تحية صادقة وبعد،
صدمني تصريحك الى المؤسسة اللبنانية للإرسال ليل الأحد حول قرارك منع إجراء مباراة الحكمة- الرياضي ضمن نهائيات بطولة لبنان. قلت إن “ارجاء المباراة قرار أمني بامتياز بسبب عدم وجود ضمانات بعدم حصول إشكالات”!
عن أي ضمانات تتحدث يا معالي الوزير؟ وهل أنت في موقع من يطلب الضمانات الأمنية أو في موقع من يعطي هذه الضمانات لجميع اللبنانيين؟
فلنوضح بداية الأمر: نحن نتحدث عن مباراة في كرة السلة في ناديين لبنانيين عريقين هما الحكمة والرياضي. صحيح أن هذين الناديين يتمتعان بأكبر قاعدة جماهيرية في لبنان، لكن الصحيح أيضا أن الجمهورين في السياسة حليفان، وبالتالي أي خصومة تأتي على خلفية رياضية وإن كانت مطعّمة برائحة طائفية بغيضة!
لكن الحقيقة أننا أيضاً لسنا أمام مجموعات متشددة أو إرهابية. لسنا أمام عمليات إنتحارية او سيارات مفخخة. نحن بكل بساطة أمام مباراة في كرة السلة تجري في ملعب مغلق يتسع في أفضل الأحوال ما بين 3 آلاف و5 آلاف متفرّج على أرض الملعب يتم تفتيشهم دائماً بكل سهولة قبل دخولهم أرض الملعب، كما يمكن لمجموعة من فرقة مكافحة الشغب أن تحيط بهم وتحصي أنفاسهم بكل بساطة. فكيف عندها يمكن أن نفهم “العجز” المُعلن تجاه 300 مشجع فقط سمح بهم الاتحاد في المباراة الخامسة التي كانت مقررة ليل الأحد على أرض المنارة؟! هل أعلنت بتصريحك هذا عجز وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي عن تأمين سلامة المباراة وسلامة 300 مشجع فقط لا غير؟!
والمفارقة اللافتة أن قرار اتحاد كرة السلة بإقامة المباراة اتُخذ يوم الجمعة الماضي، أي قبل 48 ساعة من موعدها. القرار لم يكن مفاجئاً يا معالي الوزير. حتى النادي الرياضي الذي اعتبر نفسه مغبوناً بقرارات الاتحاد قرّر أن يلعب المباراة لأن كرة السلة اللبنانية هي الأهم. فكيف يمكن أن تنتظر معاليك حتى اللحظة الأخيرة للطلب بإرجاء المباراة عوض أن تتفاوض مع الاتحاد فور إعلان قراره لاتخاذ الترتيبات المناسبة في حال كانت لديك هواجس أو معلومات أمنية محددة؟! وهل نعيش عصر القرارات الارتجالية؟
هل تعلم معاليك أن الرياضة الأبرز في لبنان هي كرة السلة؟ وهل تعلم أن الرياضة الوحيدة التي وصل فيها لبنان الى بطولة العالم 3 مرات كانت كرة السلة؟ هل تعلم أن المنتخب اللبناني فاز على المنتخبين الفرنسي والكندي مثلاً؟ وهل تعلم أن كرة السلة هي الرياضة الوحيدة التي وحّدت اللبنانيين خلف المنتخب اللبناني والعلم اللبناني وليس أي أعلام أخرى كما يجري مثلا في كأس العالم لكرة القدم؟! وهل تعلم أن قرارك المرتجل ليل الأحد يمكن أن يهدد لبنان بالإيقاف مجدداً عن المشاركة في البطولات الدولية كما حصل معنا قبل أشهر؟
معالي الوزير،
من أبسط قواعد المسؤولية أن نواجه أي مشكلة لا أن نتهرّب منها. وما حصل في المباراة الرابعة بين الحكمة والرياضي على ملعب غزير لم يكن لائقاً على الإطلاق، ولكن الإشكال المذكور لم يكن الأول في ملاعب كرة السلة اللبنانية. ففي عزّ إحكام سلطة الوصاية السورية والجهاز الأمني السوري- اللبناني قبضته على لبنان شهدت ملاعبنا الكثير من الإشكالات، ولم يتخذ أي وزير داخلية في لبنان قراراً بإلغاء مباراة في كرة السلة!
ليست مباريات كرة السلة من يهدد السلم الأهلي في لبنان.
ما يهدّد السلم الأهلي هو ما يحصل في النبعة من إشكالات ورفع شعارات “ما بدنا جيش بلبنان إلا جيشك يا حسين”!
وما يهدّد السلم الأهلي ما يجري في لاسا من تعديات بقوة السلاح على أراضي البطريركية الماروني وعجزك يا معالي الوزير وعجز القوى الأمنية عن قمع هذه المخالفات لكي لا يزعل ربما الحاج وفيق صفا!
وما يهدّد السلم الأهلي هو ما فعله عامر حيدر وأمثاله من إطلاق النار من الضاحية الجنوبية على الطريق الجديدة ومطالبته بتحرير القصر الجمهورية وإثارته لكل النعرات الطائفية وهو يحمل السلاح وأنتم تعجزون عن توقيفه!
ما يهدّد السلم الأهلي هو السلاح غير الشرعي المتفشي في لبنان والذي يستقوي به “حزب الله” على بقية اللبنانيين ليفرض المعادلات السياسية التي يريدها والحكومات التي يريدها ويمنع انتخاب رئيس لا يرضى عنه!
ومن يهدّد السلم الأهلي هو “حزب الله” الذي اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل شهداء “ثورة الأرز” ويرفض المثول اما القضاء المحلي والقضاء الدولي.
ومن يهدّد السلم الأهلي هو من يرسل مقاتليه “على عينك يا تاجر” الى سوريا لقتل الشعب السوري… واليوم صار يرسلهم الى العراق أيضاً!
ومن يهدّد السلم الأهلي هو من فجّر مسجدي التقوى والسلام في طرابلس وأمّن له “حزب الله” مخرجاً من لبنان لكي لا يمثل أمام القضاء!
معالي الوزير،
أخشى ما أخشاه أن تكونوا أعلنتم عجزكم عن مواجهة كل ما يهدّد السلم الأهلي في لبنان فعلاً، وأن تكون كرة السلة أصبحت “فشّة خلق” إزاء العجز السياسي عن معالجة مكامن الخلل التي تهدّد فعلاً السلم الأهلي في لبنان.
لا… ليست كرة السلة التي تهدّد السلم الأهلي في لبنان يا معالي الوزير!
وتفضل بقبول الاحترام والتقدير،
طوني أبي نجم