IMLebanon

التفجيرات تهزّ السياحة وأهل القطاع مرتبكون

Safir
كامل صالح

لم تنجل صورة المشهد السياحي بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة، إذ كان أهل القطاع السياحي يترقبون تراجع النشاط مع بدء شهر رمضان، والسبب أن معظم السيّاح العرب والخليجيين يفضلون قضاء هذا الشهر في بلدانهم.
لكن، على الرغم من التحفظ الواضح في كلام المعنيين في القطاع السياحي عن نسب التراجع بسبب الأحداث الأمنية، وارتباكهم أمام تسارع هذه الأحداث، وما ينتج منها من مداهمات لفنادق جديدة، كان المشهد على أرض الواقع يرسم ندوباً قاسية على وجه السياحة التي يبدو أنها دخلت النفق مجددا، بعدما تنفس القطاع الصعداء في الأسابيع الماضية التي سبقت التفجيرات الإرهابية بدءا من ضهر البيدر وصولا إلى الروشة ومرورا بالضاحية الجنوبية لبيروت.
نزلاء يغادرون.. وإلغاءات
في جولة لـ«السفير» على عدد من الفنادق والمطاعم أمس، كانت الصورة القاتمة تتضح شيئا فشيئا:
1 ـ عشرات النزلاء في الفنادق توجهوا إلى المطار مباشرة قبل أيام من انتهاء حجوزاتهم. تواكب ذلك مع جمود في الحجوزات الخارجية، وتوافر الكثير من الغرف بعدما كانت محجوزة طوال الأسابيع المقبلة، على الرغم من عدم ملاحظة إلغاءات كبيرة لما بعد شهر رمضان، أي بدءا من أواخر تموز المقبل.
2 ـ تراجع الإشغال الفندقي في بيروت والمناطق الساحلية إلى حوالي 40 في المئة، بعدما بلغ حوالي 80 في المئة قبل التفجيرات. لكن في هذه النقطة، يؤكد رئيس «نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة» جان عبود، والأمين العام لـ«اتحادات النقابات السياحية» جان بيروتي، ورئيس «نقابة أصحاب المؤسسات السياحية والمطاعم والملاهي في الجنوب» نائب «رئيس الاتحاد اللبناني للسياحة» علي طباجة لـ«السفير» أن «هذا التراجع الذي سيزداد في الأيام المقبلة، كان منتظرا بسبب دخول شهر رمضان». ومن هنا، بات من الصعوبة اعتبار أن نسبة هذا التراجع تقتصر على الأحداث الأمنية الأخيرة فقط.
3 ـ إلغاءات لأعراس في فنادق، وحفلات في مطاعم، وهي في العادة، كانت تزداد قبل شهر رمضان، منها: إلغاء 5 حفلات في مطعم في الروشة، و3 حفلات في مطعم على طريق المطار، وعرس ضخم في فندق 5 نجوم.
لننتظر حتى الاثنين
أمام هذا الوضع، الذي بدأ يلقي بثقله على القطاع دراماتيكياً، ينتظر أن يرتفع معدل إلغاء الحفلات والحجوزات تدريجياً، كما يتوقع معنيون في القطاع السياحي عبر «السفير».
ويكشف هؤلاء ومنهم مدير فندق 5 نجوم، أن «ما حدث في اليومين الماضيين، سيؤثر حتماً على القطاع، ولن نكذب على حالنا. لكن لننتظر حتى يوم الاثنين المقبل كي تتضح الصورة»، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن «نزلاء غادروا فندقه، ليس بسبب الوضع الأمني بل بسبب ما بثّه نزلاء آخرون من مخاوف»، مضيفا «لم يكن في الإمكان إقناع أحد منهم بالبقاء».
وإذ لا يخفي قلقه من دخول القطاع السياحي مجدداً في النفق الذي دخله منذ 4 سنوات، يقول: «كانت كل المؤشرات قبل شهر من الآن، تبشّر بموسم سياحي واعد، يحدّ من تراكم ديوننا، لا سيما أن نسبة التشغيل لدينا ارتفعت إلى حوالي 70 في المئة. لكن الآن، لم نعد نعرف ماذا ستحمل لنا هذه اللحظة من مفاجآت غير سارة».
صرخات استغاثة
في هذا الإطار، يؤكد طباجة لـ«السفير» أن «القطاع السياحي، لا سيما الفندقي منه، بدأ يطلق صرخات الاستغاثة»، كاشفا أن «معدل الحجوزات التي ألغيت حتى يوم أمس، بلغ حوالي 40 في المئة من أصل 80 في المئة حتى آخر حزيران».
ويلفت الانتباه إلى أنه «تبلغ أمس، من أصحاب مطاعم وفنادق في بيروت والمناطق المحيطة، عن إلغاءات متتالية لحجوزات وحفلات وأعراس في الفنادق وولائم في المطاعم».
