انطلقت فعاليات القمة المصرفية العربية الدولية للعام 2014 التي ينظمها اتحاد المصارف العربية تحت عنوان «التحولات في الاقتصاد العالمي» في فندق Georges V في العاصمة الفرنسية بحضور اكثر من 300 شخصية تمثل قيادات المؤسسات المصرفية والمالية العربية والاوروبية من محافظي المصارف المركزية ووزراء اقتصاد وتجارة ومال ورؤساء المنظمات والهيئات والاتحاد الاقتصادية والمالية العربية يتقدمهم ممثل الرئىس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي رعى هذه القمة وكان ممثلا بمستشاره الاقتصادي والمالي جان جاك بيربيري، وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني الان حكيم، رئيس الاتحاد الدولبي للمصرفيين العرب اتحاد المصارف العربية محمد بركات ورئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه.
بعد عزف النشيد الوطني الفرنسي القى ممثل الرئيس الفرنسي كلمة رحب فيها بانعقاد هذه القمة في باريس مؤكدا على التعاون المستمر بين فرنسا والبلدان العربية ودعمها لاقتصاداتها ومصارفها.
وتحدث بيربيري عن نظرة الرئىس الفرنسي لدعم الاقتصاد من خلال التركيز على ضرورة توفير التمويل طويل الاجل من اجل تحقيق النمو المستدام منوها بأهمية قيام اتحاد مصرفي اوروبي على خلفية الازمة المالية التي هزت العالم واوروبا في العام 2008 لضبط العمل المصرفي ومراقبة اداء المصارف في اوروبا تفاديا لمعاودة تضرر هذا القطاع كما هو حاصل منذ العام 2010 مع بداية اندلاع الازمة في اليونان.
ووصف بيربيري هذا الانجاز بالتاريخي، معتبرا ان اوروبا التزمت بالاجراءات الضرورية التي تم اتخاذها لمواجهة الازمات في منطقة اليورو معترفا بأن العالم بأن العالم تغير خلال السنوات الست الماضية كما تغيرت القواعد في كل انحاء العالم مما استدعى فرض اجراءات جديدة وصارمة.
وتمنى في نهاية الكلمة النجاح لهذه القمة والمساهمة في تأمين المزيد من التعاون ما بين اوروبا والعالم العربي.
بركات
ثم تحدث رئىس اتحاد المصارف العربية محمد بركات الذي تحدث عن ظروف دولية وعربية غاية في الاهمية وبالغة الدقة، يمكن القول عنها انها مرحلة تاريخية في كل متغيراتها، انعكست على مجمل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
معترفا بأن الحوار المصرفي العربي الفرنسي انطوى على العديد من آليات التعاون التي استهدفت تحقيق تقاربات على مستوى التشغيل البيني المصرفي العربي الاوروبي فيما يخص قوانين مكافحة غسيل الاموال، وتمويل الارهاب والسياسات والاجراءات المعنية بالازمات التي طالت الاجهزة المصرفية فيما سبق.
وطالب بركات بضرورة التحرك السريع تجاه تيسير سبل تعاون كافة الاقطار العربية والدولية لوضع اطر وحوافز تساعد على استعادة الثقة في الاسواق وتحفز المؤسسات على معاودة تحريك وضخ سيولتها المجمدة في الاقتصادات العالمية مع الاخذ في الاعتبار ضرورة الاستمرار في تطبيق برامج ادارة المخاطر التي اوصت بها لجنة بازل، ومجموعة الاصلاحات الاخرى التي صدرت بشأنها تشريعات لا بد من تجسيدها في صورة اجراءات وبرامج توافقية تحظى بالقبول الدولي.
واعتبر بركات ان هذه الهزات تفرض علينا اليوم التحوط باتخاذ اجراءات جادة ملزمة وبخاصة فيما يتعلق بتحسين النظام والتشريع المالي العالمي والذي اصبح موضع اهتمام العديد من المؤسسات المالية ومنها (Financial Stability Board) والتي اوجزت اولويات عملية الاصلاح المالي في عدة محاور منها: مركزا على ضرورة بناء مؤسسات مالية اكثر صمودا، والعمل على انهاء عمليات التركز في المؤسسات الضخمة Ending too – big – to – Shadow banking الى تمويل شفاف قادر على الصمود ومستندا الى السوق وجعل اسواق المشتقات المالية اكثر امنا.
