Site icon IMLebanon

خسائر النفايات البلاستيكية بمليارات الدولارات

PlasticWastes
حبيب معلوف
يقول أكيم شتاينر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: «تلعب اللدائن (البلاستيك) بلا شك دوراً هاماً في الحياة المعاصرة، إلا أنه يجب عدم تجاهل الآثار البيئية الناجمة عن استخدامنا لهذه اللدائن». وأضاف «تبين هذه التقارير أن خفض إعادة التدوير وإعادة تصميم المنتجات التي تستخدم المواد اللدائنية يمكن أن تعود علينا بفوائد عدة تتعلق بالاقتصاد الأخضر: وذلك بدءاً بالحد من الأضرار الاقتصادية على النظم الإيكولوجية البحرية وصناعتي السياحة وصيد الأسماك (التي تعد ضرورية للعديد من البلدان النامية)، وصولاً لجلب المدخرات وتوفير فرص ابتكار للشركات مع خفض تعرض سمعة الشركات للخطر».
هناك كميات كبيرة وغير قابلة للقياس من النفايات البلاستيكية تُرمى في المحيط من المصارف، وأماكن دفن النفايات التي تدار بصورة سيئة، والأنشطة السياحية والمصايد السمكية. وينتهي الأمر لبعض هذه المواد في قاع المحيط، في حين أن بعض السفن التي يمكنها السفر لمسافات طويلة عبر المحيطات تلوث أيضاً الشواطئ وتعمل على تراكم الدوامات المائية الضخمة في منتصف المحيط.
كما كانت هناك العديد من التقارير الموثوقة التي تناولت الأضرار البيئية الناجمة عن النفايات البلاستيكية: مثل التسبب في الوفاة أو المرض عند تناول النفايات اللدائنية من قبل الكائنات البحرية مثل السلاحف والدلافين والحيتان والأضرار التي تلحق بالموائل الحرجة مثل الشعاب المرجانية.
وهناك أيضاً مخاوف بشأن التلوث الكيميائي، الأنواع الغازية التي تنتشر عن طريق شظايا اللدائن والأضرار الاقتصادية لصناعتي الصيد والسياحة في العديد من البلدان على سبيل المثال قاذورات معدات الصيد والشواطئ الملوثة.

اللدائن المتناهية الصغر

تنامت المخاوف بشأن اللدائن المتناهية الصغر (جزيئات تصل إلى 5 مم في القُطر، إما مصنعة أو نجمت عن شظايا اللدائن) منذ العام 2011، عندما تناول الكتاب السنوي الأخير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة موضوع النفايات اللدائنية في المحيطات. وهناك تقارير تفيد بتأثير هذه اللدائن المتناهية الصغر على نطاق واسع على الكائنات البحرية، بما في ذلك الطيور البحرية والأسماك وبلح البحر والديدان والعوالق الحيوانية.
وجاء في الكتاب السنوي أيضاً أن هناك قضية واحدة ناشئة هي الاستخدام المتزايد للدائن المتناهية الصغر بصورة مباشرة في المنتجات الاستهلاكية، مثل «الخرز المتناهي الصغر» الذي يوجد في معجون الأسنان، والمواد الهلامية ومنظفات الوجه. ولا يمكن لهذه اللدائن المتناهية الصغر أن تنفصل خلال معالجة مياه الصرف الصحي، ولكن يتم إطلاقها بصورة مباشرة في الأنهار والبحيرات والمحيطات.
وقد تمّ اكتشاف ميكروبات في اللدائن المتناهية الصغر في مواقع متعددة في شمال المحيط الأطلسي. كما يمكن لهذه «اللدائن» أن تسهل عملية نقل الميكروبات الضارة ومسببات الأمراض وأنواع الطحالب. كما تمثل اللدائن المتناهية الصغر تهديداً على الكائنات الأكبر حجماً مثل الحيتان الحقيقية الشمالية المهددة بالانقراض، والتي من المحتمل أن تتعرّض لابتلاع هذه اللدائن من خلال مرشّح الغذاء.
ومن المتوقع أن تسبب اتجاهات الإنتاج وأنماط الاستخدام والعوامل الديموغرافية المتغيرة زيادة في استخدام اللدائن، ويدعو كلا التقريرين الشركات والمؤسسات والمستهلكين للعمل على الحد من نفاياتهم.
يظهر تقرير تقييم اللدائن أن شركات السلع الاستهلاكية توفر حالياً ما يبلغ 4 مليارات دولار سنوياً من خلال إدارة جيدة للدائن، مثل إعادة التدوير، وأن هناك احتمالية لتحقيق وفر أكبر. ومع ذلك، يعتبر الكشف عن استخدام اللدائن رديئاً: فمن بين الـ100 شركة التي تم تقييمها، قدم أقل من نصف هذه الشركات بيانات ذات صلة باللدائن.
يقول أندريو راسيل مدير منظمة مشروع الكشف عن اللدائن PDP : «تكشف الأبحاث عن حاجة الشركات للنظر في «البصمة اللدائنية» الخاصة بهم، تماماً كما يفعلون بالنسبة للكربون والمياه والغابات». وأضاف «يمكن للشركات أن تعمل على تخفيف المخاطر، وتعظيم الفرص، وأن تصبح أكثر نجاحاً واستدامة من خلال طرق القياس والإدارة والإبلاغ المتعلقة باستخدام اللدائن وطرق التخلص منها من خلال منظمة مشروع الكشف عن اللدائن.
وقد ساعدت مبادرات مثل منظمة PDP والشراكة العالمية لمعالجة مشكلة القمامة البحرية التي يقودها برنامج الأمم المتحدة للبيئة،على زيادة الوعي، والتي بدأت بمعالجة هذه القضية… ولكن من دون الوصول الى المبتغى بعد.

