ديفيد بولوك
أظهر استطلاعٌ جديد وموثوق للرأي أجري في الضفة الغربية/قطاع غزة بين 15 و17 حزيران أن المواقف الشعبية الفلسطينية إزاء مسائل السلام البعيدة المدى مع إسرائيل اشتدت تصلّباً بشكل كبير. وهذا الاستطلاع هو الأول من نوعه منذ بداية أزمة الاختطاف الراهنة، وقامت بإجرائه شركة فلسطينية رائدة في مجال استطلاعات الرأي بتكليف من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وقد تضمّن إجراء مقابلات شخصية وجهاً لوجه مع عينة عشوائية قياسية ذات احتمالية جغرافية مختارة مكونة من 1200 فلسطيني في سن الرشد، مع الإشارة إلى أن هامش الخطأ الإحصائي لم يتعدَّ الثلاثة في المائة في النتائج التي توصل إليها الاستطلاع. وقد أشارت الإجابات إلى أن نسبةً تقل عن 30% من الفلسطينيين باتت تدعم اليوم “حلّ الدولتين”: أي دولة فلسطينية في الضفة الغربية/قطاع غزة تعيش في سلامٍ دائم مع إسرائيل. وفي الوقت نفسه، ظهرت إشارات مفاجئة عن وجود نزعة واقعية قصيرة المدى – خاصة، وبصورة أكثر مفاجأة، في غزة.
ظهرت بوادرإضافية وغير متوقعة من البراغماتية القصيرة المدى في ما يتعلق بالمعيشة وكسب الرزق. فقد قال ما يزيد عن 80% من المشاركين في الاستطلاع إنهم يريدون “حتماً” أو “ربما” يريدون من إسرائيل أن تسمح للمزيد من الفلسطينيين بالعمل هناك. وقال نصفهم تقريباً إنهم سيقبلون شخصياً “بوظيفة لائقة ذات راتبٍ عالي” داخل إسرائيل.
علاوة على ذلك، على الرغم من وجود تأييد أغلبية محدود لمقاطعة إسرائيل، أعربت أغلبية أكبر عن رغبتها في أن توفر الشركات الإسرائيلية المزيد من الوظائف داخل الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال النصف تقريباً أنهم سيعملون في مثل هذه الوظائف إذا توفرت. والجدير بالذكر أن هذا النوع من البراغماتية برز بوضوح خاص بين جيل الشباب من الفلسطينيين البالغين، أي الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة. وهو الأمر بالنسبة لسكان الضفة الغربية من الفئة العمرية نفسها، حيث قال أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين إنهم يرغبون في قيام طريق سريع جديد يمتد من الشمال إلى الجنوب متخطياً حواجز التفتيش الإسرائيلية حول القدس. أما بالنسبة للمشاركين الأكبر سنّاً في الضفة الغربية، فكانت هذه النسبة أقل نوعاً ما إذ بلغت نحو الثلثين.
بينما تواصل إسرائيل بحثها عن المخطوفين، أعرب المشاركون الفلسطينيون عن قلقهم الواسع من السلوك الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية – ولكن أيضاً من السلوك الفلسطيني في سياقٍ آخر. ففي الضفة الغربية يجد ثلاثة أرباع المستطلَعين “مشكلةً كبيرة” في “التهديدات وأعمال التخويف التي يمارسها الجنود الإسرائيليون وحرس الحدود” وكذلك في “التأخيرات والقيود المفروضة عند حواجز التفتيش”. لكن نسبةً أقل من سكان الضفة الغربية – مع أنها لا تزال أغلبية (63%) – تجد في “التهديدات وأعمال التخويف من قبل المستوطنين اليهود” مشكلة لا يستهان بها. غير أن هذه النسب كانت أدنى بعض الشيء في غزة، حيث أن الوجود الإسرائيلي على الأرض هو أقل تدخلاً بشكل كبير.
وتأتي النظرة السلبية الشائعة حول بعض السلوك الفلسطيني لتضع هذه الأرقام في سياقها. ذلك أن نسبة 72% من أبناء الضفة الغربية يعتبرون “فساد المسؤولين في الحكومة الفلسطينية” مشكلة رئيسية؛ وكانت هذه النسبة بين سكان غزة 66٪. وبالمثل، فإن 77٪ من سكان الضفة الغربية و 71٪ من قطاع غزة يعتبرون أن الجريمة المحلية تشكل مشكلة كبيرة.