أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن “البنك المركزي يملك الوسائل والأدوات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي”، موضحا أن “النموذج المصرفي المحافظ الذي اعتمده البنك المركزي جنّب لبنان المشكلات العديدة التي واجهها بعض الأسواق الناشئة. وأشار إلى أن “إحتياطي مصرف لبنان الإجمالي في طور الزيادة وتجاوز الـ36 مليار دولار، في حين تواصل الودائع ارتفاعها وتنخفض الهوامش على سندات الخزينة”. وأكد أن “التدفقات المالية إلى لبنان لا تزال قوية وأن الإحتياطي الإجمالي بالعملات الأجنبية تجاوز الـ35 مليار في سنة 2013، ما سمح بالمحافظة على استقرار العملة الوطنية ومعدلات الفائدة”. وإذ أعلن وفق ما اتضح له من دراسات أن “الاقتصاد سينتعش هذا العام”، تمنى أن “تترافق زيادة الأجور مع الإصلاحات، باعتبار أن الضرائب وحدها لا تقدّم الدعم اللازم”، مؤكداً “ضرورة إعادة هيكلة المالية العامة في لبنان”.
استضاف مصرف لبنان بمشاركة صندوق النقد الدولي، مؤتمر “آفاق الاقتصاد لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، ركّز المؤتمر على “مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان – ربيع 2014 “، وشارك فيه القطاعان العام والخاص والمؤسسات الدولية والوكالات المانحة ووسائل الإعلام.
سلامة: وتحدث سلامة خلال المؤتمر عن الظروف المالية والماكرو اقتصادية في لبنان، مؤكداً أن “مصرف لبنان يملك الوسائل والأدوات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي”، وقال: النموذج المصرفي المحافظ الذي اعتمده المركزي جنّب لبنان المشكلات العديدة التي واجهها بعض الأسواق الناشئة. كما أن إحتياطي مصرف لبنان الإجمالي يشهد زيادة وقد تجاوز الـ36 مليار دولار، في حين تواصل الودائع ارتفاعها وتنخفض الهوامش على سندات الخزينة.
وتابع: الأزمة المالية الكبيرة التي عصفت بالعالم سنة 2008 لم تؤثر على لبنان، وذلك بفضل النموذج المصرفي الذي اعتمده مصرف لبنان والذي نجح في استقطاب الرساميل خلال هذه الفترة وفي خفض معدلات الفائدة. ومنذ ذلك الحين، استطاع مصرف لبنان المحافظة على هذه المعدلات برغم الصعوبات التي برزت مع نشوب ثورات “الربيع العربي” وبداية الحرب في سوريا.
وذكّر سلامة بالأحداث الجارية في العالم العربي ولا سيما في سوريا، “والتي انعكست سلباً على لبنان، إذ تراجعت معدلات النمو فيه من 8% في 2007 -2010 إلى 2% في 2011 – 2013. وبرغم هذا الواقع، سجل لبنان نمواً إيجابياً على عكس العديد من البلدان العربية، وخصوصاً البلدان غير النفطية.
كذلك أكد أن “التدفقات المالية إلى لبنان لا تزال قوية وأن الإحتياطي الإجمالي بالعملات الأجنبية تجاوز الـ35 مليار في سنة 2013، ما سمح بالمحافظة على استقرار العملة الوطنية ومعدلات الفائدة”. وأوضح أن “سياسات مصرف لبنان عزّزت متانة القطاع المصرفي وأبقته في منأى عن الصدمات الخارجية”. وتابع: فضلاً عن ذلك، أطلق مصرف لبنان عام 2013 برنامجاً تحفيزياً لتعزيز الطلب المحلي والإقتصاد اللبناني. وأمّن هذا البرنامج 50% من النمو المسجل سنة 2013. وفي سنة 2014، واصل مصرف لبنان سياسة تعزيز التسليف هذه التي أعطت ثمارها، إذ استخدمت المبالغ المتوفرة في غالبيتها، ما يدفعه إلى زيادة هذه الرزمة.
وشدد على أن مصرف لبنان “لعب دوراً هاماً في خلق فرص العمل بفضل ميزانيته القوية، فمن خلال استثمار المصارف في الشركات الناشئة، سيساهم اقتصاد المعرفة في خلق قطاع جديد من شأنه أن يحسّن قدرة لبنان التنافسية. وسيواصل مصرف لبنان هذا النهج، إنما بدون تهديد استقرار الليرة وتعريض المصارف لمخاطر غير اعتيادية”.
وقال: برغم الأزمات المصرفية الكبيرة في البلدان العربية حيث تعمل مصارفنا، وحتى في قبرص، سجلت المصارف اللبنانية زيادة محدودة في الأرباح، بغضّ النظر عن المخصصات الجديدة في المؤونات، كما زادت نشاطات التسليف في لبنان. فبفضل حوافز العام 2009، تخطّت التسليفات المصرفية للقطاع الخاص تلك الممنوحة للقطاع العام.
