Site icon IMLebanon

في ظل الميزانيات المتقلصة…وزارة الدفاع الأميركية تخفض انفاقها 21%

BudgetCut
في البداية كان القلق يتركز على بحر الصين الجنوبي وأفغانستان وليبيا ومالي وسوريا. ثم جاء ضم روسيا لمنطقة القرم والبحث عن تلميذات نيجيريات خطفتهن جماعة بوكو حرام. واليوم تستعد الولايات المتحدة والدول الحليفة مجددا لعمل عسكري محتمل بالعراق.
وبينما يجاهد مخططو الدفاع الأمريكيون بقوة لتنفيذ تخفيضات حادة في الإنفاق كان العام الماضي واحدا من أكثر الأعوام التي تزايدت فيها المتطلبات بشدة منذ هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001.
وبين الحين والآخر تتفجر أزمة جديدة كل منها يتطلب انتشارا عسكريا آخر وموارد جديدة. ونظرا للضغوط التي تواجهها الولايات المتحدة بالفعل بسبب حروب بدأتها منذ أكثر من عقد يرى البعض أن آثار هذه الضغوط بدأت تظهر.
قالت كاثلين هيكس الزميلة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والتي كانت حتى العام الماضي نائبة وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة “كوريا الشمالية وإيران لم تختفيا أيضا.”
وأضافت في تصريحات لرويترز في مايو أيار “هذا تحد حقيقي للبحرية الأمريكية بوجه خاص… من الصعب -نظرا لحجم القوة- ردع كل هذه الأماكن في آن واحد.”
ومما لا شك فيه أن إنهاء الصراعات التي تتطلب وجود أعداد كبيرة من الجنود والممتدة منذ أعوام سيوفر قدرا من المال. من المستحيل ألا يحدث هذا إذ يقدر بعض المحللين أن الإبقاء على جندي أمريكي واحد في أفغانستان يتكلف أكثر من مليوني دولار سنويا.
ومع هذا تبدو الصراعات والمواجهات المسلحة في تصاعد وكذلك التوترات مع الصين وروسيا. ويقول مسؤولون حاليون وسابقون إن روسيا خاصة أخذت واشنطن على حين غرة.
وفي الأسبوع الماضي أشار تقرير لمعهد الاقتصاد والسلام الذي يقع مقره في أستراليا إلى أن السنوات السبع الماضية عانت زيادة كبيرة في الصراعات في أنحاء العالم بعد ستة عقود شهدت تحسنا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وحتى وقت غير بعيد كان كثيرون في واشنطن يأملون في أن يديروا ظهورهم للعراق للأبد. لكن بعد المكاسب الخاطفة التي حققها تنظيم الدولة الإسلامية تحركت الولايات المتحدة سريعا فأرسلت حاملة طائرات إلى الخليج ونشرت مئات العسكريين منهم أفراد من القوات الخاصة وهي لا تزال تبحث توجيه ضربات جوية.
وفي كلمة رئيسية عن السياسة الخارجية ألقاها الرئيس باراك أوباما في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بوينت في مايو أيار قال إن واشنطن لا بد وأن تكون أكثر حرصا فيما يتعلق باستخدام القوة.
إلا أن الواقع يظهر أن الولايات المتحدة استمرت في عهد أوباما في إرسال قوات إلى مزيد من الأماكن إن لم تكن قد أسرعت من ذلك الاتجاه وإن كان بأعداد أقل بكثير.
* أموال أقل والتزامات أكثر
في تقرير نشر يوم الأربعاء الماضي توقع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تقلص ميزانية وزارة الدفاع (البنتاجون) الأساسية بنحو 21 في المئة في الفترة بين 2012 و2021 وذلك على أساس سعر ثابت للدولار. وأضاف التقرير أن ضغوط التخفيض ستكون “شديدة البأس” وسيوجه الإنفاق بدلا من ذلك إلى برامج التأمين الصحي والاجتماعي مع تقدم السكان في العمر.
