقارنة مع 16 في المئة للقطاع التجاري و7 في المئة لقطاع الخدمات المهنية والادارية و7 في المئة لقطاع لخدمات المالية. أمّا أبرز الدول المستوردة للمنتوجات الزراعية اللبنانية فهي: سوريا في المرتبة الاولى مع نسبة 18 في المئة ثم الاردن 17 في المئة فالمملكة العربية السعودية 11 في المئة.
أمّا أبرز الصادرات الزراعية فهي: البطاطا 17 في المئة ثم القمح 9 في المئة فالبنّ 8 في المئة.ومن الدول التي تستورد من لبنان ايضاً ولكن بكميات أقل: روسيا، إسبانيا، الكويت والعراق، مصر والامارات، قطر والبحرين وعمان.
ويعاني القطاع الزراعي في لبنان الكثير من المصاعب ونقاط الضعف التي تحدّ من تحسّن النموّ والانتاجية. ويشكو هذا القطاع من غياب التخطيط الاستراتيجي والوعي التنظيمي. وهناك نقاط تستدعي الاهتمام والمعالجة مثل مراقبة وتحسين النوعية لدعم التنافسية خصوصاً إزاء أسواق كبيرة مثل السوق الاوروبية حيث كلفة الزراعة مرتفعة كثيراً مقارنة مع كلفتها في لبنان.
ويُسَجَل غياب التعاونيات الزراعية والسياسات التسويقية للانتاج الزراعي. ويؤدي ذلك الى توسيع حجم العجز في الميزان التجاري للمنتوجات الزراعية اللبنانية. وبلغ هذا العجز 707 ملايين دولار في العام 2013 ارتفاعاً من 696 مليون في العام 2012. وبلغت قيمة استيراد المنتوجات الزراعية في لبنان نحو أربعة أضعاف الصادرات، وبلغت 1,91 مليون طن مستورد بقيمة 922,79 مليون دولار في العام 2013.
أمّا حجم الصادرات فبلغ 638 طناً في العام 2013 بقيمة 215 مليون دولار مقارنة مع 545 طناً في العام 2012 قيمة 171 مليون دولار.
وكان حجم الصادرات تضرّر من الازمة السورية علماً أنّ قسماً كبيراً من الصادرات الزراعية اللبنانية يسلك عادةً طريق البر مروراً بالأراضي السورية.
أمّا نقاط القوة في الاقتصاد الزراعي اللبناني فتكمن عموماً وراء التحسن الملحوظ خلال العام 2013 في المناخ المعتدل في المرتبة الاولى، ثم في الارض الخصبة فتوفر المياه، وذلك على رغم انّ هذا القطاع يتأثر بالاوضاع الداخلية العامة وبالنزوح السوري.
ومن جهة اخرى أستفاد بعض المزارعين اللبنانيين من تداعيات الازمة السورية إذ إنّ الاسواق السورية تحوّلت في غالبيتها لطلب الانتاج الزراعي اللبناني بدلاً من استيراده عادة من الدول المجاورة الاخرى.
هذا والمساعدات الحكومية يعتبرها الكثيرون في حدّها الادنى ويجب تعزيزها وترشيدها. ومن اوجه هذه المساعدات تدعيم القروض الزراعية، الاعفاء من الرسوم والضرائب، دعم شراء الاغذية والاسعار ودعم الصادرات.
وتعكس نسبة الـ 0,4 في المئة المخصصة في الموازنة العامة للقطاع الزراعي ضعف الاهتمام العام بالزراعة اللبنانية. ويبقى هذا القطاع يعتمد بصورة خاصة على برنامج المساعدات من منظمة الغذاء والزراعة العالمية «الفاو» ومن القطاع الخاص والاستثمارات الخارجية. كل ذلك يساهم في تضخيم حجم الاستيراد في لبنان وينعكس بالتالي سلباً على الاقتصاد اللبناني بصورة عمومية.
وعلى صعيد آخر، تبلغ قيمة القروض المصرفية المدعومة من مصرف لبنان للقطاع الزراعي 546,83 مليون دولار في العام 2013 وقد تأثرت هذه القروض بالاوضاع غير المستقرة داخلياً إذ انخفضت القروض الجديدة في العام 2013 بنسبة 14,7 في المئة الى 35,44 مليون دولار.
ولكنّ هذا التراجع انسحب وبصورة اكبر على قطاعات أخرى، 27 في المئة للقطاع الصناعي الى 214 مليون دولار و23,8 في المئة للقطاع السياحي الى 157,77 مليون دولار.
وتراجعت ايضاً قروض مؤسسات كفالات في العام 2013 للقطاع الزراعي وتلعب مؤسسة IDAL دوراً مهماً في تسويق وتحسين جودة الانتاج الزراعي اللبناني ومجدّداً من خلال برنامج Agriplus (اغري بلاس) والذي انطلق في ايلول العام 2011 وهو برنامج يتلاءم مع متطلبات منظمة التجارة العالمية على مستوى تحسين النوعية والكمية وبلوغ اسواق عالمية جديدة.
وتبلغ موازنة هذا البرنامج 33 مليون دولار وتحتل صادرات البطاطا حصة الاسد في هذا البرنامج اي نحو 37 في المئة وبعدها الحمضيات ومستخرجات الحليب والموز بنسبة 15 في المئة للاولى والثانية من هذه الصادرات و11 في المئة للثالثة.
أمّا التطلعات المستقبلية بحسب الخبراء فيجب أن تتركز على توقيع اتفاقيات دولية جديدة. ويُنصح بالتوجّه نحو السوق الاوروبية التي تبدو الافضل نظراً لارتفاع كلفة الانتاج الزراعي فيها وهي اعلى بكثير من الكلفة اللبنانية. كما يوصي هؤلاء باعتماد خطط الخمس سنوات لتحسين القطاع وقيادته نحو تحقيق وترجمة إمكاناته التي تتجاوز كثيراً حجم أدائه الحالي.
غير أنّ البعض يتوقع أن يتراجع أداء القطاع الزراعي في لبنان في العام الحالي 2014 نظراً لضعف منسوب الأمطار خلال هذا العام والذي سوف يجعل الصيف صعباً على هذا المستوى.