طوني رزق
كان لا بد ان تتأثر بورصات الشرق الاوسط بالاوضاع العسكرية المضطربة في مختلف دول المنطقة وبما استجد في العراق. وذلك فضلا عن بعض المشاكل الاقتصادية المحلية لكل دولة. ولم تكن بورصة بيروت الاسوأ اداء.
لم تكن البورصة اللبنانية الوحيدة التي رزحت تحت ضغوط الاجواء العامة المحلية وابرزها الفراغ الرئاسي والتفجيرات التي ما زالت تتوالى في مختلف المناطق اللبنانية. لا بل كانت بورصة الدول المجاورة والخليجية تتعرض لضغوط اكبر لم يغب عنها تدهور الاوضاع في العراق، والاسباب الاقتصادية والسياسية في مختلف دول منطقة الشرق الاوسط.
وفي حين تراجعت البورصة اللبنانية بنسبة 0,69 في المئة الى 1216,51 نقطة، انخفضت بورصة دبي وهي الاسوأ اداء بين البورصات العربية والخليجية بنسبة 8,07 في المئة، تبعتها بورصة قطر مباشرة مع انخفاضها بنسبة 5,12 في المئة ثم بورصة مصر التي تراجعت بنسبة 2,96 في المئة.
وكانت الاسواق المالية اللبنانية تأثرت سلبا هذا الاسبوع بالتفجيرين الجديدين. وكان اداء بورصة بيروت مقاوما في الاسبوعين السابقين للاضطراب الحاصل على المستوى الامني والسياسي في لبنان. وتراجع نشاط البورصة هذا الاسبوع بنسبة 63,63 في المئة الى 122563 سهما ونسبته 21,62 في المئة الى 1,67 مليون دولار كمعدل وسطي يومي. وبالتالي، تراجعت القيمة السوقية لبورصة بيروت هذا الاسبوع من 9,82 مليار دولار الى 9,75 مليار دولار.
وقادت اسهم سوليدير الاتجاه الانخفاضي مع تراجع اسهمها من الفئة (أ) بنسبة 1,91 في المئة الى 13,33 دولارا، وانخفاض اسهمها من الفئة (ب) بنسبة 2,71 في المئة الى 13,29 دولارا. غير ان اسعار اسهم سوليدير في سوق لندن ارتفعت هذا الاسبوع بنسبة 1,33 في المئة الى 13,75 دولارا.
ولحقت اسهم بنك عودة المدرجة الاتجاه الانخفاضي لتتراجع بنسبة 0,78 في المئة الى 6,40 دولار، وهذا ما حصل مع اسهم بنك بيبلوس التي انخفضت بنسبة 0,63 في المئة الى 1,58 دولار. وانخفضت اسهم بنك عودة في سوق لندن بنسبة 1,43 في المئة الى 6,90 دولار. كذلك تراجعت اسهم تفضيلية لبنك بيروت في البورصة المحلية.
وانتقلت عدوى التراجع الى سوق السندات الحكومية اللبنانية مع التزام المستثمرين جانب الحذر والترقب ازاء الاضطرابات السياسية والامنية التي تهز المنطقة عموما ولبنان تحديدا، فتراجع الطلب على سندات الآجال المتوسطة والطويلة.
واضطرت اسواق المال الى رفع العائدات على سندات الخمس والعشر سنوات الى 5,07 في المئة و 6,21 في المئة لجذب المستثمرين والطلب عليها.
وارتفع الفارق في العائدات بين السندات اللبنانية والاميركية لمدة خمس وعشر سنوات الى 343 و368 نقطة اساس على التوالي. وجاء ذلك مع اقبال عام على السندات الاميركية في حركة روتينية طلبا للامان وهربا من ركوب المخاطر. وخصوصا بعدما اظهرت التقارير الاقتصادية تقلص الاقتصاد الاميركي بنسبة 2,9 في المئة خلال الفصل الاول من العام الجاري، فكان الاداء الفعلي الادنى والاضعف في خمس سنوات.
