باسكال صوما
تنتظر الأسواق التجارية عودة السيّاح العرب والمغتربين اللبنانيين بفارغ الصبر، بعد ثلاث سنوات من التراجع المتواصل، تخلّلها إقفال عشرات المحال، وصرف مئات بل آلاف العمّال، لتخفيف أعباء أكلاف التشغيل، مع تراجع الحركة التجاريّة بمعدّلٍ زاد على 60 في المئة، بحسب مصادر جمعيّات التجّار.
في بداية هذا الصيف يمكن القول إنّ الحركة التجارية بدأت تستعيد أنفاسها إنما ببطءٍ، مع تشكيل الحكومة الجديدة واستتباب الوضع الأمني. ويقدّر تجّار في أسواق الحمراء ومار الياس والجديدة والزلقا، حيث جالت «السفير»، التحسّن بحوالي 30 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
حبل خلاص
يلفت رئيس «جمعية تجار الحمراء» زهير عيتاني عبر «السفير» الانتباه إلى أنّ «الأسواق لم تشهد حتى الآن عودة خليجيّة فعليّة، على الرغم من رفع بعض دول الخليج العربي الحظر على سفر رعاياها إلى لبنان»، ويوضح أنّ «التحسّن الحاصل هو بفضل السيّاح العراقيين الذين يملكون قدرة شرائية عالية، من شأنها أن تحسّن الوضع التجاري، بعد كل ما عاناه التجار اللبنانيون في السنتين الأخيرتين». ويؤكد في هذا الخصوص، أن «الحركة التجارية تراجعت تراجعاً خطيراً في السنوات الأخيرة، وأي تحسّن اليوم يعتبر بسيطاً مقارنةً مع التراجعات المتتالية، والإقفالات التي طالت المحال الكبيرة والصغيرة على السواء».
«تفاءلوا بالخير تجدوه»، عبارة تتكرّر بين تجّار التقتهم «السفير»، حيث يؤكّدون أنهم «ينتظرون عودة السياحة الخليجية حتى تتبلور الصورة بالنسبة لهذا الموسم، فإما أن تتضاعف الخسائر أو يشكّل هذا الصيف حبل خلاص للتجارة، مع الحماس الخليجي للعودة إلى لبنان، لا سيّما أنّ آخر حزيران الحالي، يبدأ شهر رمضان».
الوضع فوق الصفر
في هذا الإطار، يوضح رئيس «جمعية تجّار مار الياس» عدنان فاكهاني لـ«السفير» أنّ «تشكيل الحكومة وعودة الأمن بثّ بعض التفاؤل في نفوس التجار، إلاّ أنه حتى الآن لم نرَ تحسّناً ملحوظاً، ولم يحضر السياح الخليجيون حتى الآن».
ويؤكّد فاكهاني أنّ «تجارة الألبسة والأحذية تعتمد اعتماداً أساسيّاً على السياحة لا سيّما السياحة العربيّة، لأنّ الخليجيين بشكلٍ خاص، يحبّون التسوّق في لبنان، ما ينعش الحركة والأسواق». ويفيد بأنّ «الناس تشعر ببعض الراحة في الوقت الحالي، وهذا جيّد بالنسبة للحركة، إذ بدأنا نرى بعض التحسّن، مقارنةً مع صيف السنة الماضية، حيث كان الوضع تحت الصفر، اليوم بدأنا نرتفع عن الصفر».
في المقابل، يلفت الفاكهاني الانتباه إلى أنّ هذا «الركود الذي تعيشه الأسواق منذ ثلاث سنوات تقريباً، لم يشهد لبنان مثله منذ عهد الاستقلال وحتى اليوم»، آسفاً «لكون القطاع السياحي والتجاري قد دفع ثمناً غالياً جداً جراء الاقتتال السياسي والتوتر الأمني، وموجة الخطف والسرقة التي زادت في الفترة الماضية».
على عتبة الإفلاس
في سوقي الجديدة والزلقا، ما زالت التنزيلات تملأ الواجهات، منذ ثلاث سنوات، من دون توّقف، لعلّ وعسى يتشجّع الناس ويشترون. أقفلت محلاّت، صرفت أخرى عمّالها، وتقف أخرى على عتبة الإفلاس.
أمّا اليوم وبعد انطلاقة موسم الصيف، «فالوضع مستقرّ» كما يقول جورج زغيب صاحب متجر للألبسة في الجديدة لـ«السفير»، مضيفاً: «استتباب الوضع الأمني بثّ بعض الطمأنينة في قلوب الناس، ما حسّن الوضع في القطاعات الاقتصادية كافّة، فأصبح الناس قادرون على شراء حاجياتهم أكثر من قبل، لكنّ هذا التحسّن لا يزيد عن 20 أو 30 في المئة في أفضل الأحوال حتى الآن، مقارنة مع صيف العام 2013».
في موازاة ذلك، ترى نجلاء الحلو (صاحبة متجر للأحذية والحقائب في الزلقا) أنه «لا يمكن حتى الآن التحدّث عن تغيّر حقيقي في الوضع التجاري، لكن ما نراه اليوم هو مجرّد تفاؤل وأمل، نحاول كتجّار أن نبثه، بعد الخسائر التي تكبّدناها على مدى السنوات الثلاث التي كانت من أصعب ما مرّ علينا». وتشير إلى أنه «حتى الآن لم يصل الكثير من المغتربين والخليجيين إلى لبنان، وما زالت الحركة خجولة والتحسّن بطيء نوعاً ما».