Site icon IMLebanon

شروط السنيورة: زيادة الـ TVA مقابل الدرجات الـ6 للمعلمين

السنيورة

محمد وهبة

يبدو رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، كما لو أنه يثأر من الناس، فهو اشترط زيادة الضريبة على القيمة المضافة كشرط مسبق لأي توافق على إقرار السلسلة. وصل به الأمر أمس إلى الرد على من واجهه بأن الإجراءات الضريبية باتت كافية لتمويل السلسلة بأن «الخزينة تحتاج إلى المال في كل الأحوال»

ما اتُفق عليه في الاجتماع الماراتوني الذي عُقد أمس في مجلس النواب، لم يأخذ ملف سلسلة الرتب والرواتب إلى خواتيمه «السعيدة»، بل أبقاه ضمن دائرة التسوية والابتزاز الخاضع لمجموعة من الشروط «الانتقامية»، التي وضعها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وأبرزها ربط موافقة كتلة المستقبل على الدرجات الستّ للمعلمين بزيادة الضريبة على القيمة المضافة بمعدل 1%. لم تتوقف المفاوضات بين الكتل النيابية من أجل إيجاد تسوية لملف سلسلة الرتب والرواتب. فمنذ يومين، كانت هناك سلسلة من الاتصالات بين ممثلي الكتل النيابية، تركت انطباعاً بأن طبخة التسوية باتت على نار حامية، وهو ما يجعل جلسة مجلس النواب المقرّر عقدها يوم الأربعاء (اليوم) قريبة من إقرار سلسلة الرتب والرواتب، بعد اتفاق مسبق بين كتلتي «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» برعاية الرئيس نبيه برّي.

وقد توجّت هذه الاتصالات باجتماع موسّع عُقد أمس في مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري، وضمّ رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، وزيري التربية الياس بو صعب والمال علي حسن خليل، رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان، النائبة بهية الحريري، والنائبين جمال الجرح وجورج عدوان.

استمرّ الاجتماع الموسّع مدة تزيد على 3 ساعات. طيلة هذه الفترة كان الحاضرون يتبادلون المواقف والعروض ويتباحثون في الأرقام. لم يكن لديهم مدخل واحد لسبر أغوار هذا الملف والاتفاق عليه، فكل خيار يتطلب إعادة البحث في مجموعة من الأرقام… إلا أن نقطة الانطلاق الفعلية بدأت مع الاتفاق على قاعدة البحث، ففيما كان التيار الوطني الحرّ يتحدّث عن إقرار خيارات، كان السنيورة مصرّاً على أن تكون السلسلة متوازنة بين إيراداتها ونفقاتها، فاتفق على مراجعة الخيارات استناداً إلى بنود الإيرادات والنفقات بنداً بنداً، على أن تكون أرقام الجهات الرسمية المختصة (وزارة المال) هي الأرقام المعتمدة في منهجية البحث في الأرقام.

عندها، بدأت تتّضح معالم المشهد، فطلب السنيورة ألا تتجاوز كلفة السلسلة 1800 مليار ليرة، وانتقل مباشرة إلى جهة النفقات في ملف السلسلة، مشدداً على رفضه منح الأساتذة والمعلمين ستّ درجات، مشيراً إلى تمسّكه بمنحهم 3 درجات فقط بالحدّ الأقصى. كذلك، أصرّ على أن تكون كلفة الزيادة الممنوحة للعكسريين محدودة على أساس المبلغ المقطوع. وضمن ما يعدّ «إصلاحات»، اقترح السنيورة أن يلغى القانون 10/1120 نظراً لكونه يتناقض مع القانون 717، وهو يربط التعويضات العائلية بالحدّ الأدنى للأجور… وقد تبيّن أن هذا الاقتراح يوفّر 120 مليار ليرة بحسب أرقام وزارة المال.

