Site icon IMLebanon

نجح جعجع حيث أخفق عون مع الراعي

 

كتب يحي جابر في “الشرق”: نجح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حيث أخفق رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» (الجنرال السابق) النائب ميشال عون، في العلاقة مع سيد الصرح البطريركي بشارة بطرس الراعي… الذي «يقطر قلبه دماً» جراء استمرار الشغور في سدة رئاسة الجمهورية، وقد دخل شهره الثاني على التوالي، وعدم التوافق على «مخرج» يوقف هذا الفراغ عند حد، ويصار الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، «من صنع أيادينا» في أسرع وقت ممكن، في ظل تطورات وتغيرات إقليمية بالغة الخطورة، دخل لبنان فيها بأكثر من طريقة…

في لقائه الأخير (يوم 16 حزيران الجاري) مع الجنرال عون، حرص البطريرك الراعي على تقديم مداخلة خلاصتها «ان وضع المسيحيين في الشرق عموماً، وتحديداً بعد الأحداث الأخيرة في العراق يحتم الاسراع في انجاز الاستحقاق الرئاسي… فالتأخير في انجاز هذه المسألة ليس في مصلحة المسيحيين، كما ليس في مصلحة لبنان…» بعد أخذ ورد، خلصت مراجع متابعة الى القول: «ان الرجلين متفقان في الجوهر، لكن طريقة الاخراج تختلف بينهما…» حيث جرى توضيح العديد من النقاط…

كانت بداية افتراق بين الرجلين، وان لم يجهرا بذلك… البديل البطريركي كان حاضراً وبسرعة لافتة. بعدما تبين «ان الحل في شأن الملف الرئاسي بات مرتبطا بالحوادث الاقليمية والدولية… ولا يكفي لقاء الراعي – عون لحل هذه المعضلة…».

وفي لقائهما الأخير، (الثلاثاء الماضي) أفاض البطريرك الراعي بكل ما عنده، لرئيس «القوات» سمير جعجع، وعلى نحو غير مسبوق من الصراحة والعفوية. فالرجل أراد ان يفرغ كل ما عنده… وهو الذي لم يتردد أمام زائريه في ابداء عدم الرغبة بوصول جعجع وعون الى رئاسة الجمهورية… على خلفية قناعة ترسخت لديه خلاصتها «ان الحل في شأن الملف الرئاسي بات مرتبطاً، بشكل او بآخر، بالتطورات الاقليمية والدولية… ولا بد من طرق الأبواب في هذا…».

اتفق الراعي وجعجع على التوصيف، فرّغ الراعي كل ما عنده، محملاً «الافرقاء المسيحيين الكبار» المسؤولية، حيث بتنا أمام «حرب الغاء على موقع الرئاسة الأولى» المتبقي للمسيحيين في الشرق كله… كما تلاقت الاستنتاجات، ولم يكن أمام رئيس «القوات» سوى مباركة مبادرة سيد بكركي «ولو ان الفراغ من صنع أيادينا… فتغيير التكتيك هنا، يقلص من احتمال نجاح «حرب الالغاء»، ويوفر المزيد من الحظوظ لانجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن….

«هم انتخاب رئيس ينام ويصحو مع غبطته» يقول جعجع، «ولا بد من توسيع دائرة الاتصالات للتوصل الى حل…» وهكذا كان…

 

ساعات قليلة على اللقاء، وفتح الراعي هاتفه الشخصي واتصل برؤساء بعثات الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن المعتمدين في لبنان، (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا روسيا والصين) إضافة الى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي… فكان اللقاء، أول من أمس الاربعاء…

أخذ البطريرك نفساً عميقاً… ولم يتردد في الكلام، بعد الترحيب، الجميع يتطلعون الى سيد بكركي على أنه مرجعية وازنة، إلا أنها مرجعية كافية يستند اليها لاتخاذ القرارات… الطريق أمام سيد الصرح بات مقفلاً، فلا هو قادر على القفز من فوق الأقطاب المسيحيين الاربعة، ولا هو قادر على جمعهم، ولا هو قادر على الاستعاضة عنهم بشخصيات مارونية من «الدرجة الثانية او الثالثة» وما أكثرهم، ولا هو قادر على صياغة حل يخرج البلاد من مأزق الشغور، ولا هو قادر على طرق أبواب الخارج من غير ضمانات كافية من سائر الافرقاء اللبنانيين، من خارج البيئة المسيحية، وتحديداً المارونية… فوقع في مأزق سبب له هذا الأرق حيث بات الهم الرئاسي ينام ويصحو معه…

كانت دعوة الراعي للأقطاب الدوليين لافتة، على رغم أنها لم تحظ لدى الافرقاء السياسيين في الداخل بالاهتمام والمتابعة، كما كان يرجو… فالتدخلات الخارجية في لبنان شيء طبيعي، وهي مستمرة، يوماً يوماً، وساعة بساعة، وخلافاً لكل المواثيق والاعراف الدولية المعتمدة… قدم البطريرك مداخلة فضفاضة، شرح كل ما عنده وما توصل اليه، ليخلص الى طلب مساعدة دولية.. آملاً ان يفعل هؤلاء، كل من موقعه، ما يجب فعله وما يقدر عليه…

كانت «الديبلوماسية» حاضرة وبقوة… سريعاً وسريعاً جداً، ومن دون أية عوائق، أظهر الديبلوماسيون الستة تعاطفاً وجدانيا مع سيد الصرح، وتجاوبوا مع قلقه بقلق مماثل وأكثر… لكن، وكل على طريقته، شاء ان يغسل يديه، ويبرىء ذمته سلفاً، على خلفية ان «هذا الاستحقاق لبناني… وان الواجب يقضي ان تظل هذه العملية لبنانية بحتة…» لكن من دون صدمة، حيث لفت، كل من موقعه، الى «وجوب اتمام هذا الاستحقاق سريعاً، وسريعاً جداً، وفي أقرب وقت… في وقت تنتشر فيه النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة ويواجه لبنان تحديات أمنية ضاغطة مفتوحة على كل الاحتمالات… حيث أكد هنا السفير الاميركي دايفيد هيل على «وجوب ان يتمسك لبنان باعلان بعبدا واعتماد سياسة حقيقية بالنأي بالنفس عن الصراع في سوريا، وهما أمران ضروريان…» مصدر ديبلوماسي شارك في اللقاء قال لـ«الشرق»: «الازمة طويلة في المنطقة، وعلى اللبنانيين ان يتنبهوا ويخففوا من غلوائهم… لأن الفراغ سيطول في لبنان… إلا اذا…»؟!