كشف رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس أنّ «الحركة التجارية أخذت إجازة قسرية حتى عيد الفطر، وهذه الإجازة قد تطول في حال استمرت الأحداث الأمنية خلال شهر رمضان وهذا ما نخشاه». وإذ أكد أننا «غير مستعدين لخسارة الموسم السياحي الثالث على التوالي»، لفت الى أنه «في حال توقفت الأعمال الأمنية واستفاد التجار من الأعياد المقبلة، يمكن أن يقفل العام بنموّ يصل الى 2 في المئة، وفي حال العكس نخشى أن يقفل العام 2014 ما دون نتائج العام 2013».
أشار رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الى أنّ «الفصل الاول من العام الحالي كان سيئاً وأتى امتداداً لنهاية العام 2013، حيث شهد لبنان تدهوراً امنياً خطراً تمثل باغتيال الوزير السابق محمد شطح».
وشرح انه «نتيجةً لذلك بدأ العام بنوعٍ من الوهن والضعف التجاري الموصوف، حتى إنّ موسم الحسومات لم يشفع للقطاع التجاري بحيث وصلت الحسومات في بعض المحلات الى حدّ التصفيات.
وعلى رغم كلّ هذه الاجراءات ظلّ الوضع الى تدهور فسجّل الاقتصاد تضخماً سلبياً، ومردّ ذلك الى حجم تأثير القطاعات التجارية في السلة الاستهلاكية. إذ عندما تتراجع أسعار المبيع بهذا الشكل الملفت، من البديهي أن تتراجع أسعار السلة الاستهلاكية بسبب ضعف الطلب الداخلي».
أضاف شماس في حديثه لـ»الجمهورية»: «النزوح السوري لم يساعد في إنقاذ المواسم التجارية لأنّ حركة النازحين تقتصر او تركّز على الضرورات الاساسية اليومية، كما أنّ المساعدات للنازحين غالباً ما تأتي من الخارج أيْ أنّ الشراء لا يتمّ من الاسواق اللبنانية فلا يستفيد منها لا التاجر ولا الصناعي اللبناني».
وعن تقييمه للوضع التجاري في النصف الاول من العام الحالي، قال: «يمكن وصف الوضع التجاري حتى أواخر الفصل الاول من العام الحالي بالمتدهور، ووضع النموّ الاقتصادي في خانة الصفر، لكنّ هذا المشهد تبدّل في منتصف شباط مع تشكيل حكومة المصلحة الوطنية، حيث شعرنا بأننا دخلنا في مشهد تجاري واقتصادي آخر، خصوصاً وأنّ هذه الحكومة أتت بعد 11 شهراً من حكومة تصريف الاعمال وأتت بتشكيلة جامعة وصودق على بيانها الوزاري.
يُضاف الى هذه الإشارات الإيجابية، إقرار الخطط الامنية ولا سيما في طرابلس، وإنجاز الحكومة للتعيينات المنتظَرة عبر ملء الشغور في 45 مركزاً من الفئة الاولى. وقد توّج هذا المناخ الايجابي العام بعودة السفير السعودي الذي بشّر بمواسم أفضل».
ورأى أنه «انطلاقاً من ذلك، يمكن القول إنّ شهرَي أيار ونيسان لامسا مستويات النموّ المسجلة العامَ الماضي وهذا يُعتبر أداءً جيداً في خضم الانحدار الدائم الذي نشهده منذ عامين». لكنّه يضيف أنّ «الأمور ما لبثت أن أصبحت سلبية بعدما وصلت الى ذروة الرصيد الايجابي في 25 أيار وذلك مع شغور قصر بعبدا.
فالضياع السياسي والمؤسساتي أثرا سلباً في الوضع الاقتصادي، الى جانب التعنّت والاصرار على اقرار سلسلة الرتب والرواتب، ما زاد من حال عدم اليقين وعدم الارتياح في القطاعات الانتاجية بسبب الزيادات الضريبية المرتقَبة والتي ستمثل 20 في المئة من الإيراد الضريبي الحالي أي بحدود 10 آلاف مليار، ما يعني انّه كان في انتظارنا صدمة ضريبية هائلة كقطاعات إنتاجية وهذا عامل اضافي من عدم الارتياح».
تابع شماس: «أمّا الضربة الكبرى اليوم فتتمثل بعودة المسلسل الأمني واتضاح أنّ هناك مخططاً للبلد. هذه الموجة أخطر من سابقاتها بسبب توقيتها، أولاً، لأنها أتت على أبواب الصيف، ثانياً، لكثافة الهزات الأمنية خلال فترة زمنية قصيرة، وثالثاً، بسبب الأهداف التي تقصدها من عسكرية الى فنادق… والفندق هو الملاذ السياحي الاساسي، وبالتالي تحوّل غرفه الى قواعد عمليات لبعض الارهابيين وهو ما ساهم في انهيار الوضع التجاري».
ولفت الى أنّ «جرعات التفاؤل التي شعر بها التجار في الحقبة الماضية تُرجمت بإعادة التخزين استعداداً للصيف والاستثمارات في الصيانة أكان في صالات العرض أو وسائل النقل… ومن خلال إطلاق الحملات الإعلانية والترويجية، لنتمكن من الافادة كلياً من موسم الصيف ولا سيما بعد خسارة موسمين على التوالي، ونحن غير مستعدين لخسارة الموسم الثالث كذلك».
أمّا عن مدى تأثير هذه الهزات الامنية في التجارة، قال: «لا شكّ انها تزيد من الانكماش في الطلب، خصوصاً أننا ندرك مدى أهمية الطلب الخليجي على الدورة التجارية المحلية، ولا سيما في مواسم الذروة أي الصيف والفطر والأضحى وهي تمثل نحو 25 في المئة في بعض القطاعات. كما أنّ هذه الاحداث تحدّ من حركة التجارة الداخلية وتدفع اللبنانيين الى تأجيل الاستهلاك حيث ما أمكن.
ونتيجةً لكلّ ذلك يمكن القول إنّ الحركة التجارية أخذت إجازة قسرية حتى عيد الفطر وهذه الإجازة قد تطول في حال استمرت الاحداث الامنية خلال شهر رمضان وهذا ما نخشاه». أما في حال استتب الأمن؟ «عندها يمكن للأسواق أن تنتعش نسبياً بسرعة، إنما بشرط أن تتوقف الهزات الأمنية ومنذ الآن».
من جهة أخرى، رحّب شماس بما سبق للرئيس نبيه بري أن طرحه حول الـ «استثمار في الامن»، معتبراً أنّ «المردود الإقتصادي الأكبر يأتي نتيجة الاستثمار في الامن، على أن يترافق هذا الاستثمار باستثمار سياسي أي التوافق وانتخاب رئيس للجمهورية».
وإذ دعا شماس الاسرة التجارية في لبنان الى «عدم اليأس والاستسلام»، فإنه كشف في المقابل عن «نيته جمع رؤساء اللجان والأسواق لتدارك سبل المواجهة التجارية لتحصين القطاع، خصوصاً من الناحية المالية، لأنّ السواد الاعظم من التجار يعاني أزمةً مالية».
وختم شماس بأنه «في حال توقفت الأعمال الأمنية واستفاد التجار من أعياد الفطر والأضحى والميلاد وراس السنة يمكن أن يقفل العام بنتائج إيجابية وبنموّ يصل الى 2 في المئة. اما اذا لم نستفد من الموسم السياحي ولا من الأعياد، فنخشى أن يقفل العام 2014 ما دون نتائج العام 2013. ونحن اليوم على مفترق طرق إما أن نذهب صوب الأسوأ وإما صوب الأفضل».