Site icon IMLebanon

التطورات الأمنية ودعوات الدول لتجنب لبنان تضرب فرص النمو

Safir

عدنان الحاج
تترافق عودة التوترات الأمنية والتفجيرات الناتجة من عدوى المنطقة والداخل في آن، مع تفاقم الأزمة المالية للدولة، لجهة نمو العجز في الموازنة من جهة، وتراجع فرص التمويل الداخلية والخارجية من جهة ثانية. أما القطاعات الاقتصادية فقد زادت ميزتها التفاضلية بالتراجع، نتيجة الظروف الأمنية المستجدة، التي ضربت فرصة تحسن السياحة الذي ضرب مبكراً، من خلال نصائح الدول لرعاياها بعدم التوجه إلى لبنان، ناهيك عن تخوف اللبنانيين أنفسهم من المجيء إلى لبنان. العنصر الثاني في التدهور هو تراجع الصادرات اللبنانية بحوالي 34 في المئة خلال خمسة أشهر، فيما لم يعوض الاستهلاك الداخلي للنزوح السوري سوى القليل من هذه الخسارة.
الاستثمارات الخارجية تستمر بالتراجع
بالنسبة إلى الاستثمارات الخارجية، فهي مستمرة في التراجع، نتيجة حالة عدم الاستقرار المسيطرة في بسط سلطة نمو البطالة، وعدم دخول الرساميل الجديدة لخلق فرص العمل. ويجب عدم نسيان نتائج النزوح السوري، التي زادت الأعباء ورفعت معدل البطالة بأكثر من 10 في المئة نتيجة المنافسة، لتصل المعدلات العامة للبطالة في بعض القطاعات إلى أكثر من 30 في المئة.
هذا يعني بكل تأكيد، أن عناصر النمو الاقتصادي في لبنان، ضربت مباشرة، كما حصل خلال السنتين الأخيرتين، وهو أمر ينعكس على عائدات الخزينة التي ستشهد المزيد من التراجع، في ظل تردي المناخ الأمني والسياسي مع الفراغ الرئاسي.
يبقى الموضوع الخاص بالمالية العامة، هو الأصعب في غياب الموازنة العامة، حيث يسعى وزير المالية، في حال مناقشة مجلس الوزراء مشروع موازنة العام 2014، إلى تقليص نفقات الإدارات بحوالي 700 مليار ليرة، في محاولة لخفض العجز إلى حدود 7000 مليار ليرة، بدلاً من 7700 مليار المقدر الحالي.
كما يسعى وزير المالية، من خلال تأكيده لـ«السفير»، إلى تقليص عجز الكهرباء، من خلال إعادة النظر باتفاقيات النفط مع كل من مؤسسة «سونتراك» الجزائرية، ومؤسسة النفط الكويتية، التي تنتهي مدتها في نهاية العام الماضي. مع العلم أن هذه الاتفاقيات معقودة من دولة إلى دولة، لتمويل احتياجات الكهرباء من المازوت والفيول أويل، منذ ولاية الوزير محمد فنيش في وزارة الطاقة والمياه. إشارة أخرى إلى أن تخفيض كلفة فاتورة النفط للكهرباء يتطلب استخدام الغاز بدل المازوت والفيول وهو أمر غير متاح حالياً. غير أن تخفيض عجز الكهرباء يتم من خلال مكافحة السرقات والهدر على الشبكات، التي تصل إلى أكثر من 50 في المئة في بعض المناطق، إضافة إلى إعادة النظر بالتعرفة الموضوعة على سعر 20 دولاراً لبرميل النفط. ويؤكد وزير المالية علي حسن خليل، الذي يطرح تعديل التعرفة على الشطور العليا، أن كلفة الكيلوات ساعة حالياً تصل إلى 350 ليرة، بينما يباع للقسم الأكبر من المشتركين بحوالي 35 إلى 60 ليرة.
خليل: محاولة تقليص النفقات
وزير المالية قال رداً على سؤال حل العجز والموازنة:
«أنا مقتنع بأنه من خلال مناقشات مجلس الوزراء، يمكن تقليص العجز المقدر في الموازنة العامة، تقليصا ملحوظا، من خلال حصر نفقات الوزراء بحوالي 500 إلى 600 مليار ليرة».
أضاف الوزير خليل، أنه «كان مضطراً، من خلال مشروع الموازنة، الى الإضاءة على الأوضاع الحقيقية وتبيان الواقع»، مؤكداً أنه حتى اليوم لم يوافق على أية سلفة خزينة للإدارات العامة، وبالتالي لم نرتكب مخالفة لقانون المحاسبة العمومية أو مخالفة دستورية، وقال انه «إذا أقرت السلسلة يمكن تغطية كلفة غلاء المعيشة المدفوعة من دون تغطية قانونية، والبالغة حوالي 850 مليار ليرة».
وهنا دعا خليل مختلف الكتل النيابية، للعب دورها في إقرار مشروع القانون الخاص بتغطية 1500 مليار ليرة، لتغطية قيمة الرواتب والأجور لما تبقى من العام 2014، على اعتبار أن الاعتمادات الملحوظة تكفي لتغطية الرواتب حتى نهاية شهر أيلول المقبل، استناداً إلى موازنة العام 2005 والقانون 238 الذي زاد الاعتمادات حوالي 8900 مليار ليرة.
