هاجر كنيعو
في ظل تزايد كلفة دعم “مؤسسة كهرباء لبنان” التي تجاوزت الملياري دولار سنويا وتضاعف النزيف المالي على عاتق الخزينة، خصوصا مع تفاقم ضغط النزوح السوري على البنى التحتية واستهلاكهم، مع اللبنانيين، الكهرباء المدعومة، تظهر في الافق بوادر حلحلة لهذه الازمة مع انعقاد ورشة عمل على مدار يومين اخيرا جمعت مختلف الوزارات المعنية بالتعاون مع البنك الدولي تمهيدا لانقاذ الخزينة وقطاع الكهرباء.
تأتي هذه الخطوة بعد اربع سنوات على اقرار ورقة سياسة قطاع الكهرباء من مجلس الوزراء، والتي تضمّنت حلا متكاملا لقطاع الكهرباء وتحويله قطاعا منتجا يدر الاموال على الخزينة بدل كونه مصدر عجز مزمنا، الا ان المصالح السياسية الضيقة تقف عائقا امام ازدهار هذا القطاع، فيما يغرق المواطن في دفع الفاتورة المزدوجة.
وفي حين تظهر المعطيات عجز “مؤسسة كهرباء لبنان” في زيادة قدرتها الانتاجية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء (200 ميغاواط سنويا بحسب وزارة الطاقة والمياه)، فيما تراوح الطاقة الانتاجية المتوفرة حاليا، بين 1300 و1500 ميغاواط، تتجه الانظار اليوم الى اعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص في انتاج الطاقة الكهربائية تمهيدا للخصخصة.
فما هي فوائد هذه الشراكة على نفقات الموازنة العامة؟
في هذا السياق، اوضح وزير الطاقة آرتور نظريان لـ”النهار” دور وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان والمجلس الاعلى للخصخصة في مؤازرة مجلس الانماء والاعمار في تلزيم ثلاثة استشاريين عالميين من بينها شركة Poten and Partners لاعداد ثلاث دراسات تتعلق بانشاء معامل جديدة للكهرباء وتحديد نوعية الفيول المستخدم، على ان يتم استكمال مشروع الكهرباء بالشراكة مع القطاع الخاص وخصخصة الانتاج ppp,ipp لزيادة 1500 ميغاواط.
اضاف: “تبين ان المواقع الاكثر ملاءمة لتنفيذ مشاريع الشراكة هي مواقع الزهراني وسلعاتا والدامور، على ان تتوافر آلية تمكن المشغل من رصد كميات الوقود المطلوبة”، لافتا الى ان تلزيم المشاريع مع الشركات الخاصة سيتم بتمويل من البنك الدولي “وتتولى الدولة بعد شراء انتاج الكهرباء من القطاع الخاص عملية التوزيع على أن تغطي الشركات الاجنبية مفاصل الجباية والادارة”.
اما في ما يتعلق بتحويل الانتاج الكهربائي الى الغاز الطبيعي، فشدد نظريان على اهمية هذا الخيار الذي يساهم في زيادة انتاجية معامل الكهرباء الموجوة بنسبة 15-20 في المئة ويوفر حوالى مليار و91 مليون دولار على الخزينة، اي اقل من نصف كلفة الطاقة التي تدفعها مؤسسة كهرباء لبنان، ولافتا الى وجود مشروعين في هذا الصدد:
– مشروع انشاء محطة عائمة لتخزين وتغويز الغاز السائل ثم تحويله الى غاز طبيعي لتشغيل كل المصانع الحالية، وقد انجزت الوزارة مناقصتها بالتعاون مع Poten & Partners والبنك الدولي ومجلس الانماء والاعمار واتت النتائج مشجعة لجهة مستوى الشركات المشاركة (12 شركة اجنبية) او الاسعار التنافسية. واظهر تقرير المناقصة (الذي أحيل على مجلس الوزراء) ان الفارق بين سعر الفيول الذي يستخدمه معمل دير عمار حاليا وسعر الغاز هو حوالى 160 مليون دولار سنويا بينما يبلغ التوفير في معمل الزهراني نحو 150 مليون دولار.
– مشروع خط الغاز الساحلي لربط كل معامل انتاج الكهرباء والمجمعات الصناعية الساحلية بخط الغاز العربي الواصل الى البداوي (كلفة المشروع 445 مليون دولار)، والذي يسمح في المستقبل في حال اكتشاف الغاز بتصدير فائض الانتاج الى اوروبا براً بدون كلفة اضافية.
في موازاة ذلك، اكد نظريان ان معملي دير عمار والزهراني يمكن تشغيلهما على الغاز، مشيرا الى انه “تم بدء تنفيذ معمل دير عمار الجديد (50 ميغاواط)، وشارف معملي الزوق (194 ميغاواط) والجية (178 ميغاواط) الجديدين الانتهاء.
تجدر الاشارة الى ان وزارة المال اقترحت اعادة النظر بتعرفة الكهرباء لما يزيد عن 500 كيلواط بنسبة تغطي الكلفة الحقيقية للكهرباء بما يوفر للخزينة نحو 400 مليار ليرة، الا ان رأي نظريان جاء مخالفا لذلك، اذ اعتبر ان هذه الخطوة تصب في مصلحة تمويل سلسلة الرتب والرواتب على حساب شركة الكهرباء، لافتا الى اقتراح مؤسسة الكهرباء الذي يقضي بزيادة التعرفة على جميع الشطور المخفضة ولكن بنسبة اقل (فعلى سبيل المثال من يستهلك 15 امبيراً لغاية 200 كيلواط، ترتفع الفوترة من 17600 الى 29000 الف ليرة)، مؤكدا ان هذه الزيادة في التعرفة ستؤمن 670 مليار ليرة تمهيدا لزيادة ساعات التغذية تدريجا.
وعن تداعيات اللجوء السوري على قطاع الكهرباء خصوصا وان اللاجئ يستخدم معدل ساعتين من الكهرباء يوميا بحسب وزارة الاقتصاد، اكد نظريان ان انتاج البواخر التركية (270 ميغاواط) يذهب لمصلحة تغطية طلب اللجوء السوري على الشبكة مما يحرم العاصمة امكان التغذية 24/24.
امام هذا الواقع، يطمئن نظريان الى ان شركات مقدمي الخدمات تتولى تشغيل وصيانة شبكات التوتر المتوسط والمنخفض، وباشرت تنفيذ شبكة ذكية من شأنها تأمين الكهرباء 24/24 حتى قبل اكتمال معامل الانتاج وحصر الاهدار وتنظيم الجباية.