Site icon IMLebanon

طقوس واحتفالات جنسيّة كي يدوم الرابط بينكما

كتب الدكتور بيارو كرم في صحيفة “النهار”:

أليس من الغريب أن يكون لدينا متّسع من الوقت لممارسة الأعمال الجنسية وقليل منه للتحدث عنها كما لو أن الفعل مسموح… والكلام محظور؟

بعد إنقضاء مرحلة شهر العسل وهي فترة توطيد الرابط العاطفي، على العلاقة بين الثنائي أن تتطوّر وتتحوّل إلى تعلّق طويل الأمد. ولكن بعض الأشخاص يجدون صعوبة أكبر في عيش رابط التعلّق هذا والمحافظة عليه. وعلى صعيد علم النفس، هناك أنماط عدة من التعلّق تتغلغل جذورها في تجاربنا الأولى في الطفولة المبكرة. والنمط الأكثر شيوعاً هو التعلّق المطمئِن القائم على توازن بين التقرّب من الآخرين والإستقلالية الذاتية مع أرجحيّة تفضيل الثقة في العلاقات التفاعلية. ولكن بعض الأشخاص لديهم نمط مختلف حيث هم فيه أقلّ راحة حيال الحميميّة والثقة تجاه الآخر، كونهم يجدون أنه من الصعب الإعتماد على الآخر، لذا يصعب عليهم الإستمرار في الحميميّة. كذلك يجدون أنفسهم غير قادرين على الوقوع في الحب الذي يرغبون به ويعتمدون موقفاً أكثر بعداً وحذراً حيال الآخرين.

ليس هناك من نمط تعلّق سيء في حدّ ذاته، ولكن بعض الأنماط يجعل الأشخاص أكثر عرضة لخوض تجارب تطغى عليها الغيرة والوحدة وإلى إتخاذ موقف دفاعي تجاه الآخر وإلقاء اللوم عليه دائماً. بالتأكيد، لا يفسّر نمط التعلّق وحده الفشل في العلاقة أو تطوّرها؛ هذا الرابط الذي ينشأ ويتعزّز يوماً بعد يوم والذي يُثريه التواصل الدائم. هناك أيضاً الإختلافات لدى الشريك التي نبدأ بإدراكها والوعي عليها بعد شهر العسل. ولكن، في غياب مقاربة مناسبة للتعامل مع هذه الإختلافات وإدارتها من خلال تواصل فعّال، لن تساهم النزاعات إلاّ في تدمير رابط العلاقة القائمة.

ضغوط خارجية

تأتي بعدها مشكلات وضغوط الحياة اليومية التي تشدّ بالثنائي نحو الأسفل وتدفعه إلى وضع العلاقة جانباً وعدم الإهتمام بها. فإن إستعادة الحميميّة – إذا فقدت – هي مسألة أصعب بكثير من المحافظة عليها. غالباً ما يقصد الثنائي عيادة الإختصاصي النفساني حين يدركان أنهما ابتعدا عن بعضهما البعض وغرقا في متاهات الحياة اليومية من دون الإهتمام بمتابعة ترسيخ علاقتهما وتوطيدها، ومن دون أن يكونا قد تطرّقا فعلياً إلى ما يشغل كل منهما على الصعيد الشخصي.

أما في الحقيقة، ولنكن صادقين، فإن الحياة الجنسية تقع في صلب أي رابط أوعلاقة. كثير من الثنائيّات يخلط بين الرغبة والحب، ولا يعرف طريقة تفادي ومعالجة تراجع أو إنخفاض الرغبة والتعامل معها. وهي ليست حكماً دليلاً على عدم الإهتمام بالآخر أو اللامبالاة. عدم التصارح عن الحميميّة يؤدي إلى تراجع في الرغبة أو إنخفاضها. أليس من الغريب أن يكون لدينا متّسع من الوقت لممارسة الأعمال الجنسية وقليل منه للتحدث عنها، كما لو أن الفعل مسموح والكلام محظور؟

2 + 2+ 1=؟

الثنائي هو كأي فرد، مشابه للآخرين ومختلف عنهم في آن واحد. جميع هذه الأسباب التي أتينا على ذكرها تدفع الثنائي إلى خسارة قوتّه الذاتية الأساسية. كما أعود لأشدّد على ضرورة عدم الإعتماد على هذه القوّة الأوليّة وحدها التي تقوم فقط على الحب، لضمان إستمرارية العلاقة على المدى الطويل. ولتفادي تآكل وتفكك هذا الرابط، ثمة الكثير من إستراتيجيات النجاح بقدر ما هناك مسببات لهذا التآكل. الطريقة المثلى هي في البدء مبكراً وإعتبار فترة شهر العسل بمثابة فرصة للتحضير لترسيخ أسس يقوم عليها الثنائي لكي يدوم.