أما خارج العاصمة، فيوضح طباجة أن «القطاع السياحي في الجنوب والبقاع والشمال، لن يتأثر كثيراً كما العاصمة، إذ إنّ القطاع هناك، ما زال يعتمد على حركة المغتربين اللبنانيين وأهالي المناطق المحليين». ويستدرك قائلا: «لكن الأجواء السلبية تعمّ، ولا يمكن حصرها في مكان محدد. ومن هنا لا نعلم ماذا تخبئ لنا الأيام المقبلة».
يحذر طباجة من أنه «إذا تفاقم الوضع الأمني، فسيقع اقتصاد البلد كله في الكارثة، ولن يقتصر الأمر على القطاع السياحي وحده».
تعاون مع الجهات الأمنية
أما بيروتي فيشير إلى أنه «في الأساس، لا يأتي كثير من السياح العرب والخليجيين إلى لبنان في شهر رمضان. أما الشرائح التي كانت تأتي في هذا الشهر فهي من الطبقات الميسورة، والتي بدأت تفضل منذ سنوات، التوجه إلى مكان آخر غير لبنان»، موضحا أنه في رمضان «يتراجع الإشغال عادةً، حوالي 40 إلى 50 في المئة».
وبعد أن يثني على العمليات الاستباقية للقوى الأمنية، يؤكد أن هناك «تعاونا وتنسيقا كليًّا بين الفنادق والجهات الأمنية، إذ ترسل جميع بيانات النزلاء في اليوم نفسه إلى الأمن العام».
في المقابل، يلحظ أن «انعكاسات الوضع الأمني ما زالت محدودة على القطاع السياحي، من دون نسيان أن لبنان يعيش وسط محيط إقليمي مشتعل والمشكلة ليست فيه، فضلا عن أن نوعية السياح الذين يقصدونه يعلمون تماماً أجواء البلد، إذ في اليوم التالي تعود الحياة إلى طبيعتها، وكأن شيئا لم يكن»، مذكرا في هذا الإطار بما شهدته العديد من دول العالم وتحديدا في أوروبا وأميركا، من تفجيرات، ولم يتأثر قطاعها السياحي والاقتصادي.
يؤكد بيروتي أن «القطاع السياحي لم يسجل إلغاء حجوزات لما بعد شهر رمضان، وإن وجد فما زالت النسبة ضئيلة جدا حتى الآن».
ويفيد بأن «الحجوزات قبل بدء التفجيرات الإرهابية، تراوحت بين 60 و70 في المئة في بيروت والمناطق الساحلية، و100 في المئة في بعض الفنادق، والسبب كثرة المؤتمرات الدولية والإقليمية والمعارض والندوات التي شهدها البلد أخيراً، أما اليوم فالنسبة تتراوح بين 40 و45 في المئة بسبب انتهاء هذه المؤتمرات، ودخول شهر رمضان».
%30 زيادة في الطائرات
في الأرقام، يؤكد عبود أنه متفائل، كاشفاً أن «معدل الطائرات التي تصل إلى لبنان حالياً حوالي 65 طائرة يومياً، معدل المقاعد في كل طائرة 150 مقعدا، يعني حوالي 9750 راكباً يأتون إلى لبنان يومياً، وهي في معظمها محجوزة حتى الآن».
ووفق ما يشاهده أمامه على شاشة الكومبيوتر أن هذه المقاعد محجوزة بالكامل أيضاً، بدءاً من الأسبوع الثاني من تموز حتى منتصف أيلول. وهذا ما دفع بالعديد من شركات الطيران إلى اعتماد رحلات إضافية إلى لبنان بحوالي 30 في المئة، أي يصبح المعدل العام للرحلات المقبلة حوالي 85 طائرة، يعني أن عدد الركاب سيرتفع إلى حوالي 13 ألف راكب يومياً بدءا من منتصف تموز، ويرتفع تدريجيا إلى 14 ألف راكب بدءا من منتصف شهر آب.
يذكّر عبود بأن هذه النسبة المرتفعة شاهدناها في العام 2009، إذ كنا نستقبل آنذاك حوالي 14 ألف راكب يومياً.
يجدد عبود تفاؤله ليس بناءً على الأرقام التي بين يديه فقط، بل «لأن هناك اتفاقا دولياً على الأمن في لبنــــان، وما دام هذا الاتفاق قائما فسنبقى متفائلين». لكن، يستدرك ليقول: «أما إذا استمرت الخروق الأمنية، فمن الممكن أن تتأثر هذه الحجوزات».

وظفو الفنادق والمطاعم يستنكرون التفجير
استنكر “اتحاد نقابات موظفي وعمال الفنادق والمطاعم والتغذية واللهو” في بيانٍ أمس، “العملية الإرهابية التي وقعت في فندق دي روي”، مشيرا إلى أن “ما جرى هو حلقة من سلسلة مشروع الإرهاب الذي يستهدف لبنان والمنطقة لزرع الفتنة، وهو يطال الأمن الوطني اللبناني”.
وإذ أمل الاتحاد “عودة المغتربين اللبنانيين المنتشرين في كل دول العالم”، لفت الانتباه إلى أن “هذه الأعمال الإرهابية داخل الفنادق في لبنان، لن تؤثر إلا على زيادة العزيمة والإصرار لدى الشعب اللبناني، على تأمين الاستقرار والأمن اللازمين، خصوصاً أننا في موسم الاصطياف وعلى أبواب شهر رمضان وعيد الفطر”.