طربيه
ثم تحدث رئىس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بعدما لفت الى ان العالم يعاني من ازمة اقتصادية عميقة، وعالم غارق في عدم اليقين حيث ان كافة بلدان العالم تحت مطرقة الادارة الضعيفة للواقع وسندان التطلع الى مستقبل افضل في وقت تواجهنا تحديات علينا مواجهتها بالمزيد من الحيطة والتعقل.
على الصعيد العالمي ان جشع اسواق المال وغياب قواعد صلبة اديا الى ازمات مالية ومصرفية هزت المؤسسات التي كنا نعتقد انها قادرة على مواجهة الصعاب وخاصة البلدان النمية، اضف الى ذلك ان الازمات السيادية التي طالت عدداً من بلدان العالم استدعت اصلاحات هيكلية جديدة وفرض قواعد مالية صارمة لوضع الاقتصاد العالمي الضعيف على سكة الانتعاش. منوها بتوقعات صندوق النقد الدولي التي تشير الى معدلات نمو على الصعيد العالمي بنحو 3.6% في 2014 على انت صل الى 3.9% في 2015، وفي هذا الاطار رأى الدكتور جوزف طربيه ان اعادة تقوية الاقتصاد العالمي بدأت انما يتوجب علينا القيام بالمزيد من الاجراءات.
اما على الصعيد العربي فرأى طربيه ان منطقتنا تغرق اليوم في اجواء سياسية اقتصادية وجيوستراتيجية معقدة. بوجه عام هذه التحديات المؤلمة والمميتة اصبحت بعض البلدان العربية مسرحا للمعارك ما يزيد من الضعف الاقتصادي واصبحنا في حالة عبور من الفقر الى البؤس وملايين الوظائف اختفت واصبحت حياة ملايين العائلات في خطر مبديا خشيته منان تنتقل عدوى هذه الظاهرة الى بلدان اخرى في العالم حتى البعيدة منها. متحدثا عن ارتفاع نسب البطالة في العالم العربي والذي تطالب شكل خاص فئة الشباب مشددا على ضرورة اعادة النظر بالنظام التربوي للشباب لكي لا تزداد الازمة تعقيدا، لافتاً الى تداعيات الازمة على المستوى الكلي من عدم استقرار مالي والمرتبط بمخاطر الدول، ومشيداً بمقررات «بازل 3» وتعزيز الاموال.
وشدد طربية على ضرورة مكافحة الفساد وتخفيض العجز في الموازنات منوهاً بدور القطاع المصرفي الذي يلعب دوراً اساسياً في تقوية النمو الاقتصادي. واعتبر طربية ان الصورة ربما تكون قاتمة ولكن هناك امل لكي تكون الصورة اكثر وضوحاً من خلال تعزيز التعاون ورص الصفوف للوصول الى حلول مشتركة تعزز الاستقرار المالي، معتبراً ان القطاع المالي هو العربة المحركة للنمو.
وفي الجانب المصرفي، يؤكد طربيه وجود تأخير وتفاوت في العمل بين المصارف العربية معتبراً ان المهم هو ان يبقى القطاع المالي العربي مركزا على اهدافه الا وهي خدمة الاقتصادات العربية ومواكبة النمو وتعزيز وتقوية المجتمع العربي.
في هذا الاطار، طالب جوزف طربيه المجتمع الدولي ان يقوم هذه المرة واكثر من اي وقت مضى، وفي مرحلة ما بعد الازمة، بمساعدة البلدان العربية التي اجتاحتها الحروب لتحقيق طريق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة.
بربا ـ لاياني
واخيراً تحدثت المديرة العامة لاتحاد المصارف الفرنسية ماري ان بربا ـ لاياني التي اشادت في كلمتها بالقمة المصرفية العربية الدولية واعتبرتها مناسبة جيدة لاتحاد المصارف الفرنسية لتعميق التعاون مع اتحاد المصارف العربية. واكدت ان البلدان العربية قريبة جدا من اهتماماتنا حيث نتابع بانتظام الاداء المالي في المنطقة العربية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا خصوصا التي تتمتع باوضاع اقتصادية جيدة.
واكدت اخيراً ان هذه القمة تأتي في لحظة حساسة بالنسبة للعالم العربي الذي يشهد تحولات، والاوروبي الذي يشهد تقلبات اقتصادية وخاصة في منطقة اليورو منوهة بالاصلاحات التي شهدتها منطقة اليورو للخروج من مستنقع الازمة المتالية العربية.
بعد ذلك سلم بركات وطربيه والامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح المدير العام التنفيذي للبنك العربي الاستاذ نعمة صباغ درعا تقديرية لمناسبة اختياره الشخصية المصرفية العربية لعام 2014.