الجزائر خرجت كبيرة… وألمانيا الفائزة لم تتمكّن من الثأر
المانشافت تعطي الديوك موعداً حارّاً للدور ربع النهائيّ
تقرير خالد مجاعص
إذا كان الدور الأوّل من مونديال البرازيل هو مونديال المفاجآت مع خروج كلّ من إسبانيا بطلة العالم، وإيطاليا المرشّحة الدائمة على اللقب، ومعهما إنكلترا، صانعة كرة القدم العالميّة، فقد أصبح من المؤكّد أنّ دور الـ16 هو دور الإنجازات وكسب الاحترام.
فالسبت الماضي، أوقفت التشيلي السامبا، وأبكت البرازيل قبل أن تغادر. والأحد، عطّلت المكسيك الطواحين على مدى 90 دقيقة، وغادرت مرفوعة الرأس. وفجر اليوم، أخافت الجزائر ألمانيا، وأقلقتها، وثم أتعبتها قبل أن تخرج كبيرةن ومرفوعة الرأس.
فقد أعادت الجزائر إلى الأذهان سيناريو الـ1982، عندما أسقطت المارد الألمانيّ، وأعادته إلى مستوى الأرض. وفجر اليوم، أعادت الجزائر مجدّداً ألمانيا الموحّدة إلى الأرض، إنّما من دون أن تسقطها. فقد اجتاز المنتخب الألمانيّ الكابوس الجزائريّ الذي تعايش معه 32 عاماً، إنّما بعد شوطين إضافيّين، فتأهّل منتخب المانشافت إلى دور الثمانية، بعد فوزه بهدفين لهدف في مباراة ماراتونيّة، انتهى وقتها الأصليّ بالتعادل من دون أهداف.
وسجّل شورليه، نجم تشلسي اللندنيّ وبديل ماريو غوتزه، غير المتألّق هدف التقدّم الألمانيّ في الدقيقة 92 من الشوط الإضافيّ الأوّل، ومسعود أوزيل في الدقيقة 119 الهدف الثاني بعد متابعته لتسديدة شورليه على مرمى الحارس الجزائريّ المبدع الرّيس، مستفدين من إرهاق لاعبي الجزائر، الذين تحاملوا طوال الدقائق الأخيرة من المباراة على أوجاعهم وإصاباتهم، لتعود الجزائر وتنتفض، بعدها بدقيقة، وتقلّص الفارق عبر المهاجم البديل عبد المؤمن جابو، لينتهي اللقاء للصدفة، بالنتيجة نفسها التي انتهت في عام 1982، إنّما في شكل معاكس. وبهذا الفوز، تضرب ألمانيا موعداً مع فرنسا الفائزة على نيجيريا 2-0 في مبارة باهتة.
وكانت المباراة ندّية على أعلى مستوى من الفريقين، وأظهرت الجزائر مستوى فنيّ وبدنيّ وتكتيكيّ عالي المستوى، وهدّدت المرمى الألمانيّ كثيراً، لولا قلّة التركيز وتألّق الحارس مانويل نيوير الذي غطّى كثيراً على بطء دفاع فريقه، وأنقذه من عدد من الهجمات الخطيرة.
أولى التهديدات الجزائريّة كانت في الدقيقة التاسعة، عندما استغلّ ياسين براهيمي تمريرة خاطئة من الظهير الألمانيّ شكوردان مصطفى، لينطلق خلف الكرة نحو مرمى نيوير الذي لعب دور الليبرو وأبعد الكرة، ليردّ شفاينشتايجر بتسديدة صاروخيّة صدّها الحارس مبولحي (رقم 13). ويأتي الردّ الجزائريّ مرّة أخرى بعدها بدقيقة من سفيان فيجولي الذي راوغ الدفاع الألمانيّ، ولكن سدّد الكرة فوق مرمى نيوير. وألغى الحكم في الدقيقة 16 هدفاً سجّله سليماني بداعي التسلّل، وبعدها بدقيقة واصل الجزائريّون إهدار الفرص، بعدما انفرد فوزي غلام بالحارس نيوير، ليسدّد خارج المرمى.
وفي الدقيقة الـ40، أطلق مهدي مصطفى تسديدة بعيدة كانت في طريقها إلى المرمى، لولا اصطدامها بالمدافع بواتينج، ليردّ عليه توني كروس بتسديدة قويّة، تصدّى لها مبولحي بصعوبة لترتدّ لغوتزه الذي سدّدها وأنقذها مبولحي مرّة أخرى، ويمنع هدفاً ألمانيّاً محقّقاً.
في الشوط الثاني، واصل المنتخب الجزائريّ تقديم أداء تكتيكيّ وفنّي قويّ، استطاع من خلاله إيقاف الخطورة الألمانيّة. وفي الدقيقة 80، منع مبولحي أخطر فرصة ألمانيّة في اللقاء، بعدما تصدّى لرأسيّة مولر، لتعود لشورليه الذي سدّدها في المرمى، وأبعدها باستبسال مدافع المنتخب الإفريقيّ رفيق حليش.
وفي الدقيقة 88 انفرد فيجولي بالحارس نيوير الذي خرج مجدّداً من مرماه، ليلعب دور الليبرو، ليردّ عليه مبولحي بتألّق آخر، ويتصدّى لرأسيّة شفاينشتايجر الخطيرة، لينتهي الشوط الثاني بالتعادل السلبيّ.
وفي الدقائق الأولى من الشوط الإضافيّ الأوّل، أنهى شورليه الصيام التهديفيّ للمباراة بتسجيله هدفاً بالكعب بعد عرضيّة من مولر. وكاد مهدي مصطفى يعادل النتيجة بتسديدة قويّة من داخل منطقة جزاء الألمان، لكنّ الكرة مرّت بجوار القائم. وتراجعت الجزائر بدنيّاً في الشوطين الإضافيّين، ليستغلّ الألمان ذلك بفرض سيطرة نسبيّة على الملعب، وينخفض نسق المباراة بشكل ملحوظ. فاستفادت مكينة المانشافت بهجمة مرتدّة قبل دقيقتين من نهاية الشوط الإضافيّ الثاني، ليسجّل أوزيل الهدف الثاني. وهنا، كمنت المفاجأة، كما الإرادة عند الجزائريّين، عندما كافأ عبد المؤمن جابو جميع زملائه بهدف رائع وغالٍ عبر متابعة مميّزة داخل شباك نيوير، فقلّص الفارق وأقلق الألمان، وكادت الجزائر تصنع المعجزة، وتسجّل الهدف الثاني في الثواني الأخيرة، إلاّ أنّ رأسيّة مجيد بوقرة كانت ضعيفة، ليطلق الحكم صافرة النهاية.
وبهذه النتيجة، تكون الجزائر قد كتبت تاريخاً جديداً لها في المونديال بعبارة واحدة: الجزائر مثّلت الكرة العربيّة أفضل تمثيل ممكن.