Site icon IMLebanon

بنك التسويات الدولية يحذر من عاصفة مالية جديدة والطفرات قد تتحول الى انهيارات

FinancialTimes
عندما حذر كبير المديرين الاقتصاديين في بنك التسويات الدولية في عام 2003 من أن اختلالات خطيرة كانت تتجمع في النظام المالي، اختار صناع السياسات في ندوة جاكسون هول التي يعقدها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن يتجاهلوا كلماته.
نصيحة بيل وايت ونائبه الذي خلفه الآن، كلاوديو بوريو، برفع أسعار الفائدة لمواجهة خطر أزمة اقتصادية نسجتها السوق، ذهبت أدراج الرياح مع تركيز صناع السياسة على دعم النمو.
ويلمح بنك التسويات الدولية في تقريره لعام 2014، الصادر أمس الأول، إلى أخطار مماثلة لتلك التي ظهرت بعد خمس سنوات من الندوة، عندما انهار بنك ليمان براذرز ودفع بالنظام المالي العالمي إلى شفا الانهيار.
ومرة أخرى يحث بنك التسويات الدولية مسؤولي البنوك المركزية على الاتجاه نحو الخروج من السياسات النقدية المتساهلة للغاية. وقال تقرير البنك “خطر التطبيع بعد فوات الأوان وبصورة تدريجية مبالغ فيها لا ينبغي الاستهانة به”.
وحذر من أن رضوخ البنوك المركزية إلى الضغط السياسي والمالي لتأخير الخروج، يمكن أن يجعلها محاصرة من قبل مخاوف من رد فعل حاد للسوق. وأضاف “يمكن للحلقة المفرغة أن تتطور. وفي النهاية، قد تكون الأسواق هي التي تستجيب أولاً، إذا بدأ المشاركون برؤية البنوك المركزية وكأنها تجري وراء المنحنى”.
وسواء كانت البنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا، ستعمل بالنصيحة الأخيرة أم لا، فإن هذا أمر بعيد تماماً عن الوضوح.
ويعرف بنك التسويات الدولية ـ مقره في سويسرا ـ بأنه البنك المركزي للبنوك المركزية، إذ توجد لدى معظم السلطات النقدية الرئيسية في العالم حسابات فيه. لكن وجهات نظره بشأن الاقتصاد العالمي غالباً ما تكون على خلاف مع عديد من البنوك المركزية الـ 60 التي تمثله. فقد حذر أعضاءه مراراً وتكراراً من أن استجاباتهم للأزمة المالية، المتمثلة في تخفيض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية والشروع في شراء السندات، تشكل مخاطر تعمل على زرع بذور الأزمة المقبلة، إذا لم تكن مصحوبة بإصلاحات اقتصادية هيكلية من قبل الحكومات.
ووجهة نظر بنك التسويات التي تتناقض كثيراً مع تلك التي لدى البنوك المركزية الأعضاء فيه، تعود في جانب كبير منها إلى اختلافات في الطريقة التي ينظر بها الجانبان إلى الاقتصاد العالمي.

فمن ناحية، تميل وجهة نظر بنك التسويات الدولية التي يتبناها بوريو وفريقه إلى وضع مزيد من الوزن على الميزانيات العمومية، وهي تنظر إلى الاتجاهات العامة من خلال منظور التطورات في شروط الائتمان.

ويجادل البنك بأن صناع السياسة فشلوا بشكل جماعي في التعامل مع دورات مالية تستغرق فترات من 15 إلى 20 سنة، بدلاً من الثماني سنوات المعتادة لعمر دورة الأعمال.
ونتيجة لمبالغتها في رد الفعل على التطورات القصيرة المدى في الناتج والتضخم، تؤجج البنوك المركزية مشكلات أكبر على الطريق، وهذا يعني أن السياسة أصبحت “غير متكافئة”، لأنها تعطي الأولوية لعمليات الإنقاذ من الركود على الجهود المبذولة لكبح حالات الطفرة.
وأحدث الأخطار التي رصدها بنك التسويات الدولية لا تقتصر بأي حال من الأحوال على الاقتصادات المتقدمة التي أدت إلى اندفاع الحوافز النقدية والمالية العامة. فقد قامت الشركات في عدد من الأسواق الناشئة، بما في ذلك في آسيا وأمريكا اللاتينية، بالاقتراض بكثافة من خلال فروع الشركات الأجنبية في أسواق رأس المال، مع الديون المقومة أساساً بالعملات الأجنبية، وفقاً لبنك التسويات.
وهذا يمثل “الضعف الخفي” في الوقت الذي تواجه فيه الشركات مخاطر أن يتبخر تمويلها عند ظهور مؤشرات أخرى على المتاعب.

وعديد من الأسواق الناشئة يشهد طفرات مالية “ضخمة” يمكن أن تتحول إلى حالات من الانهيار. ومن بين البلدان التي تعاني خطر حدوث أزمة مصرفية محلية، تفرد مؤشرات الإنذار المبكر من بنك التسويات الدولية الصين، استناداً إلى الفجوة بين القروض والناتج المحلي الإجمالي، ونسبة خدمة ديونها.
وقال التقرير “بالنسبة للبلدان في المراحل المتأخرة من فترات الازدهار المالي، فإن المقايضة الآن هي بين خطر جلب الاتجاه الهابط من الدورة إلى المقدمة وخطر معاناة انهيار أكبر في وقت لاحق”.
وتصدى محافظو البنوك المركزية لتحذيرات بنك التسويات الدولية حول المخاطر المالية قبل أكثر من عقد من الزمان، بما في ذلك ألان جرينسبان، رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك.
وقال خليفته، بن برنانكي، “إن تجربة اليابان التي ابتليت بتضخم منخفض جداً وركود في النمو، أظهرت أن ارتفاع تكاليف الاقتراض لا يمكنها بأي حال من الأحوال وخز فقاعات في أسعار الأصول”.
وأثبت الوقت أن مخاوف بنك التسويات الدولية في عام 2003 كانت صحيحة. وإذا تبين أنها كذلك هذه المرة، فقد يكون المناخ الحالي هو الهدوء الذي يسبق عاصفة مالية جديدة.
وتشير مؤشرات الإنذار المبكر لبنك التسويات الدولية إلى تهديد تشكله أزمة مصرفية في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. والرسالة إلى بكين هي: تصرفي الآن أو واجهي حادثا أكبر في وقت لاحق.
ويرى بنك التسويات الدولية أن المستثمرين أصبحوا بمعزل عن الواقع الاقتصادي. في حين إن الاقتصاد العالمي لم يتعافَ تماماً من الأزمة المالية، إلا أن أسواق رأس المال تعتبر مزدهرة للغاية.
ويريد بنك التسويات من البنوك المركزية الخروج من السياسات النقدية المتساهلة للغاية في أقرب وقت ممكن. وبخلاف ذلك، ستتم محاصرة البنوك المركزية بمخاوف حدوث انهيار آخر.
ويلاحظ البنك أن الشركات في الأسواق الناشئة، بما فيها شركات في بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية، اقترضت مبالغ ضخمة بالعملات الأجنبية، مثل الدولار. وإذا ارتفعت أسعار الفائدة الأمريكية، فإن هذا ينطوي على نذير بالمتاعب.