وحين تولى أوباما الرئاسة عام 2009 كانت ميزانية البنتاجون حوالي 700 مليار دولار. أما طلب الإنفاق في ميزانية 2015 المقترحة فبلغ 496 مليار دولار بالإضافة إلى ما يقدر بنحو 79 مليارا لأفغانستان.
وصرح روبرت هيل رئيس الفريق المالي بالبنتاجون لرويتزر بأن الشكوك التي تكتنف تكاليف الالتزامات الجديدة بالعراق أرجأت تقديم ميزانية منفصلة عن العمليات العسكرية في الخارج إلى الكونجرس.
وتغطي الميزانية الحروب وستشتمل هذا العام على مبلغ إضافي قدره مليار دولار لتغطية الالتزامات العسكرية الأمريكية لأوروبا.
ويظل إنفاق واشنطن العسكري هو الأكبر عالميا على الإطلاق ويزيد على ثلث الإجمالي العالمي.
غير أن الفجوة بين إنفاق الولايات المتحدة وبعض خصومها المحتملين تضيق. فقد زاد الإنفاق الدفاعي الروسي بنسبة 30 في المئة منذ 2008 والإنفاق الصيني بنسبة 40 في المئة. كما زادت دول أخرى بالشرق الأوسط وآسيا من إنفاقها العسكري بقوة.
وفي حين أن معظم الدول تركز الجانب الأكبر من قوتها العسكرية على دول الجوار تنتشر القوة الأمريكية بشكل أوسع.
وتقاوم البحرية الأمريكية اقتراحات بإحالة إحدى حاملات طائراتها البالغ عددها 11 حاملة -وهي حاملة الطائرات جورج واشنطن- إلى التقاعد المبكر. وأرجئت أعمال صيانة لحاملة أخرى العام الماضي. ويقول بعض المسؤولين إن هذا قد يزيد من صعوبة تغطية الحاجة المتصاعدة فيما يبدو لمثل هذه السفن.
وقال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة أمام عسكريين في مارس آذار “تخفيضات الميزانية أرغمتنا على قبول مزيد من المخاطر.. مخاطر نعتقد أن بإمكاننا أن نتعامل معها عند هذا المستوى.” ولم يذكر تفاصيل.
* “عالم أكثر فوضوية”
قال ديمبسي إن فرض قيود جديدة على الإنفاق -مثل تكرار حدوث تخفيضات تلقائية إذا لم يتفق الكونجرس على الميزانية- سيزيد من المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها.
ويقول مسؤولون حاليون وسابقون إن التحدي الحقيقي لا يتمثل في عدد التزامات الدفاع وإنما في تزايد بنود تكاليف أخرى في ميزانية البنتاجون مثل العلاوات والمعاشات والإنفاق المتضخم على المشتريات.
وتمثل تكاليف الأفراد الحالية ما يصل إلى نصف ميزانية البنتاجون غير المرتبطة بالحروب وهو أمر يريد قادة الجيش تخفيضه.
وفي مقابلة أجرتها رويترز في الأسبوع الماضي مع هيل رئيس الفريق المالي بالبنتاجون قال إن كل نوع من الأسلحة الجديدة يتكلف عادة ثلاثة أمثال السلاح الذي يحل محله وهو أمر قال إنه يصعب تحمله.
وليست كل الأشياء أغلى ثمنا. فقد زادت ميزانية قيادة العمليات الخاصة الأمريكية للمثلين بينما زاد عدد أفرادها لثلاثة أمثاله وزادت عمليات الانتشار التي تقوم بها لأربعة أمثالها بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001. ومع هذا تظل الميزانية أقل بنسبة اثنين في المئة عن الميزانية الإجمالية.
وقال الأميرال جاري روفهيد قائد العمليات البحرية الأمريكية حتى عام 2011 والزميل الحالي بمؤسسة هوفر التابعة لجامعة ستانفورد “الاتجاه صوب عالم أكثر فوضوية لن يتغير قريبا.”
وأضاف “هل يمكن لنا أن نواكب مستوى المتطلبات البحرية والجوية اللازمة؟… الآن.. نعم.. يمكننا. لكن بمرور الوقت سيبدأ هذا في إجهاد أجهزتنا وأفرادنا بقوة.”