ديفيد بيلينج
أطلق شينزو آبي “السهم الثالث” من استراتيجيته لإنعاش اقتصاد اليابان. فاتتك الضربة المدوية لإصابة الهدف منتصرة، ذلك لأنه لم يكن هناك أي سهم. عندما يتعلق الأمر بالإصلاح الهيكلي، فإن رئيس الوزراء الياباني لا يشبه وليم تل، الذي قسم التفاحة نصفين بضربة واحدة. بدلاً من ذلك، فهو يشبه أكثر وصفة الوخز الذي يخترق الجسم السياسي بألف إبرة، على أمل أن واحدة أو اثنتين قد تنجح فعلاً، في إصابة الهدف.
بالنسبة للذين نسوا، من المفترض أن يرفع السهم الثالث معدل النمو الكامن في اليابان، حيث تنخفض القوة العاملة بنسبة 0.5 في المائة سنوياً، وحيث ينبغي أن يأتي إجمالي النمو من مكاسب الإنتاجية.
كما يمكن تعويض الأرقام عن طريق زيادة مستويات مشاركة العاملين أيضاً، لا سيما النساء والمتقاعدون، و(من الناحية النظرية) عن طريق جلب مزيد من المهاجرين. بدون اتخاذ أي إجراء، فإن اليابان محكوم عليها بمعدل نمو فاتر يبلغ نحو 0.5 إلى 1 في المائة.
السهم الثالث لآبي – أو “ألف إبرة تجريبية”، كما أفضل دعوته – من المفترض أن يُكمّل سياسته النقدية والمالية. لقد تم إطلاق هذين السهمين بتأثير معقول وأكثر ثقة بالنفس. إن الوعد بمضاعفة القاعدة النقدية والوصول إلى هدف التضخم البالغ 2 في المائة، في غضون نحو عامين قد نفخ روح الحياة في الأسعار.
لقد سجّل التضخم الأساسي في نيسان (أبريل) (ناقصاً تأثير ارتفاع الضريبة الاستهلاكية) معدلاً مرتفعاً بلغ 1.5 في المائة، وإن كان إلى حد كبير بسبب أسعار الطاقة المستوردة المرتفعة كنتيجة لضعف الين.
مع ذلك، ترفع شركة يونيكلو، للملابس اليابانية المعروفة بكونها رخيصة، الأسعار في جميع المجالات بنسبة 5 في المائة، وهي تعويذة محتملة لنمو قوة التسعير لدى الشركات.
السهم الثاني للمرونة في المالية العامة قد حقق الهدف على نحو لا بأس به إلى حد ما. لقد ساعد إنفاق إضافي بقيمة 110 مليارات دولار، العام الماضي، على دفع النمو ليتجاوز 1.5 في المائة.
وهذا العام، يبدو أن اليابان قد تحملت آثار زيادة في الضريبة الاستهلاكية في نيسان (أبريل) من 5 إلى 8 في المائة، وهو إجراء خشي البعض أنه كان ربما سيقذف بالاقتصاد ليعود إلى الركود.
بالتأكيد من المرجح أن يتقلص هذا الربع، لكن من غير المرجح أن يقوم بإلغاء النمو في الربع الأول بنسبة كبيرة تبلغ 6.7 (على أساس سنوي) بسبب تخصيص المتسوقين عمليات الشراء في بداية العام.
إذا كان أول جزأين من برنامج آبي الاقتصادي يتمتعان ببعض النجاح، فماذا يمكن أن نتوقع من الثالث؟ الجواب هو أقل مما يأمله آبي، لكن أكثر مما يتوقعه المتشككون. على الأرجح أن بعض إبره لن تحقق الهدف. وقليل منها قد يُلحق الضرر، لكن على الأقل سيكون لبعضها تأثير إيجابي.
لقد اختار آبي تحفيز عدد قليل من المجالات تُعرف بـ “إصلاح الشركات”. من بين ما تنص عليه مدونة الحكومة، سيكون على الشركات تفسير طريقة تعيين وتدريب أعضاء مجلس الإدارة.
(سيكون عليها أيضاً الإبلاغ عن التقدم في ترفيع النساء). في نفس الوقت، بدأ صندوق التقاعد الحكومي للاستثمار، بأصول ضخمة تبلغ 1.2 تريليون دولار، تحويل بعض الأموال إلى JPX-Nikkei 400، وهو مؤشر مصمم لترويج الشركات المربحة واللطيفة مع المساهمين.
الهدف من كل هذا هو تشجيع إدارة الشركات على معاملة المساهمين بشكل أفضل. على الرغم من أن هذا لا يشكل علاجاً لكل الأمراض، إلا أنه طموح مفيد نظراً لأن الشركات تخزن الأموال النقدية بقيمة تبلغ نحو نصف الناتج المحلي. لذلك فإن دفعها إلى توزيعه قد يساعد النشاط الاقتصادي.
لقد تم وضع إبر أخرى بشكل أكثر عشوائية. يخفض آبي الضرائب على الشركات بهدف جذب مزيد من الاستثمارات، فمعدل 35 في المائة يعتبر مرتفعاً. مع ذلك ليس بالضرورة أن يكون تقديم الإعفاءات الضريبية للشركات الوافرة بالنقود، فكرة رائعة عند الاعتماد على مستهلكين مضطرين للإنفاق.
ثم إن هناك إصلاح سوق العمل. لقد وضع آبي هذه الإبرة بحذر شديد جداً، على الرغم من أن ذلك قد لا يكون أمراً سيئاً. بوجود نحو 40 في المائة من العمال في القطاع المؤقت منخفض الأجر من القوة العاملة ببساطة، حين يكون من الأسهل على الشركات صرف العاملين، ليس من المرجح أن يقدم نتائج مفيدة. إصلاح سوق العمل يحتاج إلى أن يكون أكثر شمولاً.
كذلك هناك إبر أخرى لآبي تستهدف الزراعة. قد يكون من المفيد في هذا المجال تخفيف القواعد على ملكية الأرض، وتحطيم القبضة الخانقة للجمعيات التعاونية الزراعية المحافظة، كما ينوي.
الإبرة الأقوى – اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ – ليست ضمن طاقة آبي ليستخدمها ببراعة، ما لم يتمكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الحصول على سُلطة المسار السريع للتفاوض على صفقة، فهي تبدو بدون فائدة.
إن رفع نسبة النساء في القوة العاملة يعتبر مفيداً أيضاً، على الرغم من أنه كان من الممكن أن يكون أكثر فاعلية بكثير لو كُتِب على الإبرة “إنهاء الحوافز الضريبية السلبية بالنسبة للنساء”.
اقترح آبي هذا الأسبوع أن من الممكن أن يتم ذلك. يجدر به أيضاً أن يكون أكثر جرأة مع إبرته الخاصة بالهجرة. هناك بدأ يشعر بالغثيان عند مشهد الدم. لأن غياب التأييد الشعبي للهجرة جعله يتراجع.
مع ذلك، فإن الإبر التي استخدمها ربما تحقق بعض الأمور الجيدة. يقول جيسبر كول، من بنك جيه بي مورجان، الذي أعترف أنه سبق أن وصف نفسه بأنه “آخر المتفائلين بخصوص اليابان”، إنه إذا واصلت الحكومة خطتها، فإن بإمكانها أن ترفع معدل النمو الكامن من 0.8 في المائة حسب تقديراته الحالية، إلى 1.5 في المائة على الأمد المتوسط. الفكرة التي تقول إن آبي يستطيع أن يضاعف النمو الكامن تبدو إلى حد ما نوعاً من الرجاء، لكنه على الأقل يحاول تحقيقها.