وجاء التقلص اسوأ مما كانت تتوقعه الاسواق مما ادى الى تراجع العائدات على السندات الاميركية الى 1,64 في المئة و2,53 في المئة لمدة خمس وعشر سنوات على التوالي.
وكان من الطبيعي ان ترتفع نسبة المخاطر، وعلاوة التأمين ضد هذه المخاطر على الاوراق المالية اللبنانية لمدة خمس سنوات من 362-318 نقطة اساس الى 364-335 نقطة اساس، وذلك مقارنة مع 55-45 نقطة للسعودية و143-133 نقطة لدبي و131-137 نقطة للبرازيل و177-173 نقطة لتركيا.
التحاويل بالعملات الاجنبية
سجلت السوق اللبنانية مطلع الاسبوع الماضي ارتفاعا في حجم وقيمة التحاويل الخارجية الى لبنان بالعملات الاجنبية بشكل لافت. وما لبث هذا الاقبال على التحويل ان تراجعت وتيرته في النصف الثاني من الاسبوع غداة التفجيرات الجديدة.
وانعكس حجم التحاويل جزئيا في ارتفاع حجم الودائع المصرفية بالعملات الاجنبية بنحو 197 مليون دولار اميركي. في المقابل، دفعت الاوضاع العامة البعض للتحوّل من الليرة الى الدولار فتراجع حجم الودائع بالليرة اللبنانية بنحو 28 مليار ليرة. وفي السياق نفسه، ارتفعت نسبة الدولرة في السوق اللبنانية من 59,16 في المئة 59,25 في المئة.
سوق القطع
في اتجاه مناقض لتداعيات التفجيرات الجديدة سجل في سوق القطع تحسن في اسعار صرف الليرة اللبنانية ازاء الدولار الاميركي في السوق المصرفية. فقد تراجع نطاق تداول الدولار في بيروت من 1514,50-1510,50 اي من السعر الوسطي 1512,50 الى نطاق 1513-1509 اي الى السعر الوسطي 1511 ليرة.
وقد يعود ذلك الى التحويلات الكبيرة بالعملات الاجنبية الى السوق اللبنانية، والتي لعبت دورا اساسيا في الضغط على اسعار الدولار في السوق المحلية. ومع تثبيت سعر صرف الليرة وربطه بسعر صرف الدولار الاميركي، كان لا بد لليرة اللبنانية ان تتراجع امام العملات العالمية الرئيسية الاخرى تبعا لتراجع العملة الاميركية.
وزاد سعر اليورو 0,06 في المئة الى 1,3619 دولار، وبالتالي بالنسبة نفسها الى 2053,06 ليرة لبنانية. كذلك ارتفع الين الياباني 0,54 في المئة الى 14,86 ليرة والفرنك السويسري 0,09 في المئة الى 1687,75 ليرة.
الاستثمارات الخارجية المباشرة
بحسب تقارير الامم المتحدة جاء لبنان في آخر لائحة الدول التي تجتذب الاستثمارات الخارجية المباشرة مع تراجع هذه الاستثمارات بنسبة 23 في المئة خلال العام 2013. وجاء لبنان بعد تركيا والامارات والمملكة العربية السعودية والعراق.
وهي دول تتراوح حصتها السنوية بين 1,08 مليار دولار و4,9 مليار دولار اميركي. اما لبنان فتمكن في العام 2009 من اجتذاب 4,84 مليار دولار ثم 4,280 مليار في 2010 ،و 3,485 مليار في 2011 ، و 3,674 مليار في 2012 ، و 2,833 مليار دولار في العام 2013.
ويخسر لبنان قدرته على اجتذاب الاستثمارات الخارجية بسبب الاوضاع السياسية والامنية المضطربة، كما تأثر المستثمرون المحليون ايضا بالاوضاع المذكورة فتراجعت استثماراتهم من 393 مليون دولار الى 153 مليون دولار في العام 2013.