دلال ابو غزالة
أعلن مدير مبادرة «منظمة التغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة» (فاو) الإقليمية المتعلقة بندرة المياه باسكال ستيدوتو أن المنطقة العربية من أكثر الأقاليم ندرة للمياه في العالم، حيث يقل نصيب الفرد من المياه فيها 10 في المئة عن المستويات العالمية، ما يشكل خطراً على الأمن الغذائي في المنطقة.
وتوقع في مقابلة أجرتها معها «الحياة» تراجع «حصة الفرد من المياه في المنطقة إلى 50 في المئة إذا استمر النمو السكاني وأنماط الاستهلاك في الوتيرة ذاتها، في وقت تتعرض أكثر من 70 في المئة من مساحة المنطقة لخطر التصحر والجفاف، كما تدهورت حال ما بين 40 و50 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة.
وأضاف: «مع تزايد النمو السكاني والتوسع العمراني والتغير في الأنماط الغذائية، يقع الإنتاج الزراعي في المنطقة تحت ضغط كبير لتلبية تزايد الطلب على الغذاء»، مرجحاً «ارتفاع الطلب على المياه بوتيرة سريعة خلال السنوات الـ30 المقبلة».
وقدر ستيدوتو إجمالي الاستثمارات التي تحتاجها المنطقة لحل مشكلة نقص المياه بنحو 100 بليون دولار، تشمل تحلية مياه البحر، وتكرير المياه المستخدمة، واستعمال المياه الجوفية. وأشار إلى أن كلفة تحلية ليتر مكعب من المياه تراوح بين 50 سنتاً ودولار.
وأكد أن حكومات المنطقة بدأت تعي حجم المشكلة بعد أزمة الغذاء عام 2008، ما دفعها إلى الاستثمار في القطاع الزراعي في دول أخرى في المنطقة وخارجها. وأوضح أن قطاع الزراعة «بدأ يتأثر بندرة المياه في المنطقة العربية، ويُتوقع أن يتأثر أكثر خلال السنوات المقبلة، لا سيما أن المنطقة تستهلك أكثر من 85 في المئة من مياهها لأغراض الزراعة».
ويُتوقع أن تحتاج المنطقة لإطعام نحو 200 مليون شخص إضافي بحلول عام 2050، وأن يصل إجمالي الطلب على الحبوب إلى نحو 200 مليون طن سنوياً، أي ضعف الرقم الحالي.
وأشار ستيدوتو إلى أن «المنطقة تحتاج لبذل الجهود لرفع مستوى الاكتفاء الذاتي، خصوصاً من الحبوب، إلى مستوى 80 في المئة على الأقل، إضافة إلى زيادة مستوى الاحتياط من السلع الأساس عبر بناء صوامع تخزين، وعقد اتفاقات ثنائية مع دول أخرى لتأمين حاجتها من الغذاء، الذي وصلت الفجوة فيه بين العرض والطلب إلى ما بين 60 و70 في المئة.
وتوقع أن تعاني المنطقة العربية من الآثار الخطيرة للتغير المناخي نتيجة ارتفاع مستوى ندرة المياه، والاعتماد الكبير على الزراعة التي تتأثر بالمناخ.
ورجح ستيدوتو أن يُلحق التغير المناخي «ضرراً خطيراً بالمناطق الساحلية، وبأجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية المنتجة، ففي مصر مثلاً، تشير التقديرات إلى أن ارتفاع سطح البحر بمعدل 0.5 متراً قد يسرع عمليات التصحر، ما يؤدي إلى فقدان جزء من الأراضي الزراعية في منطقة دلتا النيل».
وأضاف مدير مبادرة «فاو»: «يزيد التدهور المستمر للأراضي الزراعية جراء الأنشطة البشرية، ما يـهدد التنمية المستدامة والإنتاجيـة المستقبلية، على رغم الجهود التي بذلتها المنطقة في مكافحة التصحر، حين دخل اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة التصحر حيز التنفيذ عام 1994».
ويعرف «التصحر» بحسب المادة الأولى من اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة التصحر على أنه تردي الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة نتيجة عوامل طبيـعيـة وبـشرية، بما يؤدي إلى فقدان قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي ودعم الحياة.
وهذه الظاهرة العالمية تتكشف بقوة منذ ستينات القرن الماضي، حينما ضربت موجات من الجفاف بقاعاً شتى في العالم مسببة ندرة في المياه وخسائر بشرية واقتصادية.