فالثنائي لا يقتصر فقط على وجود شخص مع شخص آخر، فهو في الحقيقة يقوم على خمس شخصيات. بمعنى آخر يتألّف الثنائي من المرأة والطفلة التي كانت (2) والرجل والطفل الذي كان (2) والثنائي في حدّ ذاته (1) أي ما يعادل 2+2+1=5.

بين السلبية والإيجابيات

مقارنة بالثنائي السعيد، يُلاحظ أن العديد من الذين ينفصلون يركّزون على عدد أقل من الأمور الإيجابية مقارنة بالأمور السلبية. التوازن هو مسألة فردية تختلف من شخص إلى آخر. بعض الثنائي يحتاج إلى إحترام التوازن والمساواة بين الأمور الإيجابية والأمور السلبية، بينما يحتاج البعض الآخر إلى أن تكون الأمور الإيجابية حاضرة بشكل أكبر من تلك السلبية. في السلوك الإيجابي تصطلح المسائل المستعصية ويقضي الحوار على النقمة والإستياء والإمتعاض. من الأساسي والمهم إيجاد وقت للثنائي بغضّ النظر عن مدى إنشغالاتنا؛ يكفي أن نخصّص فسحة من الوقت لنكون مع الآخر.

التحدّث عن الذات والإستماع إلى الآخر وليس العكس كما يحصل عادةً. التحدّث مهم ولكن التواصل أهم. التواصل هو التحدّث والإستماع في آن واحد. على هذا التواصل التطرّق إلى جميع الموضوعات مع الحرص على تناول كل موضوع على حدة. علينا تعلّم التعرف الى الآخر وفي ظل التغيير والتقدّم المتواصل للآخر، معرفتنا به ليست محسومة. والوسيلة الوحيدة لمعرفة الآخر، هي دفعه وحضّه على التحدّث عن نفسه. فنحن نعرف كيف يتصرّف ولكننا لا نعرف أبداً بماذا يفكّر. كما نحن نفكّر والآخرون يتصرفون.

طقوس واحتفالات

علينا أن نجد في الإختلاف وعدم التوافق قوة تلعب دوراً فعّالاً في بناء وتأسيس الثنائي على المدى الطويل. من الأفضل أن نكون فريقاً متحداً وليس خصمين. فالتحدّث عن جسدنا وعن جسد الآخر والتحدّث عن المتعة التي يقدّمها أحدنا الى الآخر يسمح لنا بتعزيز تقديرنا لذاتنا، ما يمنحنا ثقة بالنفس أكثر فأكثر وبالتالي يزيد من ثقتنا بالآخر. علينا ألا نتفادى التحدّث صراحة عن الحياة الجنسية، فالصراحة في هذه الأمور أكثر من جوهرية قبل وخلال الأفعال الجنسية وبعدها. المداعبة والقبلات هي جزء من النشاط الجنسي. لمس الآخر هو وسيلة مباشرة لكي يشعر بأنه مهمّ بالنسبة الينا. علينا أن نتذكّر أن الإيلاج ليس بالضرورة هو الهدف من العمل الجنسي. لا يوجد ما يمنعنا من القيام بنشاط جنسي متنوّع ومتواصل. التاريخ والقصص المشتركة للثنائي والتحدّث عنها هي مصدر فرح ومتعة وسعادة لهما. يكوّن الثنائي عالمه الخاص من عادات وطقوس واحتفالات بمناسبات خاصة به.

جميع هذه الإستراتيجيات والكثير غيرها تسمح بإنشاء رابط مستدام، رابط تعلّق قائم على التقارب والتفاهم والحميميّة والاستقلاليّة للمحافظة على علاقة سعيدة رغم التحدّيات والعقبات والضغوط بحيث تكون حياة الثنائي بمثابة شهر عسل متواصل. وإن إعترضت عقبة ما حياة الثنائي، من المجدي عدم التردّد في طلب المساعدة.