IMLebanon

YO والفقاعة التكنولوجية

YO
في أواخر القرن الماضي ومنذ حوالي عشرين عاما، كان يطلب من الأطفال في المدارس أن يتخيلوا المستقبل في الألفية الجديدة. وكانت رسومات التلاميذ تأتي في أغلبها مليئة بالسيارات الطائرة والروبوتات المفيدة والأشخاص الأصحاء المبتسمين الذين يقطنون بيوتا بين السحاب. ولم يأتي أحد الأطفال (على حد علمي) بفكرة تكريس قوة حوسبة تفوق كل ما كنا نعرفه آنذاك لإرسال حرفين : YO.

لكن في واقع الأمر هذا ما وصلنا إليه اليوم. سوقت أشياء مثل الإنترنت والحوسبة السحابية على أنها ستتسبب في قفزات مهولة في العلوم بمعناها السامي، كعلاج الأمراض المستعصية واستعمار الفضاء وإدارة الموارد الطبيعية بحكمة أكبر. لكن تطبيق مثل “يو” أطلق كدعابة يجني مليون دولار من الاستثمارات قبل حتى أن تؤسس له شركة، ضاربا بتلك الأحلام عرض الحائط.

ورغم تحذير البنك الدولي من فقاعة ثانية في قطاع التكنولوجيا بعد صفقة بيع “واتساب” بـ 19 مليار دولار، تستمر تلك الظاهرة. يكفي تخيل ما كان يمكن أن تفعله 19 مليار دولار لإنهاء الجوع في العالم. ولا يقتصر الأمر على رؤوس الأموال الضخمة التي تجمد كاستثمارات في تلك التطبيقات بدلا من أن توجه للمجالات الإنتاجية. فبدلا من أن تستثمر خيرة العقول البشرية وتلك المليارات لإيجاد علاج للسرطان أو الإيدز، نراها منهمكة في تطوير تطبيقات مراسلة أو ألعاب فيديو.

عودة إلى “يو”، تجدر الإشارة أن تلك التحية المنتشرة بين الشباب مختلف على بدايتها. فهناك شق من مؤرخي اللغة يرجعونها إلى البحارة في القرن السابع عشر والذين من المفترض أنهم استخدموها للإعلان عن وجودهم حين يتم حصرهم للتأكد أن أحدهم لم يسقط من على السفينة. والبعض الآخر يراها مستحدثة ويرجع ظهورها إلى تعايش الإيطاليين والأفارقة في الولايات المتحدة.

وعلى أي حال، تعتمد فكرة التطبيق على أن حتى كلمة بسيطة يمكن أن تحمل معان كثيرة حسب الموقف الذي تستخدم فيه. على وجه المثال، أن ترى اتصال لم تقم بالرد عليه ورد من صديقك بعد الظهيرة لن يكون وقعه عليك كأن ترى اتصال من مديرك في الثانية صباحا.
وفي جميع الأحوال استحوذ التطبيق الذي بدأ ككذبة أبريل على مئات الألوف من المستخدمين وآلاف السطور في الصحافة العالمية (إضافة إلى ذلك المقال) بينما ينتظر الذين يعانون في عالمنا أن تنتبه ألمع العقول إلى مشاكلهم!