IMLebanon

800 مليون دولار سنوياً كلفة التدهور البيئي

Akhbar
يرى كثيرون أن الكلام عن استدامة التنمية والحفاظ على البيئة لمصلحة الأجيال المستقبلية من قبيل الترف الفكري في ظل الواقع اللبناني المتردي على الصعد الحياتية جميعها تقريباً، غير أن «تقريش» البنك الدولي لأثر التدهور البيئي بـ800 مليون دولار أو 3.7% من الناتج المحلي لعام 2005 قد يلفت الانتباه؛ ويقوّم البنك الدولي الخسارة الناجمة عن التدهور البيئي بمعايير عدة، بينها الوفيات المبكرة والخسارة الاقتصادية الناجمة عن تضرر التربة المنتجة للمحاصيل، وكذلك تضرر المناطق السياحية.

ويحاول تقرير The Lebanon Brief الصادر عن بنك لبنان والمهجر الأسبوع الماضي رسم صورة عامة عن حال البيئة في لبنان، مستطلعاً آفاق الطاقة المتجددة كخيار فعال للحد من التلوث والحفاظ على الموارد الطبيعية، وينقل عن البنك الدولي أن كلفة تلوث المياه تمثل خسارة قدرها 1.08% من الناتج المحلي، تليها 0.7% لتلوث الهواء، و0.69% لتلوث المناطق الساحلية والمناطق التراثية، و0.61% لتلوث التربة والبراري.
بحسب التقرير، فإن مرتبة لبنان المتدنية في المؤشرات البيئية العالمية تعود الى نقص المعايير والأنظمة ذات الصلة، وغياب استراتيجية بيئية شاملة. فقد حل لبنان في المرتبة الـ91 من بين 178 بلداً على «مؤشر الأداء البيئي» EPI الذي أصدرته جامعة يال العام الجاري، والذي يبين نقاط القوة والضعف البيئية: من النقاط المضيئة القليلة تسجيل لبنان 91.77 نقطة من أصل 100 لمؤشر وفيات الأطفال الفرعي، وقد يكون مفاجئاً حلوله في المرتبة الـ19 في المؤشر الفرعي لخسارة المساحات الحرجية بين عامَي 2000 و2012. في المقابل، سجل لبنان 1.71 نقطة فقط من أصل 100، وحل في المرتبة 173 بين الـ178 دولة على مقياس التنوع البيولوجي وسلامة المَوئل الطبيعي للكائنات، الذي يرصد مستوى حماية المناطق البرية والبحرية، وحماية الأنواع المهددة.
يحض التقرير على إيقاف تدهور نوعية الهواء، حيث تزداد نسبة الجزيئات الدقيقة التي تؤدي إلى أضرار في القلب والرئتين؛ ففي هذا المجال، سجل لبنان تدهوراً بنسبة 13.35% على مدى 10 سنوات، فبات يقبع في المرتبة 98 على هذا المؤشر بين الدول الـ178. إضافة إلى ذلك، تظهر أرقام البنك الدولي أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون زادت بنسبة 11% عام 2008، و26% عام 2009، لتنخفض 2% فقط عام 2010، لتبلغ 20,403 كيلو طن. العامل الأكثر تهديداً لسلامة المياه وتوافرها هو النمو السريع لعدد سكان المدن، يقول التقرير، مشيراً أن النسبة العظمى من السكان تتركز في بيروت وجبل لبنان (بسبب تركز النشاط الاقتصادي قطاعياً ومناطقياً)، حيث تبلغ نسبة المساكن في محافظة جبل لبنان وحدها 43%. وبحسب البنك الدولي، يُفاقم الحالة تلك ازدياد الطلب على المياه عام 2013 من 335 مليون متر مكعب إلى 361 مليون متر مكعب في السنة بفعل النزوح السوري. أدى ارتفاع الطلب على المياه إلى إرهاق الآبار، فاستُنفد بعضها ولوّثت المياه المالحة بعضها الآخر، كما ازدادت المياه المبتذلة غير المعالجة، بحسب وزارة البيئة. يقترح التقرير بناء محطات معالجة المياه المبتذلة باستعمال تكنولوجيا «الهضم اللاهوائي» Anaerobic Digestion للحؤول دون تلوث المياه العذبة ومجاريها، وكذلك المساهمة في سد العجز الكهربائي؛ فالمحطات تلك تعالج المياه المبتذلة والنفايات شبه الصلبة، وتنتج منها الكهرباء والحرارة والوقود والأسمدة. أظهرت دراسة أجراها مشروع CEDRO التابع لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، الذي يُعنى بمشروعات الطاقة المتجددة، أن خمس محطات في صور والعبدة والصرفند وصيدا ومجدل عنجر مؤهلة لاستعمال تكنولوجيا «الهضم اللاهوائي»، بالإضافة إلى محطة أخرى في طرابلس تعمل بالتكنولوجيا تلك، ما يمكن أن يولد طاقة تبلغ 143,000 ميغاوات/ساعة، ويخفّض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بـ35,000 طن من ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله. تجدر الإشارة إلى أن منحى انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في لبنان في تصاعد مستمر منذ عام 1960، فيما يكمن مفتاح تدارك التدهور البيئي بتخفيض انبعاث «غازات الدفيئة»، يؤكد التقرير، شارحاً أن تزايد الغازات تلك يؤدي إلى ارتفاع معدل الحرارة وإطالة أمد فترات الجفاف وخفض معدل المتساقطات، وبالتالي تفاقم العجز المائي.
يبقى من الضروري إجراء دراسة دقيقة لجدوى إنشاء محطات معالجة المياه المبتذلة، وخاصة في بلد فاق عجز الموازنة فيه الـ10% من الناتج المحلي؛ ففيما تقول CEDRO أن كلفة صيانة المحطات تلك تراوح في العادة بين 2% و3% من قيمتها، أظهرت دراسات عدة أن أكلاف الصيانة قد تتذبذب بشكل كبير بين 4 آلاف يورو لمحطة تبلغ قيمتها حوالى 500 ألف يورو، وحتى 72 ألف يورو لمحطة قيمتها حوالى مليون يورو، ودائماً بحسب التقرير.