رائد الخطيب
قال متحدثون على هامش ندوة «انقاذ الخزينة والكهرباء»، إن كثيراً من الكلام الذي ورد في الندوة، معادٌ ومكررٌ، وان العبرة بالتنفيذ وبالقدرة على اتخاذ قرار سياسي يفصل السياسة عن الأمور الحياتية التقنية.
وبرزت في الندوة في يومها الثاني، تباينات، من أهمها أن المتحدثين الرئيسيين في المحور الرابع تحدثوا عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في ظل غياب قانونٍ للشراكة (IPP) ما زال نائماً في أدراج المجلس النيابي، وهو ما أثار تساؤلات، ومطالبة من جميع من ضمَّتهم الطاولة المستديرة بإقرار القانون المذكور. وفيما أعرب الجميع عن خشيتهم من تكرار سيناريو إصدار التوصيات في الندوات السابقة التي عقدت للموضوع نفسه، وجهوا سهام العرقلة الى عدم التفاهمات السياسية.
أما الموضوع الثاني والأبرز أمس، فكان موضوع تعديل تعرفة الكهرباء والذي يتطلب قراراً جريئاً، إلا أن المسألة تكمن في عدم وجود تغذية كهربائية 24/24 ساعة. إذ كيف يمكن تعديل التعرفة في ظل التقنين القائم.
وعلى أيّ حال، فقد استأنفت الندوة، أعمالها في مجلس النواب، بحضور عدد من الوزراء والنواب والخبراء، ورأس الجلسة الاولى النائب عبد اللطيف الزين، وتحدث فيها ثلاثة خبراء، المدير الاقليمي لشركة «Sunedison» عن تجربة القطاع الخاص في بناء حقول شمسية ذات قدرات مميزة في الأردن «Developing Large scale Solar Farm»، فقال «في لبنان فرصة للشركات التي تبيع الطاقة، وبتكاليف متدنية»، لكن الأمر يتطلب اعداد كل الامور خصوصاً من الحكومة التي عليها أن تحضر، لإدخال هذا النوع من الشراكة سريعاً. واوضح ان من شأن إعداد الامر مسبقاً تجنيب أي عملية شراكة عراقيل قد تنشأ مستقبلاً. وعرض حيثيات اتفاق شراء الطاقة، خصوصاً وأن هذا النوع من المصانع القائم على الطاقة الشمسية لا أضرار بيئية لهُ، ويجب أن تبنى على أراضٍ مسطحة، وكلما كانت قوة الانتاج أعلى يكون ذلك أفضل.
وتناول بعده الاستشاري الدولي في شؤون الطاقة، انغولف هوفمان، تجربة تطوير نماذج IPP، مسائل بيع الطاقة، وموجباتها المالية، وتقاسم المخاطر الذي بامكانه أن يُجنِّب الحكومة خطراً، خصوصاً وأن هذه المشاريع يجب أن تنفذ بمدد زمنية معينة، وإلا وقعنا في الخسائر وقال إن شركته متخصصة في الانتاج الطاقوي على الماء والتي من شأن مصانعها أن تكون جد موثوقة.
وأشار الى أن الشركاء في مثل هذه النماذج هم 4 أطراف: المستثمرون، الحكومة، المصارف ومزودو النفط، متناولاً بالتفصيل دور كل طرف. وقال إن وجود الحكومة في المشروع دور مهم، بحيث انها سلطة رقابية تضم خبراء بامكانهم الإجابة عن أي معضلات أو أسئلة من الخارج، على أنه يجب أن تشكل هذه السلطة من مجموعة من الاستشاريين القانونيين والتقنيين.
بعده، تحدَّث كريم ناصر (مستثمر ومطور أعمال من لبنان)، عن تجربة القطاع الخاص اللبناني في تطوير IPP في لبنان. وتناول مسائل شراء الطاقة، والتي يجب أن تتضمن المخاطر والتعرفة، وأسعار الصرف، لافتاً الى أهمية اعطاء المطور أو المستثمر حماية وضمانات، وذلك يتطلب ايجاد جهة محايدة لفض الخلافات التي قد تنشأ. وتناول دور المصارف التمويلية في عمليات تمويل هذا النوع من المشاريع.
بعد الكلمات، عقدت طاولة مستديرة ترأسها النائب محمد قباني، فقال إنه لا يكفي أن نطلق ونلزم المشاريع، بل علينا التأكُّد من نجاحها من مختلف الجوانب القانونية والفنية والمالية وسواها. ولفت الى مجموعة من المشاريع المتعثرة والتي تثير لغطاً، ومنها:
ـ مشروع مقدمي الخدمات (DSP) المتعثر بعد خلاف بين المؤسسة والشركات حول مقاربة وتقويم الاعمال.
ـ مشروع معمل دير عمار 2 المتعثر بسبب مشكلات بيئية ومحلية والذي ادى الى عدم مباشرة العمل به.