ونبّه الحاكم إلى “التحديات التي سيواجهها لبنان لا سيما جراء اللاجئين السوريين إليه والذين تجاوز عددهم المليون نسمة بكلفة مباشرة على لبنان تقدّر بـ 2.6 مليار دولار لفترة 2012- 2014 ويكبّدون الاقتصاد خمس مليارات دولار كفرص ضائعة”. كما نبّه إلى وجود مشكلات اجتماعية أخرى، “منها تعديل سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام حيث اقترح مصرف لبنان على الحكومة حلولاً لا تزعزع الاستقرار الاقتصادي”، فتمنى الحاكم أن “تترافق زيادة الأجور مع الإصلاحات، باعتبار أن الضرائب وحدها لا تقدّم الدعم اللازم”، مؤكداً “ضرورة إعادة هيكلة المالية العامة في لبنان”.
من جهة أخرى، قال: مع استتباب الأمن في لبنان والسماح بعودة مواطني دول الخليج إليه، سنحافظ على الثقة ونحسّن الوضع الاقتصادي. ومع أن المصرف المركزي لا يصدر عادة توقعاته بالنسبة الى النمو قبل تموز أو آب، يتّضح لنا من دراسات أخرى أن الاقتصاد سينتعش هذا العام.
كذلك أوضح أن “تمتين النظام المصرفي وتحسين النمو الاقتصادي يتطلبان ضبط أوضاع المالية العامة، ليس فقط عبر إيرادات إضافية، بل والأهم عبر إصلاح الإنفاق”. وفي هذا السياق، أشار إلى أن “إصلاح قطاع الكهرباء وحده يوفّر على الحكومة ملياري دولار في السنة”. أما تعديل سلسلة الرتب والرواتب فأوصى بتسديدها على دفعات متساوية على مدى 5 سنوات. وقال: في حال استتباب الأمن في المنطفة وتحسن الأوضاع السياسية في لبنان، قد يتجاوز النمو الاقتصادي النسبة التي يتوقعها مصرف لبنان حالياً.
صندوق النقد: بدوره، تطرق مدير المركز الإقليمي للمساعدة الفنية للشرق الأوسط لدى صندوق النقد الدولي محمد الحاج إلى تقييم الصندوق للاقتصاد العام والأوضاع الراهنة والتوقعات والمخاطر في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقال: بحسب توقعات صندوق النقد، إن النمو الاقتصادي في بلدان المنطقة المستوردة للنفط هي بنسبة 3% تقريباً. ويعزى هذا النمو الضئيل إلى الثقة الضعيفة وسط التحوّلات السياسية الحالية المعقدة وانعكاسات الأزمة السورية على المنطقة. ويعتبر الصندوق أن محاربة الارتفاع المستمر في معدلات البطالة يفترض مضاعفة النمو، لا سيما أن عواقب التحوّلات السياسية في مجموعة هذه البلدان وتفاقم الإضطرابات الاجتماعية والأمنية فيها وانعكاسات النزاعات الإقليمية قد تضعف الثقة وتهدّد الاستقرار الماكرو إقتصادي.
وأضاف: شدّد الصندوق على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة على ثلاثة محاور من أجل تحقيق نمو مستدام وشامل:
1- إعادة توجيه الإنفاق العام نحو الاستثمار لتحفيز فرص العمل.
2- تحسين استمرارية المالية العامة.
3- إطلاق الإصلاحات الهيكلية لزيادة النمو وتعزيز التوظيف المستدام والمساواة.
كذلك يرى الصندوق أن نسبة النمو في بلدان المنطقة المصدرة للنفط سترتفع من 2% في العام 2013 إلى 3.5% في العام 2014. كما سيحافظ النمو غير النفطي على متانته بفضل المستويات العالية في الإنفاق العام على البنية التحتية وفي تسليفات القطاع الخاص. غير أن أسعار النفط قد تنخفض بسبب تراجع الطلب العالمي الناجم عن النمو المتباطئ في الأسواق الناشئة أو عن ازدياد مصادر النفط غير التقليدية. وحذّر الصندوق من تدهور وضعية المالية العامة في هذه المجموعة من البلدان ومن عدم ادخار معظمها مكاسب نفطية تستفيد منها الأجيال القادمة.
وتابع: من هنا، وجّه الصندوق ثلاث توصيات رئيسية لبلدان المنطقة المصدّرة للنفط:
1- تحسين وضعيتها المالية لتعزيز قدرتها على جبه الصدمات وصون ثروتها للأجيال القادمة.
2- التركيز المستمر على التنوّع الاقتصادي لزيادة الإمكانات الاقتصادية وخفض التقلّبات في الإنتاج.
و3- التركيز على الإصلاحات التي تساهم في خلق وظائف منتجة في القطاع الخاص لتلبية النسبة الديموغرافية المتزايدة. ويواصل صندوق النقد الدولي عمله الوثيق مع المنطقة من خلال المشورة والمساعدة الفنية وبناء القدرات والدعم المالي.