تشكل الظروف السياسية والامنية في لبنان دوراً سلبياً على اداء القطاع المالي وارتفاع الدين العام، هذه النظرة السلبية عكستها وكالة التصنيف الدولية فيتش التي ابقت على نظرتها المستقبلية السلبية للبنان.
وفي هذا الاطار، تعرضت المالية العامة للإنكماش الى حوالى 245 مليون دولار اميركي خلال الفترة الاولى من العام 2014، بنتيجة تأليف الحكومة برئاسة الرئيس تمام سلام، لكن هذا الانكماش في الاشهر الاولى والذي انخفض من 298 مليون في العام 2013 الى 245 مليون دولار في العام 2014 من المرجح اعادة ارتفاعه من جديد بسبب الفراغ الرئاسي.
هذه الموشرات المالية وان دلت على شيء فهي تدل على ان آفاق الاقتصاد اللبناني لا تزال غامضة بالنسبة للمجتمع، خاصة وان الاوضاع السياسية حتى اليوم لم تكن متلائمة وتحسن الظروف الاقتصادية وانعكاساتها على المالية العامة او الاوضاع النقدية.
وكالة فيتش
حافظت على النظرة المستقبليّة السلبيّة» للبنان في تقريرها الأخير المؤرّخ في ١٣ حزيران ٢٠١٤ ، كما أبقت الوكالة تصنيفها الإئتماني الطويل الأمد بالعملة الوطنيّة وبالعملات الأجنبيّة كذلك حافظت الوكالة على كلٍّ من تصنيف سندات الدين غير المضمونة والمعنونة بالليرة اللبنانيّة وبالعملات .»B» على التصنيف الإئتماني القصير الأمد بالعملات الأجنبيّة وأشارت الوكالة إلى أنّ التصنيف السيادي للبنان ينبثق عن الإستقرار المالي في البلاد بالرغم .على من التوتّرات الأمنيّة والسياسيّة في المنطقة. يعود هذا الإستقرار المالي إلى صلابة القطاع المصرفي الذي لا يزال يشكّل مصدر التمويل الرئيسي للدولة اللبنانيّة. وأشاد التقرير بنسبة السيولة المرتفعة لدى القطاع المصرفي بالإضافة إلى فعاليّة الأنظمة التشريعيّة والرقابيّة المعتمدة من قبل مصرف لبنان. وفي التفاصيل، ذكرت وكالة فيتش الزيادة الجيّدة بنسبة ٧٫٩٪ في الودائع لدى القطاع المصرفي كما في نهاية شهر نيسان ٢٠١٤ ، الأمر الذي يساعد القطاع المصرفي على تمويل إحتياجات الدولة. كما أضاف التقرير أنّ مصرف لبنان قد حافظ على ربط الليرة اللبنانيّة بالدولار الأميريكي خلال فترة التوتّرات الأخيرة، وذلك في ظلّ تراكم إحتياطات المصرف المركزي بالعملة الأجنبيّة والإستقرار في معدّل الدولرة.
من جهةٍ أخرى، فإن الأزمة السياسيّة القائمة حاليّاً في المنطقة، وخاصّةً الحرب المندلعة في سوريا المجاورة، لا تزال تحول دون أيّ تحسينٍ في التصنيف السيادي للبنان، مؤثّرةً سلباً على الإستقرار السياسي والإقتصادي لديه. وقد ذكرت وكالة فيتش التدفّق المستمرّ للاّجئين السورييّن إلى البلاد كإحدى المعضلات الرئيسيّة التي يعاني منها لبنان، إذ بات هؤلاء اللاجئون يشكّلون حوالي ٢٥٪ (مليون لاجئ)٪ من مجموع عدد سكّان البلاد. في هذا الإطار، توقّعت الوكالة أن تبقى نسبة نموّ الناتج المحلّي الحقيقي في لبنان منخفضة على حوالي ١٫٨ خلال العام ٢٠١٤ . كما علّق التقرير أنّ المسألة الثانية التي تعرقل أيّ تحسينٍ في التصنيف السيادي للبنان تكمن في الماليّة العامّة للبلاد، علماً بأنّ لبنان يعاني حاليّاً من ثالث أعلى نسبة دين عامّ من الناتج المحلي الإجمالي في العالم بعد اليابان واليونان.
غير أنّ وكالة فيتش قد أشارت إلى أنّ إجراء أيّة تعديلاتٍ إيجابيّةٍ على تصنيف لبنان السيادي يبقى رهن توافر مناخ من الإستقرار السياسي في البلاد وإنتعاشٍ في نموّ لبنان الإقتصادي، إضافةً إلى تحسّن دينكاميكيّة دينه العامّ.
انخفاض العجز
على صعيد الماليّة العامّة، إنكمش العجز الإجمالي للموازنة إلى حوالي ٢٤٥ مليون د.أ. خلال فترة الشهرين الأولين من العام ٢٠١٤ ، مقارنةً فائض بلغ مع عجز بلغ ٢٩٨ مليون د.أ. خلال الفترة ذاتها من العام ٢٠١٣ . وقد سجّل الرصيد الأوّلي للموازنة ١٦٦ مليون د.أ. خلال الشهرين الأوّلين من العام ٢٠١٤ مقابل فائض وصل إلى ٧٠ مليون د.أ. خلال الفترة نفسها من العام ٢٠١٣ . في التفاصيل، إرتفعت إيرادات الدولة بنسبة ٨٫٢٩٪ سنويّاً إلى حوالي ١٫٦٩ مليار د.أ. نتيجة تحسّن الإيرادات غير الضريبيّة بنسبة ٢٠٫٥٣ إلى ٣٩٦٫١٤ مليون د.أ. في المقلب الآخر، زادت نفقات الدولة بنسبة ٤٫١١٪ على صعيدٍ سنويّ إلى ١٫٩٣ مليار د.أ.، بفعل زيادة الإنفاق على حساب موازنات سابقة ب ٢٤٦٫٤١ مليون د.أ.