ومن جهة الإيرادات، أوضح السنيورة موقفه من البنود الضريبية، مشيراً إلى ضرورة زيادة الضريبة على القيمة المضافة بمعدّل 1% أو أكثر على كل السلع، وإلى ضرورة زيادة تعرفات الكهرباء بما يتناسب مع خفض كلفة الدعم الذي تدفعه الدولة اللبنانية من الخزينة العامة لتغذية كلفة إنتاج الكهرباء.
لكن ما كان مفاجئاً، هو إصرار السنيورة على أمرين؛ منح الاساتذة والمعلمين 3 درجات بالحدّ الأقصى، وزيادة الـ TVA بمعدل 1%. فالسنيورة الذي أبدى مرونة ما في ما خص الزيادات على سلسلة الرتب والرواتب للعسكريين، أصرّ على زيادة الضريبة على القيمة المضافة بمعدّل 1% كشرط أساسي لموافقة كتلة المستقبل على الدرجات الستّ للمعلمين.

اقترح برّي أن يناقش طرح زيادة الضريبة على القيمة المضافة ضمن مشروع الموازنة العامة في مواجهة شروط السنيورة، اقترح الرئيس برّي أن يناقش طرح زيادة الضريبة على القيمة المضافة من ضمن مشروع الموازنة العامة، وألا يكون شرطاً لإقرار السلسلة. وقد بيّن أيضاً الوزير حسن خليل والنائب كنعان أن التوازن بين الإيرادات والنفقات أمرٌ موجود ضمن البنود المقترحة، وضمن الأرقام المتفق عليها بين الطرفين، وبالتالي ليست هناك حاجة إلى إقرار زيادة الضريبة على القيمة المضافة.

إجابة السنيورة كانت مفاجئة، وتنطوي على رغبة انتقامية من هيئة التنسيق النقابية، وكل المطالبين بزيادة الأجور في لبنان، فأشار إلى أن الخزينة العامة تحتاج إلى مبالغ كبيرة، وأن أي مبلغ يأتي من زيادة الضريبة على القيمة المضافة سيسدّ عجزاً ما… وبالتالي، فإن التراجع عن زيادة الـTVA أمر غير قابل للنقاش.
وفي هذا الوقت تدخلت النائبة الحريري والوزير بو صعب لإعلان تمسكهما بضرورة منح الدرجات الستّ… إلا أن إصرارهما كان يواجه من قبل السنيورة بالإصرار على زيادة الضريبة على القيمة المضافة.

وكان لافتاً أن يتفق الجميع على زيادة تعرفات الكهرباء للاستهلاك الذي يفوق 500 كيلوات ساعة، من أجل تحصيل مبالغ إضافية تصل إلى 350 مليار ليرة، بحسب الأرقام التي قدّمتها وزارة المال.

وبحسب المعلومات المنقولة عن المجتمعين، فإن الاجتماع تطرّق إلى كل بند من بنود ملف السلسلة على حدة، وناقش كل رقم من أرقام الإيرادات بصورة مستقلة حتى اتفق الطرفان على الأرقام التي يجب تجميعها بعد الاتفاق على الخيارات، من أجل الاتفاق على الرقم النهائي الذي بلغ 1800 مليار ليرة. وانتهى الاجتماع على أن يعود السنيورة حاملاً الإجابة عن اقتراح مناقشة زيادة الضريبة على القيمة المضافة من ضمن مشروع الموازنة العامة، لكن التصريحات المعلنة لأطراف الاجتماع الموسّع، بمن فيهم السنيورة وكنعان، لا توحي بأن الاتفاق على السلسلة صار منجزاً بشقي الإيرادات والنفقات.

فعلى أثر الاجتماع أوضح ميقاتي أن «لا شيء نهائياً بعد في شأن السلسلة، والامور لا تزال بين الاخذ والرد»، أما السنيورة، فقال: «لا تزال الامور قيد المناقشة حول سلسلة الرتب والرواتب. من الممكن أن لا يكون هناك إقرار للسلسلة في جلسة الغد (اليوم)»، موضحاً أنه «سيكون هناك الليلة (أمس) تداول بين الجميع، ونحن ملتزمون إقرار السلسلة، لكن على أساس العدالة بين الأسلاك وخفض حجم الانفاق، وان تؤمن الواردات التوازن». وفي السياق نفسه، أوضح كنعان «أنه إذا توافرت الإرادة يمكن إقرار السلسلة»، مشيراً إلى «وجود توازن دقيق جداً بين الواردات والنفقات، وبالتالي لا سبب لعدم إقرار السلسلة».