Site icon IMLebanon

الوزارة بدأت العمل على برنامج نهوض اقتصادي…والوزير حكيم:السلسلة حق لكن إقرارها بشكلها الحالي “مغامرة”

alain-hakim

موريس متى

أزمة اقتصادية – اجتماعية قد تكون الأصعب، يمر بها لبنان منذ أشهر مع استمرار تسجيل العديد من المؤشرات مستويات غير مشجعة، وما يزيد الطين بلّة هو التأثير السلبي للفراغ الرئاسي المستمر والتدهور الامني في كل القطاعات. واليوم، تجد حكومة الرئيس تمام سلام نفسها أمام امتحانات قد تكون نتائجها مصيرية لمستقبل لبنان على جميع الصعد، وعلى رأسها “الاقتصادية والاجتماعية”، كما يتحمل مجلس النواب بدوره مسؤولية بت العديد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية العالقة.

حملت “النهار” بعضاً من هذه الملفات الى وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لأخذ موقف الوزارة منها.

سلسلة الرتب والرواتب
من الملفات الاكثر سخونة ملف سلسلة الرتب والرواتب، وفي هذا السياق يؤكد الوزير حكيم وجود مشكلات عدة تعترض هذا الملف:
أولاً التمويل، فبنود التمويل المطروحة في مشاريع مراسيم السلسلة بحسب دراسات الوزارة لا تُغطي كلفة السلسلة والسبب يعود الى أن معظم المداخيل تتكون من ضرائب ورسوم تتعلق بالنشاط الاقتصادي، لذلك لا يُمكن ضمان الحصول على المبالغ المتوقعة. وثانياً الكلفة، بحيث انحصر الجدال في آخر مراحل النقاش على اعطاء أو عدم اعطاء ست درجات للمعلمين وذلك لعدم قدرة الخزينة على تحمل هذه الكلفة من دون أي زيادة على ضريبة القيمة المُضافة.
وتضاف الى هذه المشكلات، مشكلة التداعيات الاقتصادية للسلسلة الناجمة عن عدم توفير التمويل الكامل لها، ما يدفع بالحكومة الى اصدار سندات خزينة، وهذا سيزيد الدين العام والعجز المالي العام وستكون له تداعيات التصنيف الائتماني وعلى الثبات النقدي. فحجم الأموال، بحسب حكيم، التي ستضخّ، سيكون لها تداعيات تضخمية على الاقتصاد. وعلى عكس ما يُعتقد أن زيادة المدخول سيزيد الاستهلاك، فان هذا الضخ سيتحول تضخماً وذلك بسبب سرعة نمو الطلب التي هي أسرع بكثير من سرعة نمو العرض مع هيكلية استهلاكية تعتمد بالدرجة الأولى على الاستيراد. وتضاف الى ذلك المزيد من المخاطر المتعلقة بتراجع الجاذبية في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتراجع التصنيف المالي للبنان.
ويضيف حكيم للـ”النهار” أن هذه السلسلة هي قبل كل شيء مطلب محق، فمنذ العام 1997 لم يتم تصحيح الأجور وباستثناء غلاء المعيشة الذي أقر في العام 2008، لم يكن هناك أي دعم للقدرة الشرائية لدى المواطن. من هنا أهمية هذا الموضوع وحق العاملين في القطاع العام بالحصول على الزيادات الموعودة وضرورة التخفيف من أزمة الفئات العاملة. ويقول حكيم: “كوزارة اقتصاد، قمنا بمحاكاة لدرس التداعيات وهناك حلول ممكنة لاقرار السلسلة من دون أن يكون هناك تداعيات على الاقتصاد. وهذا العمل أتى من عدم رغبتنا في الانطلاق بخطوة كهذه من دون معرفة دقيقة لموارد التمويل وتأثيرها على النفقات العامة والايرادات وتبعاتها على نسب النمو وفرص العمل، وبالتالي تأثيرها على كلفة العمالة ونسب البطالة. ولكن نتائج الدراسات التي قمنا بها تدفعنا الى القول أن اقرار السلسلة بحالتها ستكون مغامرة كبيرة”.
وعن المصادر المحتملة لتمويل هذه السلسلة، يذكر حكيم بوجود 4 صيغ لمصادر التمويل. ويضيف: “من خلال درسنا لهذه الصيغ الأربع المقدمة، تبين لنا أنه لا يوجد تمويل كاف لتغطية السلسلة الا في حال حرمان الأساتذة من الـ 6 درجات الاستثنائية. وهذا شيء غير عادل، لذا اقترحنا ان يتم تمويلها عبر اهم الاصلاحات المتمثلة بالسيطرة المالية على المرافئ العامة”.
وعن امكان زيادة الـ TVA لتمويل جزء من سلسلة الرتب والرواتب وتداعيات هذا الاجراء على العجلة الاقتصادية، يقول حكيم :” في الحقيقة كانت هناك نتيجة حتمية توصلت اليها اللجان أنه لاقرار السلسلة مع الست درجات للعمال يجب زيادة الـ TVA من 10 الى 15%. وهذا مُضر بالاقتصاد لأنه يضرب القدرة الشرائية التي هي عنصر أساسي للاستهلاك. من هناك قلت إنني ضد زيادة 5%.” وحول امكان دفع السلسلة من دون تقسيط في حال توفّر التمويل اللازم لها، يقول حكيم: “نحن نعرف أن ضخ الأموال له عواقب سلبية على الثبات النقدي عبر تداعيات تضخمية وبما أن مصرف لبنان يضع سقفاً للتضخم فهو الوحيد القادر على الاجابة عن حجم الكتلة النقدية التي يمكن ضخها في الاقتصاد من دون تخطي هذا السقف”.

