Site icon IMLebanon

أسرار إحصائيات الصين الغامضة…أولها التلاعب

FinancialTimes

على الرغم من أن عدد سكان الصين يبلغ 1.36 مليار نسمة، وأنها تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلا أنها تتمكن بطريقة أو بأخرى من جمع ومقارنة ونشر الأرقام ربع السنوية الخاصة بناتجها المحلي الإجمالي في غضون أسبوعين فقط لكل ربع، ولا تراجعها أبداً.

المقاطعة الصينية ذات الحُكم المستقل، هونج كونج، البالغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، تستغرق ستة أسابيع لنشر أرقامها، في حين أن الولايات المتحدة تستغرق ثمانية أسابيع، وتوفر مراجعات مستمرة بعد إعلان الرقم الأولي. كما أن هناك الظاهرة الغريبة والمستحيلة إحصائياً، وهي أن كل محافظة في الصين تنشر على حدة معدلات النمو السنوية فيها، وهي أعلى من معدل المتوسط الوطني لعموم الصين.

رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانج وصف الإحصاءات الاقتصادية في البلاد بأنها “من تأليف البشر”، واقترح استخدام أدوات أقل تلاعباً مثل الطلب على الكهرباء، الإقراض المصرفي وحجم الشحن لتقدير معدل النمو الحقيقي.

لأكثر من 20 عاماً، كان ماثيو كراب يحاول فهم الإحصاءات المحيّرة، وغالباً ما تكون متناقضة في الصين، وفي هذا الكتاب يُقدّم دليلاً مفيداً عن المشاكل وطرق للتفكير في البيانات الصينية.

من خلال الحكايات والأمثلة، يوفر معرفة عملية ستكون لا تُقدّر بثمن بالنسبة لأي مسؤول تنفيذي دولي، عليه اتخاذ قرارات استثمارية أو تشغيلية تتعلق بأعماله في الصين.

واحدة من النقاط الأولى والأكثر أهمية التي يطرحها هي أن كافة المعلومات في النظام اللينيني الصيني سياسية، ويمكن أن تصبح “أسرار دولة” في أي وقت، إذا قرر الحزب الشيوعي الحاكم أنها لا تساعد على تعزيز شرعية وسلطة الحزب.

يفسر كراب كذلك السبب في أن الإحصاءات غالباً ما يتم التلاعب بها من قِبل كوادر الحزب، الذين يعتمد تقدمهم الوظيفي بشكل كبير جداً على تلبية مختلف الأهداف على أعلى المستويات الصادرة عن بكين.

هذا الكتاب تم توقيته بشكل جيد – تماماً في الوقت الذي بدأت فيه المجموعات التي نصبت نفسها مساعدة للصين – والقائمة في كافة أنحاء العالم، بالازدياد أضعافاً مضاعفة.

النقطة المهمة تماماً التي يطرحها بشكل متكرر هي أنه من المستحيل فهم ما يحدث في الصين، بمجرد النظر إلى البيانات التي تنشرها الحكومة.

بعض من أفضل أمثلته يأتي من دراسة عميقة أجراها شخصياً في 2006، والتي استنتجت أن الحجم الحقيقي لسوق التجزئة الصينية في ذلك الوقت، كان نحو نصف الرقم الذي ذكرته بكين.

هذا يفسر السبب في أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات كانت تعاني وجود مثل هذه المشاكل في ذلك الوقت، لتتمكن من تحقيق أهداف المبيعات والإيرادات التي وضعتها لنفسها في البلاد، استناداً إلى بيانات رسمية لمبيعات التجزئة.
مع الكثير من المعلومات غير الوافية والتحليل الضعيف عن تكاثر الصين في كافة أنحاء العالم، يوفر كتاب كراب تحذيراً مرحباً به لأي شخص يحاول الحصول على فكرة جيدة، عما يحدث بالفعل في هذا الاقتصاد الكبير.

نظراً لأنه كان يدير شركة استشارية في مجال الاستهلاك والتجزئة تركز على السوق الصينية منذ التسعينيات، فإن من غير المستغرب أن أفضل تحليلاته واكتشافاته تتعلق بتلك القطاعات الحيوية.

مع ذلك، كان من الممكن عمل الكتاب مع تحرير أكثر صرامة في بعض الأماكن، كما أن فيه الكثير من جداول البيانات التي تضيف القليل جداً. مشكلة أخرى صغيرة هي أن الكثير من الأدلة التي يطرحها كراب لحججه، تأتي صراحة من عام 2013، بما يعني أن الكتاب قد أصبح عتيقاً، حتى قبل نشره.

يبرز خطر هذا الجانب بوضوح بالقرب من النهاية، حين يؤكد أن أسعار العقارات الصينية ستستمر في الارتفاع على الأرجح لفترة طويلة، في حين أن الأسعار في حالة هبوط الآن، في مختلف أنحاء البلاد.

بصورة إجمالية، هذا كتاب عملي ومفيد ينبغي أن يكون قراءة إلزامية لجميع التنفيذيين والمحللين الاستراتيجيين الدوليين، الذين تعتمد أعمالهم على نحو ما، على فهم ما يجري في أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان.