Site icon IMLebanon

“عون راجع”…..على المزايدات؟؟؟ (بقلم رولا حداد)

Michel-Aoun-4

كتبت رولا حداد

وأخيراً أعلن العماد ميشال عون عن مبادرته السياسية حول موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية. الأمر الإيجابي من حيث المبدأ هو أن “الجنرال” طرح شيئاً ما، والمبادرة التي طرحها تستحق نقاشاً سياسياً هادئاً.

بداية، وفي الشكل، لا بدّ من الإشارة الى عيبين اعتريا المبادرة: أولهما أنها جاءت متأخرة، وخصوصًا أننا دخلنا في الفراغ الرئاسي منذ أكثر من 40 يوماً، ومضمون المبادرة كان يستأهل طرحه قبل أشهر طويلة من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان. وثانيهما أن طرح تعديل الدستور ظهر كمناورة سياسية ليس أكثر لعدم اقترانه بتقديمه كاقتراح الى مجلس النواب مقرونا بتواقيع 10 نواب من نواب تكتل “التغيير والاصلاح”.

أما في المضمون فملاحظة أساسية قبل أن ندخل في نقاش التفاصيل، وهي أن سبب معاناة المسيحيين لناحية كيفية انتخاب الرؤساء والمناصفة في مجلس النواب منذ اتفاق الطائف سببها ببساطة السنتان اللتان قضاهما الجنرال في قصر بعبدا بين الـ1988 والـ1990 والحروب الثلاثة التي خاضها في تلك المرحلة فقضى على كل مكامن القوة المسيحية وجعل الافتئات على حقوق المسيحيين أمراً سهل المنال، من عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية، مروراً بالإتيان بنواب مسيحيين بأصوات مسلمة وصولاً الى مصادرة حقوق المسيحيين سواء في موقع المدير العام للأمن العام أو مصادرة أراضي البطريركية المارونية في لاسا!

ولندخل في التفاصيل فثمة عنوانان للنقاش:

ـ الأول يتعلق بالدعوة الى تعديل الدستور لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب على دورتين، والأمر جدير بالنقاش الوطني الواسع. وأنا شخصياً أويّدها. ولكن حين يصبح انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة فهذا يعني أن يتحول نظامنا عملياً الى نظام رئاسي مع ما يستتبع ذلك من ضرورة قصوى ليس لإعادة بعض الصلاحيات الى رئاسة الجمهورية، بل لإعادة النظر في توزيع كل الصلاحيات. فلا معنى لأي نظام رئاسي لا يكون فيه رئيس الجمهورية حاكماً بكل ما للكلمة من معنى وليس حكماً من دون بطاقات صفر أو حمر! وهذا الأمر يحتاج الى توافق وطني شامل، على أمل أن يكون الجنرال قد حاز على موافقة حليفيه السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري على مبادرته حتى لا تكون مجرّد مناورة للاستهلاك الإعلامي.

ـ والعنوان الثاني يتعلق بقانون الانتخابات النيابية مع عودة عون الى طرح القانون الأرثوذكسي إعلامياً للعب على الوتر الشعبوي الذي يبرع فيه الجنرال. والمفارقة تكمن في أن رئيس تكتل “الإصلاح والتغيير” كان أعلن قبل فترة أنه حين التقى الرئيس سعد الحريري عرض عليه السير بقانون النسبية مع 13 دائرة وليس القانون الأرثوذكسي… فما الذي تغيّر؟ وهل ثمة طرح انتخابي للصالونات السياسية ولمحاولة استرضاء تيار المستقبل والحريري وطرح آخر للتجيش الشعبوي والإعلامي لاستدرار العطف المسيحي وإطلاق النار سياسياً على “القوات اللبنانية”؟ وهل سيستطيع عون أن يقنع حليفه الرئيس نبيه برّي بعقد جلسة نيابية للتصويت على قانون جديد للانتخابات النيابية من بين القوانين الموجودة على جدول أعمال الهيئة العامة ومن بينها القانون الأرثوذكسي؟

الثابت من مبادرة الجنرال في الميزان السياسي حقيقتان: الأولى أن محاولة ربط الانتخابات الرئاسية بإجراء تعديل دستوري ليتمّ انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة تعني الإطاحة بانتخابات رئاسة الجمهورية الى ما شاء الله، والثانية أن “عون راجع” على حلبة المزايدات الشعبوية الرخيصة في موضوع الانتخابات النيابية لتعويم نفسه بعد إفلاسه نتيجة تعطيله الانتخابات الرئاسية.

وما لا يدركه الجنرال ان ثمة مفاوضات تجري في الكواليس الخلفية قد تؤدي الى تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية بمعزل عن رأيه ومبادرته، تماماً كما حصل في أيار 2008، وبذلك سيكون مرة جديدة أوّل الخاسرين… فهل يستلحق نفسه وينزل الى مجلس النواب بملء إرادته ويشارك في انتخاب الرئيس أم سينتظر ليستدعيه “حزب الله” للتصويت على المرشح الذي تمّ التوافق عليه؟