الاصلاحات
وفي سياق آخر، وحول اهمية التعجيل في تنفيذ اصلاحات اقتصادية شاملة في لبنان، يعتبر وزير الاقتصاد آلان حكيم ان الاصلاح أولوية ملحّة، ومن غير المسموح أن نتأخر في تنفيذه أكثر مما تأخرنا. ومن هنا كشف حكيم للـ “النهار” عن خطة بدأت الوزارة العمل عليها وهي عبارة عن برنامج نهوض اقتصادي يشمل كل القطاعات بهدف طرحه على المعنيين من هيئات اقتصادية لبيان الرأي ليصار عند اكتماله عرضه على مجلس الوزراء. ويتمحور هذا البرنامج على دعم الاستثمارات عبر توفير القروض الميسرة للقطاع الخاص، ووضع سياسة ضريبية مواتيه تسمح بانماء متوازن في جميع المناطق وتسهيل المعاملات الادارية، وفتح أسواق جديدة للشركات اللبنانية في الخارج وتحفيز الاستهلاك الداخلي عبر تأمين فرص عمل جديدة. وكل ذلك يجب أن يترافق مع الخطط الموضوعة للاصلاحات الادارية والاقتصادية والمالية بحسب الوزير حكيم بهدف محاربة الفساد والاهدار في المرافئ العامة وتدعيم هيكلية الاقتصاد عبر تقوية القطاعات الانتاجية واقرار الشركة ما بين القطاع العام والقطاع الخاص وغيرها من الاصلاحات.

الاستراتيجية الحرارية
بالانتقال الى ملف آخر والخاص بوضع وزارة الاقتصاد والتجارة لاستراتيجية حرارية شاملة للبلاد، يؤكد حكيم ان كثيراً من الدول بنت استراتيجياتها على تحسين القدرة التنافسية وذلك بتخفيض الكلفة الاجمالية على الاقتصاد. وهذا الأمر يمرّ عبر خفض الكلفة الحرارية على الاقتصاد والتي تشكل نسبة كبيرة من مجمل الكلفة. اضاف: “ان المشكلات الرئيسية التي تواجه القطاع الحراري في لبنان هي في معظمها مشكلات هيكلية ترتبط بهيكلية سوق العرض وسوق الطلب، ومعالجتها تتطلب اصلاحات هيكلية في قطاعات عدة، ولتحقيق هذه الاصلاحات، يتوجب التصدي لعدد من التحديات الأساسية وأهمها:
خفض سعر الطاقة على الشركات والأسر والتي هي من الأعلى عالمياً، ما يُخفّض القدرة التنافسية للاقتصاد اللبناني.
خفض نسبة التعرض الكبير لاستيراد الطاقة الأحفورية على أنواعها والتي تجعل من لبنان عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، وهذا الأمر مُضرّ بربحية الشركات والقدرة الشرائية للمواطن”.

مؤتمر باريس
وكان الوزير حكيم قد شارك أخيراً في مؤتمر المصارف العربية في العاصمة باريس حيث كانت له كلمة شدد في مستهلها على ضرورة التعجيل في انتخاب رئيس جديدة للجمهورية لتحصين الاقتصاد. وحول هذا المؤتمر يقول: “ان القمة كانت ناجحة جداً وشكلت نقطة تبادل بناَء للأفكار والخبرات بين أصحاب القرار واللاعبين الاقتصاديين. فدرس الاصلاحات الواجب اتخاذها لدعم الاقتصاد واستدامته، له الأولوية حتى ضمن نطاق حكومتنا. ولبنان سيكون من أول المستفيدين اذا ما طبق توصيات هذا المؤتمر والتي هدفت الى كيفية دعم الاقتصاد وحماية النظام المالي من الأزمات الاقتصادية”.