أنطوان فرح
لا يفرّق وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم بين السياسة والاقتصاد، ويعتبر ان التعاطي مع الملفات ينبغي أن يوازي بين الوضعين. وهو يدرك بطبيعة الحال، وان كان من الوزراء التكنوقراط، ان لديه مهمة سياسية يؤديها على اعتبار انه وزير كتائبي، انضم الى السلطة التنفيذية، بتزكية وتسمية من الشيخ سامي الجميل. وهو على هذا الاساس، يعطي الاولوية في هذه المرحلة لمعالجة الملف الأهم، ملف إنهاء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية.
عندما يتحدث وزير الاقتصاد عن ملف سلسلة الرتب والرواتب، يقاربه من زاويتين، سياسية واقتصادية. وهو يقول بوضوح، «ان البعض يستعمل هذا الملف لجرّنا الى جلسة تشريعية، لغايات سياسية. في حين اننا مقتنعون بأن الاولوية في هذه المرحلة ينبغي أن تكون لانتخاب رئيس للجمهورية».
لكن من الزاوية الاقتصادية، يعتبر حكيم ان «كل المقترحات الواردة حالياً لتمويل السلسلة، تعتمد مبدأ تأمين الايرادات من كتف المستهلك، في حين أن في الامكان، في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة على الجميع، اللجوء الى اجراءات أخرى، أذكر منها نقطتين: الكهرباء والجمرك.»
في موضوع الكهرباء، يشير حكيم الى الانجاز الذي تحقق بفضل الضغوط التي مورست، لجهة دفع موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص الى الامام. ويعتبر ان الاجتماع الاول لمجلس الخصخصة الذي عُقد في السراي برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، كان بمثابة تتويج لهذه الجهود التي أثمرت تحريك ملف الخصخصة بعد تجميد استمر لثماني سنوات.
لكن مشروع الشراكة بين القطاعين تحتاج الى الوقت الذي لا نملكه. وبالتالي، وبانتظار ان يصبح هذا المشروع في طور التنفيذ، «لا نملك سوى معالجة موضوع التعرفة في الكهرباء. وتعديل التعرفة يجب ان يكون مدروسا، ويعتمد مبدأ التصاعدية، حسب حاجات المواطن. وفي الواقع، هذا الاقتراح طُرح في مجلس الوزراء، ونحن ننتظر الاجوبة على هذا الطرح».
ويشير حكيم الى معضلة اضافية يواجهها قطاع الكهرباء، اذ «تبين ان اللاجئين السوريين يستهلكون حوالي الساعتين من الكهرباء يوميا. والكل يعرف اننا أمضينا سنوات من الجهد لكي نزيد معدل التغذية لساعة واحدة يوميا».
«لكن على المدى البعيد، لا بد من إنجاز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاع الكهرباء. وهذا ما طالبنا به البنك الدولي. لكن حكيم يستطرد، كاشفاً أمراً لا يعرفه الجميع، وهو ان مطالب البنك الدولي التي طرحها رئيسه خلال زيارته لبنان، «كنا طرحناها نحن عليه في خلال اجتماعات عدة عقدناها مع البنك الدولي، وزير المالية وأنا، قبل وصول كيم الى بيروت.
وقد اتفقنا في هذه المحادثات على وضع خطة مشتركة بين البنك الدولي ولبنان، بمعنى ان يكون لبنان مدركا لما يريده من البنك الدولي». والعنوان العريض للعمل في المستقبل هو القطاع الحراري. وهو مقسم الى ثلاثة اقسام: الكهرباء، الطاقة المتجددة والمياه (ERW ).
ويجزم وزير الاقتصاد بأن البنك الدولي ينتظر ان يقول له لبنان الرسمي ماذا يريد لكي يبدأ تقديم الدعم والمساعدة. لكن حكيم يستطرد ويعود الى السياسة: «المشكلة اليوم، في ظل الظروف السياسية السائدة، من يستطيع ان يقول بوضوح ماذا يريد لبنان. اليوم يتداول البنك الدولي مع تمام سلام، لكنهم يتساءلون مع من سنكمل التداول غدا؟
هذا السؤال مطروح بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية، لأن الرئيس يكون قادرا على اعطاء ضمانات الاستمرارية لمدة 6 سنوات على الأقل. والواقع، اننا نحن اللبنانيين من يتحمّل مسؤولية الفراغ، وليس الخارج كما يدّعي البعض. نحن من نأخذ هذا الملف الداخلي، ونُصدّره الى الخارج. وهذا الكلام أكده وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال زيارته بيروت، اذ قال لنا بوضوح ان لبنان ليس اولوية، في الوقت الحالي.
فضائح الجمارك
أما بالنسبة الى الجمارك، فهناك كارثة وفضيحة. ونحن نعمل على مستوى وزارة الاقتصاد، على تحضير ملفات في هذا الموضوع. الخزينة تتحمل خسائر طائلة بسبب ما يجري في الجمرك.
وما يجري يشمل كل الفضائح، منها السرقة، التهريب، التخمين المزيف، عدم استعمال السكانر. ووصل الامر الى حد ان البعض هو من يعرض على المستورد ان يساعده على تمرير مستوعب بضائع معينة، على اساس تزوير طبيعتها لخفض الرسوم الجمركية، ويأخذون الرشوة، ويقولون لصاحب العلاقة، انه كسب من خلال دفع مبلغ أقل من المفروض قانونا على بضاعته الحقيقية. هذا ليس تهريبا، بل سرقة موصوفة.
وتسأل وزير الاقتصاد الكتائبي، ما هو دور حزب الله في موضوع الجمرك، اذ يُقال ان الحزب يمتلك خطا بحريا خاصا بالمقاومة، يتم استغلاله للتهريب، بما يؤدي الى خفض الايرادات الجمركية العائدة للخزينة، ويأتي جواب حكيم مفاجئا نسبيا: لا علاقة اطلاقاً لحزب الله بما يجري من تجاوزات في الجمرك. على الاقل هذا ما شهدت عليه في مجلس الوزراء.
وهناك تضامن صريح من قبل وزراء الحزب في مجلس الوزراء لدعم مشروع الاصلاحات في الجمرك. اما قضية الخط العسكري البحري، والذي لا أعرف شخصيا اذا كان موجودا فعلا، فهو موضوع آخر، ولا علاقة له بالسرقات التي تجري في الجمرك تحديدا. ما يجري ان السارقين يختبئون ربما وراء ادعاءات من هذا النوع، لتمويه أعمالهم غير القانونية.
في الختام، يؤكد حكيم ان التراجع في الايرادات الجمركية، رغم ارتفاع الاستيراد، هو نتيجة زيادة منسوب السرقة والفساد في الجمرك، ولا علاقة لحزب الله بالأمر.