توصيات التقرير

تشتمل التوصيات التي وردت في التقرير على اتخاذ مزيد من الإجراءات ومنها:
÷ تتعين على الشركات مراقبة استخدام اللدائن ونشر النتائج في التقارير السنوية.
÷ يتعين على الشركات أن تلتزم بالحد من الأثر البيئي للدائن من خلال تحديد أهداف ومواعيد نهائية واضحة، والابتكار لزيادة كفاءة استخدام الموارد وإعادة التدوير.
÷ ينبغي أن يتم التركيز بصورة أكبر على حملات التوعية للحدّ من إلقاء النفايات ومنع وصول النفايات اللدائنية إلى المحيط. وقد تمّت إتاحة أحد التطبيقات التي تسمح للمستهلكين التحقق مما إذا كان المنتج يحتوي على خرز متناهي الصغر أم لا. ويجري حالياً توسيع تغطية هذا التطبيق دولياً. ويمكن تحميله من خلال الموقع الشبكي التالي:
http://get.beatthemicrobead.org/
ونظراً لإمكانية تناول جزيئات البلاستيك من قبل الكائنات البحرية واحتمالية تراكم سموم هذه الجزيئات من خلال الشبكة الغذائية، فإنه ينبغي تكثيف الجهود لسد الثغرات المعرفية وفهم أفضل لقدرات مختلف أنواع اللدائن على استيعاب ونقل المواد الكيميائية السامة والتراكم الإحيائي المستمر.

مكونات البلاستيك

هناك ما لا يقل عن 20 صنفاً من البلاستيك تدخل في العديد من المنتجات، ويُعتبر من أخطر المواد أثناء عملية التصنيع، لأن جميع أنواع أكياس البلاستيك المستعملة في التسوُّق أو حفظ المواد الغذائية وفي كل الاحتياجات المنزلية مصنّعة من مشتقات البترول، مضافاً إليها مواد كيميائية. تعتبر الأكياس البلاستيكية مواد لدنة مصنوعة حرارياً من مواد كيميائية مثل البولي – اثيلين (Polyethylene) وغيرها من المواد المستخرجة من البترول. ويكون تركيبها الكيميائي على شكل جزيئات طويلة ومتكررة ومتصلة مع بعضها البعض وهذا يؤدي إلى أنّ تحللها في الطبيعة صعب جداً ويحتاج إلى مئات السنين. بالإضافة إلى كونها كتلة غير قادرة على التحلل، فهي مادة ضارة ومؤذية من الناحية الصحية وتتسبب بأمراض سرطانية، خاصة تلك المصنوعة من مادة البولي – فينيل كلوريد.