وكشف وزير المالية أن المرحلة المقبلة من البحث ستتركز على عجز الكهرباء واتفاقات المحروقات المعقودة لاستيراد الفيول، والتي تنتهي مدتها في نهاية العام، على أمل تقليص العجز في الكهرباء، مع العمل على دراسة زيادة التعرفة، على جزء من الطبقات الشعبية، والتي يجب أن تكون آثارها محدودة على صغار المشتركين وصغار المستهلكين. كاشفاً أن الكيلوات ساعة يباع بحوالي 35 ليرة بينما كلفته على المؤسسة حوالي 350 ليرة.
التشريع بالاستدانة
وفي إطار آخر علمت «السفير» أن المالية تسعى للحصول على تشريع بالاستدانة، الذي كانت تنص عليه الموازنة، على اعتبار أنها تحتاج لتغطية استحقاقات بحوالي 1300 مليون دولار، بينما القانون لا يسمح لها بالاستدانة باليورو بوند بأكثر من 100 مليون دولار لما تبقى من العام 2014، والحاجة إلى أكثر من ذلك نتيجة العجز الكبير الذي تلحظه أرقام الموازنة. هذا الواقع دفع وزير المالية إلى وضع اقتراح قانون يطلب فيه الإجازة للمالية أو للحكومة بالاستدانة، بما يغطي عجز الموازنة والاستحقاقات بسندات اليوروبوند.
وأكد وزير المالية أن تغطية احتياجات الدولة تحتاج إلى تشريع يجيز للحكومة الاستدانة بحدود الحاجات، وهو أمر يجب أن يقر سريعا، على اعتبار أن المبالغ المتاح استدانتها اليوم لا تزيد عن 100 مليون دولار، بينما تمويل المستحقات للعام 2014 يفوق هذه المبالغ. وقال إن هناك نية أو توجهاً لإصدار سندات بالليرة لآجال طويلة ومتوسطة بين 6 و10 سنوات لتأمين حاجات الدولة واحتياطات حدها الأدنى حوالي 3000 مليار ليرة. مع وجود تفكير بالعودة إلى توسيع الإصدارات لتشمل سندات الجمهور.
معضلة تمويل رواتب القطاع العام
تواجه الحكومة والمجلس النيابي خلال الفترة المقبلة معضلة تمويل رواتب موظفي القطاع العام لما تبقى من العام 2014. هذا من دون التطرق إلى موضوع كلفة السلسلة ونفقاتها والإيرادات التي يمكن تحقيقها.
هذا ما دفع وزير المالية إلى طلب، بموجب اقتراح قانون، الموافقة على تخصيص مبلغ بقيمة 1650 مليار ليرة، لتغطية الرواتب والأجور عن الفصل الأخير من السنة، كون مخصصات موازنة العام 2014 تكفي حتى نهاية أيلول. مع الإشارة إلى أن كلفة غلاء المعيشة التي دفعت لموظفي القطاع العام غير مغطاة في الموازنة العامة حتى الآن (يقول وزير المال تمت تغطيتها سابقاً بسلفة خزينة وفيها مخالفة للقانون)، ما يوقع وزارة المالية في مخالفة ما لم تجد التغطية لهذه الاعتمادات المدفوعة.
وزير المال علي حسن خليل قال رداً على سؤال لـ«السفير» إنه وضع مشروع القانون الخاص بطلب المبلغ بحوالي 1650 مليار ليرة، لتغطية النفقات، تلافياً للوقوع بالمخالفة القانونية وحتى الدستورية، على اعتبار أن النفقات تتم على أساس موازنة العام 2005، مضافاً اليها مخصصات القانون 238 (الذي زاد مبلغ نفقات الموازنة بقيمة 8900 مليار ليرة تقريباً). وقال انه لن يخالف القانون والدستور بتخطي النفقات من دون إصدار قانون يغطي النفقات المستحقة والمستجدة.
وقال إنه سيحمّل الكتل النيابية مسؤولية عدم التوصل إلى إقرار القانون بالاعتمادات الإضافية لتغطية الرواتب والأجور، تلافياً للوقوع في المخالفة وتمويل الاحتياجات عن طريق سلفات خزينة كما كان يحصل في السابق.
المستحقات الخارجية
يضاف إلى ذلك معضلة أساسية تقضي بعدم وجود تشريع لدى وزارة المالية لتمويل المستحقات الخارجية، لما تبقى من العام 2014، لعدم وجود موازنة عامة ولعدم وجود تشريع يسمح للحكومة، عن طريق الاستدانة بموجب إصدارات جديدة لتمويل المستحقات.
على صعيد آخر، علمت «السفير» أن وزارة المالية سعت خلال الفترة الأخيرة إلى تكوين احتياطات في حساب الخزينة، لتغطية النفقات لما تبقى من العام 2014، تلافياً للصعوبات. تبقى إشارة إلى أن مصرف لبنان تحول إلى الممول الأساسي لاحتياجات الدولة، وهو ما سيحصل في حال عدم إقرار القانون الخاص بتأمين الرواتب للقطاع العام بما قيمته 1650 مليار ليرة. إشارة أخرى إلى أن اكتتابات المصارف في سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، خلال الأشهر الخمسة من العام 2014، بلغت حوالي 4350 مليار ليرة، منها حوالي 4000 مليار سندات مستحقة، تم تجديد الاكتتاب بها، وحوالي 350 مليار ليرة جديدة، وهي مبالغ تعتبر قليلة جداً ولا تغطي سوى جزء من العجز الجديد للعام 2014 والمقدر بحوالي 7700 مليار ليرة. وهنا مكمن الصعوبة ومساهمات مصرف لبنان الكبيرة.