Site icon IMLebanon

مجتمع الجنس… الشرقي! (بقلم رولا حداد)

 

 

كتبت رولا حداد

نظرياً نعيش في مجتمع شرقي ذكوري محافظ. فعلياً نعيش في مجتمع تحكمه سيقان الجنس اللطيف.

نظرياً نعيش في مجتمع تشكل المحرّمات أو التابوه Taboo عناوينه العريضة. فعلياً نعيش في مجتمع تجاوز كل المحرّمات التي لم تبقَ سوى في المظاهر وللتمويه فقط.

نظرياً ننتقد فنانات الاستعراض اللبنانيات أو عارضات الأزياء “البلديات” حين يتعرّين. فعليا نلاحق أخبارهن على كل المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي.

لارا كاي تعلن أنها أصبحت سحاقية لأنها تعرّضت لمحاولة اغتصاب من مدير شركة انتاج، فيضرب تصريحها الأرقام القياسية في المتابعة.

ميريام كلينك تروي على صفحتها على الفايسبوك كيف تجولت عارية في مركز التجميل حيث كانت تخضع للسولاريوم بحثاً عن هرّة، وهي لا تحتاج في المناسبة لأكثر من صورة عارية خلف العلم الإيراني لتصبح حديث الساعة!

رولا يمّوت الأخت غير الشقيقة لهيفا تعرض صور مؤخرتها بحثاً عن زيادة المعجبين ودخول ميدان المنافسة، وربما تسعى لمنافسة هيفا التي دخلت الفن من باب عرض الأزياء وأغنيات مثل “بوس الواوا” و”آه… آه” وفي استعراضاتها وملابسها التي تكشف أكثر مما تستر. دومينيك حوراني اعتمدت على “الإغراء المبتذل” من دون نتيجة، حتى أن النجمة الكبيرة إليسا التي لا تجوز مقارنتها بالأخريات، بدأت مع لقب “فنانة الشرشف” بسبب أول فيديو كليب قدمته… بالشرشف فقط!

ولكنّ اللبنانيين لا يتابعون فقط أخبار نجمات استعراض “الإيحاءات الجنسية” اللبنانيات، بل أيضا هم مهووسون كغيرهم في العالم بأخبار نجمة تلفزيون الواقع كيم كارديشيان وصور صدرها ومؤخرتها، وهي التي انطلقت شهرتها من فيلم إباحي نشرته لها والدتها على شبكة الانترنت!

وليس التنافس السكسي محصور في “الفن” في لبنان، بل تعدّاه الى ميدان الإعلام. فقبل سنوات كان برنامج “يا ليل يا عين” عبر شاشة الـLBC، لكنّ نجومه لم يكونا المقدمين ماريان خلاط وطوني أبو جودة، بل 4 عارضات يرقصن بقليل من الثياب في زوايا الاستديو الأربعة… ومنه الى “هيك منغني” باتت النجومية ليست لأداء مايا دياب بل لمقدار “الجرأة” في ثيابها. أما في “الليلة جنون” فالرهان الدائم على “إثارة” ما يفتعلها الضيوف!

وحتى على صعيد “الأخبار” فكان التنافس على استقدام المذيعات الجميلات سيّد الموقف خصوصاً بين الـmtv والـLBC!

الخلاصة من كل ما تقدّم، ومن أمثلة تحتاج الى مجلدات وليس الى مجرد سطور في مقالة، أننا نعيش في مجتمع يحكمه المال والجنس، كبقية المجتمعات، مع فارق واحد وأساسي وهو أننا نكذب لنخفي هذه الحقيقة!

فالذين ينتقدون “ابتذال” الفنانات اللبنانيات هم أكثر من يتابعون أخبارهنّ، والذين يحاضرون في العفة هم أكثر من يمارسون الدعارة، ولو بالسرّ. هذا “السرّ” الذي يرتكبه معظم اللبنانيين يظهر في كون الأخبار الأكثر قراءة على كل المواقع الالكترونية على اختلافها تبقى للأخبار الجنسية من دون منافس!

كما أن منطق “ما يطلبه الجمهور” يدفع بعدد من البرامج التلفزيونية المميزة الى أن تسعى جاهدة الى استضافة دائمة لأمثال ميريام كلينك ولارا كاي وجويل حاتم، أو أن تحتل رولا يموت غلاف مجلة عريقة مثل “نادين” في محاولة لتحقيق مبيعات أكبر!

هذا لا يبرّئ ساحة من يدعين خوض المجال الفني وهنّ لا يفعلن سوى تسويق أجسادهنّ، لأن الفارق كبير بين الاستعراض و”الاسترزاق” من الأجساد. صحيح أن شاكيرا وريهانا وقبلهن مادونا اعتمدن على الاستعراض والعري، لكن الصحيح أيضا أنهن قدمنا أعمالا فنية عالمية ذات قيمة. أما حين يصبح الفن ساحة لممارسة الدعارة المستترة فعندها يفقد أي قيمة.

قد يكون من المفيد ختاماً أن نواجه واقعنا بجرأة أكبر ونخفف من ادعاء العفة تحت عناوين “المجتمع الشرقي” البالية، ونحاول على الأقل أن نواجه حقيقة مجتمعنا لكي لا تفلت الأمور الى ما لا تحمد عقباه تحت شعار “التحرّر”!