منظمة الصحة العالمية

أكدت منظمة الصحة العالمية أن متوسط استهلاك الفرد من الأكياس البلاستيكية المستخدمة للأغراض المختلفة يقدر بحوالي 24 كيلو غراماً سنوياً، أو 21 غراماً يومياً، وتضاف إلى ذلك كميات أكياس البلاستيك التي تستخدم لجمع النفايات والتخلص منها والتي تقدر بحوالي عشرة ملايين كيس سنوي، وقد يقل أو يزيد أو يقل المتوسط من مدينة لأخرى أو بين بلد وآخر، وذلك بحسب القوة الشرائية والموقع الجغرافي والمركز التجاري. وتشير الدراسة التي أجريت في عدد من دول العالم على مادة البولي إيثلين التي تدخل في صناعة البلاستيك، لاسيما من النوع العالي الكثافة، على عدم تأثر هذه المادة أو تحللها بفعل العوامل الطبيعية. سواء البيولوجية كالبكتيريا والفطريات والخمائر، أو البيئية كالحرارة والرطوبة والضوء، أو أشعة الشمس والأكسجين والمواد الكيميائية وغيرها. ويُعزى عدم تأثر هذه المادة أو مقاومتها للتحلل بفعل هذه العوامل، وخاصة البيولوجية منها، إلى عدة عوامل والتي من أهمها كبر حجم جزئيات هذه المادة مقارنة بحجم البكتيريا ومفرزاتها من الأنزيمات، وعدم قابلية هذه المادة أو جزء منها للذوبان في الماء.

العمر ونسبة الاستهلاك
تضرّ الأكياس البلاستيكية كثيراً بالبيئة خاصة أنها مادة ثابتة لا تتحلل بسرعة وتحتاج بين 30 إلى 50 سنة لتحللها، مع ما تتركه من أثر سلبي على البيئة الزراعية أو البحرية، لكونها مصنوعة من مواد بترولية ومواد كيميائية مضرة.
وتعمل هذه الأكياس على عزل التربة أي عدم تثبيت الكربون والنيتروجين فيها، إضافة إلى سد مصارف المياه ونفوق الحيوانات من جهة، وتشويه بصري من جهة أخرى، ما يُضرّ بالناحية الجمالية والسياحية عندما نشاهدها على الطرقات الخارجية والأسوار والأشجار.
وتقدر الدراسات العالمية والمحلية معدل استهلاك الفرد اليومي من الأكياس البلاستيكية بما بين 2 و5 أكياس، أي ما لا يقل عن عشرة ملايين كيس يومياً، اي ما لا يقل عن أربعة مليارات كيس في العام الواحد، في بلد مثل لبنان. وإذا قمنا بحساب 30 عاماً وفقاً للحد الأدنى لمكوث كيس البلاستيك في البيئة للتحلل، فإنه سيصبح لدينا مئة مليار كيس، الأمر الذي يشكل خطورة حقيقية على البيئة ويلحق أضراراً بجميع القطاعات المنتجة، مع الإشارة إلى أن أكثر من ثلث النفايات لا يذهب الى مراكز المعالجة ليُعاد تدويره وتبقى تلك الأكياس متناثرة على الطرقات وفي الوديان او في البحر.

الأكياس الصديقة
تعتبر كلفة إنتاج الأكياس الصديقة للبيئة مرتفعة نسبياً نظراً لاستخدام مواد طبيعية في مكوناتها، كما لا يوجد في لبنان (حتى الآن) قانون لإدارة النفايات المتضمن نظاماً للحوافز، الأمر الذي يشكل عائقاً أمام شركات الاستثمار في هذا المجال.
تتكون الأكياس البلاستيكية الصديقة للبيئة من مادة (دي تو دبيلو) القابلة للتحلل بوجود الاوكسجين. فبعد مضي 18 شهراً من تصنيع الكيس وتعرضه للحرارة وأشعة الشمس وبوجود الاوكسجين تبدأ عملية التحلل بحسب سماكة وحجم الكيس.
وبعد عملية التحلل ومضي 2 الى 4 سنوات يتحول الكيس الى ثاني اوكسيد الكربون وماء ومواد أخرى غير سامة للتربة والبيئة. تصنع الأكياس الصديقة للبيئة بإضافة 10 كيلوغرامات من مادة (دي تو دبيلو) لكل طن من المواد المستخدمة في صناعة المواد البلاستيكية الأخرى. لم تدخل تلك الأكياس في المواصفات اللبنانية بعد ولا طرق للتثبت من صحة الأكياس التي يمكن أن تدخل الأسواق اللبنانية، ونحن بانتظار إقرار قانون النفايات وإصدار المراسيم اللازمة حول هذا الموضوع.