ـ مشروع المحركات العكسية في معملي الزوق والجية، والذي تعثر بفعل توقف الشركة الدنماركية عن عملها لأسباب تعاقدية ومالية، مما اضطرها الى مغادرة موقع العمل.
ـ محطات التحويل الرئيسية، التي لم تتم المباشرة في أي موقع خصص لها (الضاحية مارمخايل -طرابلس).
ـ فشل تلزيم معملي الزوق والجية.
ـ فشل تقوية شبكة النقل الجوفية (سوليدير/المنصورية عرمون-الضاحية الحرش) لعدم تسليم مواقع العمل.
ـ عدم البدء بموضوع خطوط النقل الهوائية.
ووجه قباني سؤالاً حول موضوع البواخر حول ما إذا كانت موقتة أم دائمة.
وبعد كلمة قباني المقتضبة، توسعت مروحة المداخلات، وقدم النائب غازي يوسف مداخلة حول الخطة التي أقرتها الحكومة في حزيران 2010، والتي استلهمها وزير الطاقة والمياه السابق جبران باسيل من كل الخطط التي وضعها الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وأكد أن المصاريف على الكهرباء بلغت نحو 27 مليار دولار منذ العام 1992 الى الان، وهي باتت تشكل عبئاً كبيراً على الخزينة، وهو ما سيجعل لبنان أمام مخاطر سيادية واعادة تصنيفه من مؤسسات التمويل من B الى C.
وطالب يوسف وزير الطاقة والمياه الذي كان حاضراً، بالاقدام على اتخاذ قرار جريء وطرح موضوع تعديل التعرفة في مجلس الوزراء. وسأل ماذا حققت الخطة التي طرحها الوزير باسيل، فأين القطاع الخاص منها ومن الذي رمى الهيئة الناظمة جانباً؟ داعياً الى قرار سياسي واضح بعيد عن التدخل في الامور التقنية لمعالجة النزف المالي للكهرباء، وذلك من خلال تشكيل هيئة ناظمة، وفرض تعرفة جديدة واقرار قانون الشراكة.
من جهته، اكد النائب ياسين جابر أهمية قانون الشراكة، وقال إن المشكلة ليست في التشريع بل في التنفيذ، وضرب مثلاً على وجود القانون 462/2002 والذي لم يطبق.
أما النائب محمد الحجار، فأبدى خشيته من تكرار التوصيات التي تصدر عقب كل مؤتمر رغم المخاطر التي وصل اليها قطاع الكهرباء، ورأى أن المطلوب هو إرادة سياسية لتنفيذ أي توصية.
أما مستشار وزير الطاقة بيار هنود، فأشار الى الأعمال التحضيرية لوزارة الطاقة إن على صعيد قانون الشراكة أو التشركة مع مؤسسة كهرباء أو تعديل القانون 462.
من جهته، عرض ماهر عيتاني من شركة «KVA» لمقدمي الخدمات، لبعض النقاط الخلافية التي تقف حائلاً أمام شركات مقدمي الخدمات، فاقترح انشاء طرف مستقل لمتابعة هذا المشروع ومعالجة الخلافات والنزاعات التعاقدية بشكل سريع، والبحث في امكان تعديل بعض من بنود العقد مع الشركات الثلاث، لتفعيل الأداء والاستفادة بشكل أفضل من مساهمة القطاع الخاص.
وهو الامر الذي استدعى رداً سريعاً من قباني، الذي قال ان المطلوب قبل تعديل القانون 462 تطبيقه ومن ثم الدخول في عمليات التشريع.
ومن جهته، لفت النائب السابق ناصر نصر الله، الى أهمية تعديل التعرفة لكن قبل تعديلها يجب احراز تقدم على مستوى رفع معدلات التغذية. وسأل أين المحاسبة وهل من الممكن محاسبة النواب والوزراء. اضاف إنه قبل الشروع في عمليات الخصخصة أو التشركة يجب النظر الى مفاعيلها على الحالة الاجتماعية، التي ستدفع ثمناً لأي عملية تطوير في هذا المجال.
ولفت المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، الى أن الوضع تغير منذ وضع الخطة في حزيران 2010 وحزيران 2014. وقال إن هناك رفعا لمستوى التغذية وقد تحقق عبر البواخر، ولكن يجب أن ننقذ الخزينة من خلال اجراءات على المديين المتوسط والطويل، ومن أهمها استعمال الغاز الطبيعي في معامل توليد الطاقة. وأكد ضرورة تعديل التعرفة وعلى ضرورة اصدار توصية بشأن نزع التعديات.
كما لفت النائب خضر حبيب الى اقرار قانون الشراكة، فيما قال ابراهيم شحرور من مجلس الانماء والاعمار إن خطة باسيل للكهرباء هي خطة الحكومة، داعياً الى مساعدة الحكومة لتنفيذها، وقال إن أي بند متعثر بالامكان إعادة النظر فيه.
وبانتظار صدور التوصيات، فإن الأمور ستبقى على حالها، لأن المطلوب الإقدام على التنفيذ. وهذا ما قاله مشاركون في أعمال الندوة.