في هذا الإطار، إنخفضت نسبة العجز من إجمالي النفقات إلى ١٢٫٦٧٪ في نهاية شهر شباط من . العام الحالي مقارنةً مع عجز بنسبة ١٦٫٠٥٪ من إجمالي النفقات خلال الشهرين الأولين من العام ٢٠١٣.
الوضع النقدي
على الصعيد النقدي، أنهت كلّ المؤشّرات النقديّة أسبوعها المنتهي في ٥ حزيران ٢٠١٤ على تحسّن، وذلك للأسبوع الثاني على التوالي. وفي التفاصيل، إرتفعت الكتلة النقديّة بمفهومها الواسع، «م ٤»، ب ٣٢٥٫٩٠ مليون د.أ. على صعيدٍ أسبوعيٍّ لتتخطّى عتبة ال ١٢١٫٢٤ مليار د.أ.، مع العلم أنّ محفظة سندات الخزينة المكتتب بها من قبل القطاع غير المصرفي قد زادت ب ٢٣٫٨٨ مليون د.أ.
كذلك تطوّرت الكتلة النقديّة «م ١»، وهي تشمل السيولة الجاهزة بالليرة اللبنانيّة، ب ٤٣٫٣٤ مليون د.أ. على صعيدٍ أسبوعيٍّ إلى حوالي ٤٫٩١ مليار د.أ.، وذلك بفعل الإرتفاع في حجم النقد المتداول ب ١٩٨٫٣٤ مليون د.أ.، والذي طغى على التراجع في حجم الودائع تحت الطلب ب ١٥٥٫٢٢ مليون د.أ. وقد سجّلت الكتلة النقديّة بالليرة اللبنانيّة، «م ٢»، تحسّناً ب ٥٣٫٦٢ مليون د.أ. على صعيدٍ أسبوعيّ، في حين حقّقت نموّاً سنويّاً بلغت نسبته ٥٫٧٤٪، لتجاور بذلك عتبة ال ٤٦٫٧١ مليار د.أ.
في هذا الإطار، زاد حجم الإدّخار بالعملة الوطنيّة (م ٢-م ١) بشكلٍ طفيفٍ إلى حوالي ٤١٫٨٠ مليار د.أ.، كما إرتفع رصيد الودائع المعنونة بالعملة الأجنبيّة (م ٣-م ٢) إلى ٦٧٫٦٦ مليار د.أ.
ميزانية المركزي
تظهر ميزانيّة مصرف لبنان إرتفاعاً ب ٤٧٣٫٠٤ مليون د.أ. في الموجودات بالعملة الأجنبيّة خلال النصف الأوّل من شهر حزيران ٢٠١٤ إلى ٣٦٫٨٤ مليار د.أ.، مقابل ٣٦٫٣٧ مليار د.أ. كما في نهاية شهر أيّار، أي ما يشكّل ٧٥٫٨٢٪ من إجمالي الإحتياطات لدى البنك المركزي. من جهةٍ أخرى، تبيّن ميزانيّة مصرف لبنان زيادةً في قيمة إحتياطات لبنان من الذهب ب ١٧٦٫٨٩ مليون د.أ. خلال النصف الأوّل من شهر حزيران ٢٠١٤ إلى ١١٫٧٥ مليار د.أ. ( ٢٤٫١٨٪ من إجمالي الإحتياطات لدى مصرف لبنان).
أمّا على صعيدٍ سنويٍّ، فقد إنكمشت الإحتياطات بالعملة الأجنبيّة لدى مصرف لبنان بنسبة ٠٫٧٩٪ مقارنةً بالمستوى الذي كانت عليه في منتصف شهر حزيران من العام ٢٠١٣ ، والبالغ حينها ٣٧٫١٤ مليار د.أ. بالتوازي، تراجعت محفظة إحتياطات الذهب لدى مصرف لبنان بمليار د.أ. ( ٧٫٨٥٪) عند مقارنتها بالمستوى الذي كانت عليه في منتصف شهر حزيران من العام السابق، والبالغ حينها ١٢٫٧٥ مليار د.أ. نتيجة لذلك، إنخفض إجمالي الإحتياطات لدى مصرف لبنان (ذهب وعملة أجنبيّة) ب ١٫٢٩ مليار د.أ. على صعيدٍ سنويٍّ إلى ٤٨٫٥٩ مليار د.أ. كما في منتصف شهر حزيران ٢٠١٤ ، مقابل ٤٩٫٨٩ مليار د.أ. في منتصف الشهر السادس من العام المنصرم.
في المقابل، سجّلت ميزانيّة مصرف لبنان زيادةً بنسبة ١٫١١٪ خلال النصف الأوّل من شهر حزيران ٢٠١٤ إلى ٨١٫٩٠ مليار د.أ.، وذلك إثر الإرتفاع بنسبة ١٫٣٦٪ في إجمالي الإحتياطات إلى ٤٨٫٥٩ مليار د.أ.، والزيادة بنسبة ٠٫٢٤٪ في محفظة الأوراق الماليّة إلى ١٢٫٦٣ مليار د.أ. والإرتفاع بنسبة ١٫١٨٪ في محفظة التسليفات للقطاع المالي اللبناني إلى ٣٫٣٠ مليار د.أ.