توم ميتشيل
في السادس والعشرين من أيار (مايو)، كان تشانج كاي يحظى بالانتباه في غرفته الصغيرة في فندق في وسط الصين، حيث يقدم المشورة لمجموعة من نشطاء العمل، حول الطريقة التي بإمكانهم من خلالها هزيمة “وولمارت” في جلسة التحكيم في الصباح التالي.
الأمور التي على المحك كانت كبيرة. لو أن النشطاء فازوا، لكان من الممكن أن تضطر “وولمارت” إلى زيادة التعويضات لآلاف العمال الصينيين الذين تأثروا من الإغلاق المقرر لنحو 20 متجراً.
في الأسبوع الماضي خسر تشانج، الخبير في قانون العمل الصيني، وأصدقاؤه النشطاء على نحو حاسم، فقد حكمت هيئة التحكيم في مدينة تشانجدي الصغيرة لصالح “وولمارت”، ورفضت مطالب 69 عاملاً للحصول على تعويض أكبر.
لقد كان ذلك بطريقة ما انتصاراً باهظ الثمن بالنسبة لشركة وولمارت، فهذه عملية كان متجر التجزئة يأمل في تخليص نفسه منها خلال 30 يوماً فقط، لكنها أصبحت الموضوع الأساسي لنزاع قانوني استمر لثلاثة أشهر.
على أنها كانت قضية جذبت اهتمام وسائل الإعلام الدولية والمحلية الكبير بسبب الدور المشاكس غير العادي الذي لعبته نقابة عمال المتجر، التي هي فرع من اتحاد نقابات عمال عموم الصين الهادئ.
وافقت شركة وولمارت على دفع مبلغ 3 آلاف رنمينبي (480 دولارا) لكل واحد من المحتجين البالغ عددهم 69 – من أصل قوة عاملة تبلغ 130 – بدل “تكاليفهم القانونية” على الرغم من أن تشانج والمستشارين الآخرين فعلوا ذلك للمصلحة العامة.
أصرت الشركة على أن التسوية المعروضة كان تتعلق بالنزاع القانوني، وليس اعترافاً منها بأنه ينبغي دفع تعويض أكبر منذ البداية. بهذه الطريقة بإمكان “وولمارت” الجدال من أن الصفقة ينبغي أن لا تمتد إلى العمال الـ 61 الآخرين في تشانجدي، الذين قبلوا عرضه الأساسي، ناهيك عن أولئك الذين هم في فروع أخرى مغلقة.
باختصار، لقد كانت مجموعة كبيرة من المشاكل حول إغلاق متجر صغير من قِبل أكبر متجر تجزئة في العالم، لكن مثل هذه النزاعات تعتبر الآن سمة في مشهد قطاع العمل في الصين، فحتى أكبر الشركات متعددة الجنسيات ليست في مأمن من ذلك.
حتى عام 2010، كانت اضطرابات العمال تتركز بشكل كبير في شركات التصنيع الصغيرة ومتوسطة الحجم، وهي غالباً التي تملكها هونج كونج أو تايوان، حيث ظروف العمل التي كانت سيئة مع انخفاض الأجور، لكن مع تحول الاتجاهات السكانية لصالح قطاع العمل، أصبح العمال الذي يعملون في بعض الشركات الأكثر شهرة في العالم، أكثر جرأة على المطالبة بالمزيد. النتيجة كانت سلسلة مهمة من الاضرابات للحصول على أجر أعلى في شركة هوندا، وغيرها من شركات صناعة السيارات اليابانية في مقاطعة جوانجدونج الجنوبية.
في الآونة الأخيرة، أجبر النمو الاقتصادي البطيء والآثار المتبقية من الأزمة المالية العالمية الجميع، من شركات التصدير إلى متاجر التجزئة مثل شركة وولمارت على تقليص نفقات عملياتها أو إعادة هيكلتها.
في حالة مثل تلك التي في تشانجدي، حيث تم إغلاق أحد المتاجر، فإن العامل فيها ليس لديه ما يخسره من خلال الضغط للحصول على دفعات تعويض كبيرة. وقد حدث أمر حيوي مماثل العام الماضي في مصنع إطارات تملكه شركة أمريكية في مقاطعة تشاندونج الشرقية.
عندما اعترض العمال هناك على عملية بيع شركة كوبر تاير آند رابر القائمة في أوهايو إلى شركة أبولو تايرز الهندية، فاستولوا ببساطة على المصنع ورفضوا تسليمه حتى تم التخلي عن عملية الاستحواذ.
مهما كانت صعوبة إدارة مثل هذه الحالات، فقد يكون الأمر أسوأ بكثير بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات في الصين، لكن لحسن حظها، فإن الحزب الشيوعي لا يثق بنقابات العمال تماماً مثلما لا يثق بوولمارت.
تم إنشاء اتحاد نقابات عمال عموم الصين عمداً كمنظمة يتم تنظميها من أعلى المستويات، والتي تُطيع الحزب ولا تُشجع تشكيل الروابط الأفقية بين فروع الاتحاد. تخيّل حجم الأزمة التي كانت شركة وولمارت ستواجهها لو أن العاملين في فروعه الـ 400 الأخرى في الصين، قرروا الإضراب نيابة عن زملائهم في تشانجدي.
يُدرك عمال شركة وولمارت أن مناشدة الزملاء الموجودين في عمليات أخرى، قد يؤدي إلى استجابة فورية من الحكومة، بالتالي لن يكون هناك ليخ واليسا في الصين، في أي وقت قريب.
يمكن أن تعتبر الشركات متعددة الجنسيات نفسها محظوظة أيضاً لأن الموظفين الذين يعملون في المكاتب التابعة لها، لم يتبنوا حتى الآن نشاط نقابة العمال، لكن هذا قد يتغير.
في غضون عام من اعتماد قانون عقد العمل في الصين عام 2008، تم تأسيس نقابات فرعية تابعة لاتحاد نقابات عمال عموم الصين في أكثر من 80 في المائة من الشركات المدرجة في قائمة فورتشن 500، والتي تملك أعمالاً في البلاد. هذه النقابات احتضنت الجميع، من عمال المصانع إلى المحاسبين والمديرين. زعماء الاتحاد في الشركات المدرجة في قائمة فورتشن 500 كانوا يميلون ليكونوا ما بين المديرين الوسط إلى رفيعي المستوى، وبالتالي يدركون تماماً وجهة نظر صاحب عملهم.
أغلبية العاملين في الشركات أدركوا أيضاً أن وظيفة آمنة مع مزايا جيدة في شركة مثل جنرال إلكتريك أو سيمنز تشبه، في المخطط الأكبر لسوق العمل في الصين، الفوز باليانصيب.
من ناحية أخرى، كان الأشخاص الذين يعملون على خطوط التصنيع في شركة هوندا يعتقدون فيما مضى أنهم قد فازوا باليانصيب، كما فعل الموظفون السابقين في شركة وولمارت. لذلك قد يكون الموظفون العاملون في المكاتب تماماً هم القوة العمالية التالية، التي يجب أن يُحسَب حسابها في الصين.